تعرضت "كتيبة الكيماوي" الواقعة ضمن سلسلة جبال تدمر الشرقية، على مسافة أكثر من 60 كيلومترا جنوب مدينة تدمر، لهجوم عنيف من قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة؛ حيث نقلت الميليشيات الإيرانية قبل ساعات من استهدافها، أسلحة متطورة إلى ما يعرف بـ "كتيبة الكيماوي" التي تخضع للحرس الثوري الإيراني وميليشيات تابعة لإيران ومن أبرزها ميليشيا (فاطميون) الأفغانية و(النجباء) العراقية.
تزامن الهجوم على القاعدة الإيرانية مع جملة من التحولات والإثارات المتعلقة بالذكرى الثانية لمقتل قاسم سليماني و"زلمته" في العراق أبو مهدي المهندس في ضربة جوية أميركية مؤلمة لملالي طهران في محيط مطار بغداد مطلع عام 2020.
هذه الضربات الموجعة المتكرّرة، أتاحت لإسرائيل فرصة تحقيق مكاسب متتالية في المجال العسكري لضرب إيران في كل المناطق الواقعة تحت نفوذها، وكمثال جديد، الهجوم على ميناء اللاذقية، الذي استهدف ساحة الحاويات، وفق ما أفاد إعلام نظام الأسد، وهو ثاني استهداف من نوعه لهذا المرفق الحيوي خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
الاستهداف الإسرائيلي طال شحنة أسلحة إيرانية مخزّنة في ساحة الحاويات، إضافة إلى الهجمات العنيفة بالصواريخ والطائرات غير المأهولة (من دون طيار)، التي تشنها على المواقع الإيرانية في الجنوب السوري وعمق سوريا في كل حين. وفق اتفاقها مع روسيا، مما يحقق لإسرائيل مكاسب عديدة بوصفها الطرف الأكثر قدرة في ضرب إيران.
ويعتقد بعض المحللين أن الهدف الأبرز من القصف الجوي الأميركي على "كتيبة الكيماوي" الإيرانية يقتصر على ما قد يحققه من ردع عسكري لإيران، لكنه يشير في توقيته، وتداعياته، إلى أن هدفه الأساسي سياسي، مع ما ينطوي عليه ذلك من أهدافٍ عسكريةٍ، تحقق استراتيجية "الردع المؤلم"؛ وفي السياق، صرح البنتاغون أن "أحد أسباب قصف مواقع في سوريا هو اعتقادنا أنها كانت ستستخدم لشن هجمات. وجنودنا لا يزالون عرضة للخطر وعلينا أن نتعامل مع هذا التهديد على محمل الجد". حيث لا نيَّة لواشنطن، الآن، في خوض معركةٍ ضد إيران؛ فأقصى ما تهدف إليه توجيه ضربات جوية مؤلمة، تحقق أهدافا، في عدة مجالات سياسية وأمنية هامة. ومنها صرف تفكير إيران عن محاولة توجيه تهديدات ضد القوات الأميركية في قاعدة التنف بغية استخدامها ورقة ضغط على طاولة المفاوضات بخصوص الاتفاق النووي.
وتبرز أهمية قاعدة التنف من الناحية الاستراتيجية، كونها نقطة ارتكاز مثلث تتكون أضلاعه من سوريا والعراق والأردن، وهذه الأهمية تنبع من ارتباط هذا المثلث بممرات تدفق الأسلحة الإيرانية إلى سوريا ولبنان، وما تدرُّه من عوائد مالية جراء تجارة المخدرات التي تدعم خزينة إيران.
استهداف كتيبة الكيماوي بهذه المفاجأة المؤلمة لإيران، مع احتمال كبير أنها لن تكون الضربة الأخيرة؛ ستخلّف تبعات اقتصادية عديدة، تتعلق بتدفق الأسلحة الإيرانية إلى سوريا، عبر ممراتها المعروفة. ويرتبط هذا الأمر ارتباطًا وثيقًا بتواجد ميليشياتها في البادية السورية، وتتكفل إسرائيل في الموانئ والمطارات التي تستغلها إيران في أنشطتها العسكرية.
إيران إنسايدر - (تركي مصطفى)