حذرت منظمة "مشروع مكافحة التطرف" في ألمانيا، من النشاط الإرهابي الذي يمارسه حزب الله في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد توسيع الحزب عمليات التجنيد لتعزيز صفوفه من كافة التيارات الدينية والسياسية.
ويعتبر مشروع مكافحة التطرف (CEP) منظمة سياسية دولية مستقلة غير ربحية تعمل على مكافحة التهديد المتزايد الذي تشكله الأيديولوجيات الدينية المتطرفة، وتتخذ من ألمانيا وبلجيكا والولايات المتحدة مقرات لها.
واعتبرت المنظمة في دراسة حديثة لها صدرت قبل أيام، أن حزب الله هو جماعة إرهابية ترعاها إيران وتُفرض عليها عقوبات دولية، وتنفذ عمليات إجرامية في جميع أنحاء العالم على الرغم من أن مقرها يقع في لبنان.
وكشفت أن إيران قامت بنقل آلاف الصواريخ وكميات كبيرة من الأسلحة والمقاتلين وإمدادات أخرى إلى حزب الله، من خلال الحرس الثوري الإسلامي التابع لها، وباستخدام سوريا كنقطة نقل.
وتقول الدراسة إنه، وعلى الرغم من خطاباته التقليدية الداعية إلى تحرير لبنان من الاحتلال الأجنبي، إلا أن حزب الله لم يُخف أنه مدعوم بشدة من قوى أجنبية، أي من النظام الإسلامي الإيراني الذي ساعد في إنشاء جماعة حزب الله في أوائل الثمانينيات من أجل توسيع نفوذ طهران في المنطقة.
وما زاد من تعقيد مكانة حزب الله، أن الجماعة الإرهابية نسجت نفسها في النسيج الاجتماعي اللبناني، وأنشأت جمعيات خيرية وقدمت خدمات في الجزء الجنوبي من البلاد حيث تضعف سلطة الحكومة، وقد عززت هذه الخدمات الاجتماعية من شعبية الحزب بما يكفي للسماح له بأن يصبح جزءاً من الهيكل السياسي اللبناني، حيث ومنذ عام 1992، كان لحزب الله وجود ونفوذ كبير في البرلمانات والحكومات اللبنانية المتعاقبة.
الولاء لإيران
تؤكد دراسة منظمة "مشروع مكافحة التطرف" أن حزب الله هو أولاً وقبل كل شيء أداة للنظام الإيراني، والجماعة صريحة في خضوعها لمراسيم المرشد الأعلى الإيراني، وتتمسك بفلسفة الخميني في ولاية الفقيه، والتي تدعو إلى الحكم المطلق لرجل دين واحد على شؤون الدين والدولة، وقد استخدم الخميني هذا المفهوم للاستيلاء على السلطة المطلقة بصفته المرشد الأعلى لإيران، وتعهد حزب الله بالولاء للخميني وخليفته علي خامنئي.
وكان قادة الحزب صرحوا في عدة مناسبات بأن ولاية الفقيه هي "سبب تأسيس حزب الله".. وكوكيل لإيران، فإن بيئة التهديد المتصورة لحزب الله تكاد تكون متطابقة، فأعداء طهران هم أعداء حزب الله.
وتقدم الحكومة الإيرانية الغالبية العظمى من ميزانية حزب الله، ووفقاً لوكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية سيغال ماندلكر في 2018، فإن إيران تزود حزب الله بما يصل إلى 700 مليون دولار سنوياً، أي أكثر من ثلاثة أضعاف التقديرات السابقة، وذلك على الرغم من الآثار المدمرة على الاقتصاد الإيراني الناتجة عن العقوبات الدولية بسبب برنامجها النووي.
ويتم تمرير الدعم المالي والعسكري الإيراني إلى حد كبير إلى حزب الله من خلال فيلق القدس، فرع النخبة في الحرس الثوري الإيراني.. كما قدرت وزارة الدفاع الأمريكية أن إيران قدمت ما يصل إلى 600 مليون دولار لحزب الله لشن وإدارة حملاته السياسية، فيما قدرت المخابرات الإسرائيلية أن طهران زودت حزب الله مباشرة بأكثر من مليار دولار إضافية من نهاية حرب 2006 إلى 2009.
