قبل أكثر من عامين، عينت إيران أحد أبرز رجالها المخلصين لمشروع الملالي ليكون مسؤولًا عن قيادة أعلى هرم في سلطة الميليشيات بمنطقة البوكمال الحدودية شرق سوريا، وهو "الحاج عسكر" الإيراني شخصية ظلت غامضة لفترة طويلة.
شبكة عين الفرات" نشرت تقريراً كشفت فيه تحركات "الحاج عسكر" وبعض المعلومات التي تناولت المقار التي يزورها.
يظهر "الحاج عسكر" الذي يتزعم ميليشيا "الحرس الثوري" في منطقة البوكمال في مخبأه الجديد بعد حوالي أسبوعين من تواريه عن الأنظار على إثر استهداف مقره بطائرة درون، هذا الظهور النادر للقيادي إيراني الجنسية يعد استثنائيا من حيث المكان والسبب، حيث كشفت مصادر أن ثمة تحركات مشبوهة واستعدادات سرية لـ ميليشيا "الحرس الثوري" و"حزب الله اللبناني" في منطقة البوكمال شرقي دير الزور، لجمع معلومات لهجوم لم تعرف تفاصيل الجهة المستهدفة به.
كما يظهر في التسريبات المصورة مقر ميليشيا "شعيب" الإيرانية التابعة "لحزب الله العراقي" والتي يقودها المدعو "أبو الفداء" قرب شاطئ نهر الفرات في قرية السويعية شرقي مدينة البوكمال، والمحاذية للحدود العراقية.
ويحمل (عسكر) منظاراً عسكرياً وهو -وفق المصادر- جزء من مهمة موكل إليه لرصد منطقة الباغوز الخاضعة للتحالف الدولي وقسد شرقي الفرات.
ووثقت الشبكة الطريق الذي سلكه "الحاج عسكر" للوصول إلى مقر شعيب الإيراني بسيارته بيضاء اللون، برفقة سيارة أخرى تحمل نفس المواصفات بهدف استطلاع الطريق.
قبل أن تأتي سيارة أخرى لتأمين المكان مع وصول عسكر لرصد تحليق أي طائرة مسيرة في أجواء المنطقة، بعد خروجه من مقر ميليشيا "سيد الشهداء" في قرية الهري الذي زادت اجتماعاته مع "سيد أحمد" مسؤول ميليشيا "سيد الشهداء" منذ بداية شهر أيار الماضي، وسلك طريق جسر السويعية ووصولاً لمقر شعيب الإيراني.
المقر الذي زاره "الحاج عسكري" استولت عليه ميليشيا "حزب الله العراقي" في وقت سابق وحفرت خنادق بمحيطه، ونشرت نحو 70 عنصرا جميعهم يحملون الجنسية العراقية، ومدربين على مهام خاصة مشاة وأعمالهم تنشط ليلاً مع المراقبة نهاراً، وتمكنت الشبكة من تحديد الموقع بدقة حيث يقع إلى يمين المقر الذي زاره "الحاج عسكري" مقر لميليشيا "شعيب" الإيرانية وبعده مقر آخر تابع "لحزب الله العراقي" وعلى يساره جسر قرية السويعية، وخلفه مقر بسقف أزرق اللون مشددُ الحراسة ويُمنع الدخول إليها إلا من قبل قادة الصف الأول إضافة إلى وجود مرآب للسيارات العسكرية بالقرب منها داخل البساتين لضمان عدم استهدافها.
مقر ميليشيا "شعيب" الإيرانية في قرية السويعية مختص بجمع المعلومات الاستخباراتية عن منطقة شرق الفرات بالتعاون مع الحرس الثوري وحزب الله العراقي عبر ذراع إيران في الشرق السوري المدعو "فرحان المرسومي" الذي ينحدر من قرية الباغوز ويمتلك خلايا نائمة فيها.
إيران تعتمد أيضاً على ميليشيا "شعيب" الإيرانية في عمليات تهريب خلايا لمنطقة شرق الفرات لتنفيذ عمليات تخريبية بالمنطقة، وإغراقها بالمخدرات.
مراسلونا في منطقة البوكمال أكدوا أنَّ جميع التحركات التي تقوم بها الميليشيات الإيرانية سواء المحلية أو الأجنبية تدل على وجود عمل عسكري قريب ضد مواقع أو مصالح مجهولة، وذلك للرد على الضربات الجوية التي استهدفت مقر "الحاج عسكر" قائد الحرس الثوري الإيراني بالبوكمال، و"الحاج دهقان ماجد" مسؤول الاستخبارات بالمنطقة، يوم 21 نيسان/إبريل 2022.
هذا التحركات تترافق مع حدث مشبوه رصدته شبكة مراسلينا وهو دخول شاحنات مغلقة مصفحة ومحملة بحمولة ثقيلة تابعة لميليشيا "الحرس الثوري" ذات شكل غريب ولم تشاهد سابقًا بين شاحنات الميليشيا القادمة من الأراضي العراقية نحو منطقة الكتف بالبوكمال وسط اهتمام من قبل الحرس الثوري، وقسم آخر اتجه نحو مدينة دير الزور برفقة سيارتين عسكريتين من نوع بيك آب مزودتين برشاش مضاد للطيران.
وعقب وصول هذه الشحنات نصبت ميليشيات إيران مؤخراً راجمات صواريخ ضمن منطقة الكتف شمالي مدينة البوكمال باتجاه مناطق "قسد"، بالتزامن مع نشرها منصات إطلاق صواريخ ضمن بيوت المدنيين المدمرة بمحيط مدرسة عبد المنعم رياض بمدينة الميادين، ووجهتها نحو مناطق سيطرة "قسد" شرقي الفرات، وبشكل خاص نحو قاعدة حقل العمر التي تنتشر فيها القوات الأمريكية، بأوامر من "الحاج كُميل" قائد الحرس الثوري بالمنطقة الشرقية وبالتنسيق مع المدعو "حيدرة الإيراني" المسؤول الأمني العام في دير الزور، حيث تم نشر أكثر من 40 منصة مزدوجة للإطلاق تم توزيعها في مدينة الميادين وعلى أطرافها من جهة البادية.
كما وصلت شحنة أسلحة نوعية مضادة للدروع من منطقة تدمر شرقي حمص إلى منطقة الصالحية غربي البوكمال، إضافة لوصول ما يقارب من 180 عنصراً من ميليشيا "الفوج 47" الإيراني بينهم مجموعات اختصاص سلاح نوعي وصواريخ دُربوا في معسكرات تدمر، وتم توزيعهم على عدة مقرات بإشراف المدعو "الحاج مالك" الإيراني مسؤول المنطقة.
هذا النشاط الإيراني بين منطقتي الميادين والبوكمال يترافق مع تحركات مشابهة في مدينة دير الزور، إذ وصل "الحاج مهدي" مسؤول ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في سوريا بزيارة مفاجئة للمدينة وعقد عدة اجتماعات مع قيادات الصف الأول كان آخرها يوم 15-5-2022، وضم الاجتماع كلا من "الحاج كُميل" مسؤول المنطقة الشرقية، و"الحاج علي نور" مسؤول قطاع عياش بالريف الغربي، و"الحاج أميري" مسؤول الدعم والإمداد و"الحاج علي" قائد ميليشيا فاطميون الأفغانية و"الحاج إحسان" مسؤول القطاع الطبي، وتناول كيفية المحافظة على سرية مواقع ميليشيات إيران وإيجاد طريقة لعدم تسريب المعلومات وخاصة بعد وصول شحنات أسلحة.
وترافقت زيارة "الحاج مهدي" لدير الزور مع وصول حافلات مدنية قادمة من ريف حماة تقل عناصر من ميليشيا "حزب الله اللبناني"، فُرز بعضُهم إلى مقرات مدينة دير الزور بإشراف "الحاج كُميل" مسؤول المنطقة الشرقية و"الحاج حيدرة" الإيراني المسؤول الأمني و"السيد جواد" اللبناني القيادي في حزب الله اللبناني، كما فُرز 12 آخرون يحملون الجنسية اللبنانية لصالح مقر "الحاج أبو حامد" مسؤول الحزب بالميادين بالقرب من مركز إنعاش الريف، و18 مدرباً باختصاص الأسلحة النوعية والصواريخ إلى منطقة المزارع جنوبي المدينة.
البوكمال كان لها النصيب الأكبر من العناصر، إذ وصل قرابة من 200 عنصر إلى مقرات "حزب الله اللبناني" في حي الجمعيات والمربع الأمني وقاعدة "الإمام علي" بقيادة المدعو "أبو عزيز" اللبناني مسؤول الحزب بالمدينة والمدعو "أبو زينب" اللبناني مسؤول المقرات في البوكمال، ويأتي وصول عناصر من" حزب الله اللبناني" لعدم ثقة الميليشيات بالعناصر المحليين بعد التسريبات الأخيرة عن شخصيات ومقرات إيرانية في المنطقة، رغم رصد "الحاج عسكر" مكافأة مالية تقدر بحوالي مليوني ليرة سورية لأي شخص يدلي بمعلومات عن أشخاص يتعاملون مع جهات خارجية إعلامياً أو عسـكرياً، بعد ازدياد الهجمات التي استهدفت مقار ومواقع عسكرية تابعة للحرس الثوري، في مدينة البوكمال وريفها، ما يدلل على فشل الميليشيات الإيرانية حتى في مشروعها الاستيطاني الطائفي، وإنشاء حاضنة شعبية لها في الشرق السوري.
إيران إنسايدر