وللمساعدة في تسهيل تحويل الأموال إلى حزب الله ووكلائه الآخرين، أنشأت إيران شبكة مؤسسة الشهداء الخيرية، وفقاً للولايات المتحدة، شارك أعضاء بارزون في مؤسسة الشهداء في لبنان بشكل مباشر في عمليات حزب الله خلال حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، وتتهم الحكومة الأمريكية مؤسسة الشهداء بتحويل الأموال إلى حزب الله وحماس وجماعات إرهابية أخرى في بلاد الشام.
وأنشأت مؤسسة الشهداء منظمة النوايا الحسنة الخيرية، وهي مكتب لجمع التبرعات في ديربورن بولاية ميشيغان الأمريكية، والتي عملت كمنظمة واجهة لحزب الله وقدمت تقاريرها إلى مؤسسة الشهداء في لبنان، والتي طالتها عقوبات واشنطن على غرار الحزب نفسه.
وعلى الرغم من ذلك فإن الأمين العام للحزب حسن نصر الله نفى في 2016 أن يكون لحزب الله أي مشاريع تجارية خارجية أو مصادر دخل غير إيران، وقال في خطاب علناً: "نحن منفتحون على حقيقة أن ميزانية حزب الله ودخله ونفقاته وكل ما يأكله ويشربه وأسلحته وصواريخه تأتي من جمهورية إيران الإسلامية".
ورداً على العقوبات المالية الأمريكية، حذر نصر الله من أنه "طالما إيران لديها أموال، فلدينا أموال.. مثلما نتلقى الصواريخ التي نستخدمها لتهديد إسرائيل، فإننا نتلقى أموالنا.. لن يمنعنا أي قانون من الحصول عليها".
وبحسب ما ورد في الدراسة الألمانية تم إجبار حزب الله على خفض ميزانيته في عام 2019، استجابة لانخفاض التمويل من إيران نتيجة تجدد العقوبات الأمريكية على هذا البلد في عام 2018، ووفقاً لتقارير من أعضاء حزب الله، فقد تم إعادة تعيين المقاتلين أو إبعادهم مقابل رواتب مخفضة أو من دون رواتب.. كما قامت مجموعة المنار الإعلامية التابعة لحزب الله في لبنان بتسريح موظفين وألغت برامج تلفزيونية.
الإخلاص للقيم الدينية
تقول الدراسة، إن حزب الله يعتمد بشكل أساسي على الولاء الديني، ومعارضة إسرائيل، والإخلاص للقيم الشيعية كأدوات للتجنيد، واستثمر حزب الله في برامج تستهدف كل مرحلة من مراحل تعليم الشباب اللبناني، من المدرسة الابتدائية إلى الجامعة، حيث يدير الحزب شبكات من المدارس والجمعيات والبرامج الدينية في جميع أنحاء لبنان.. ومن خلال استهداف الشباب، يكتسب حزب الله مجندين جدد ويبني الدعم المحلي المسؤول عن نجاحاته الانتخابية.
ويقدم جناح الشباب في حزب الله جمعية "كشافة المهدي"، برامج شبيهة ببرامج الكشافة الأمريكية، باستثناء أنه يلقن دعم الفكر الديني وأيديولوجية حزب الله، ويعرض الكشافة صوراً للقائد السابق للثورة الإسلامية الإيرانية روح الله الخميني ويتعهدون بالولاء لحزب الله.. ويتقدم الخريجون ليصبحوا مجندين في حزب الله أو يساهمون في الدعم المحلي.
ويدير حزب الله أيضاً معسكرات صيفية ورحلات ميدانية وبرامج للعطلات الدينية، كما يحافظ على مجموعات للتواصل مع الطلاب في المدارس غير المنتسبة لشبكة المعلمين الدينيين التابعة له في جميع أنحاء البلاد والمكلفة بتعزيز أهداف حزب الله.
واعتباراً من 2018، ورد أن حزب الله جند ما يصل إلى 2000 مقاتل جديد من المتمردين، الذين كانوا مدعومين سابقاً من الولايات المتحدة في سوريا ضد بشار الأسد، وتحويلهم بالتالي إلى قوة عسكرية جديدة موالية لدمشق في جنوب البلاد على طول الحدود الإسرائيلية والأردنية، ويُزعم أن حزب الله يدفع راتباً شهرياً قدره 250 دولاراً ويضمن الحماية لهؤلاء المقاتلين من الاعتقال من قبل قوات النظام السوري.