حذر مسؤولون مغاربة من نشاط إيراني المتنامي في القارة الإفريقية، مرجعين ذلك النشاط لعوامل أبرزها الانتهازية الاستراتيجية حيث تنمو القارة الإفريقية في الأهمية الاقتصادية والسياسية العالمية.
وعنونت مجلة "ناشونال انترست" مقالا لها "رسالة المغرب: احذروا توسعات إيران في أفريقيا"، حيث قال كاتبه إيلان بيرمان، وهو النائب الأول لرئيس مجلس السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن، بينما تركز إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على الدبلوماسية النووية المتجددة مع إيران، فإنها تخاطر بفقدان الإشارات الواضحة على أن النظام الإيراني يكثف نشاطه في مسرح استراتيجي مهم هو شمال أفريقيا، ناقلا عن مسؤول رفيع المستوى، قوله "لم يعد من الدقة الحديث عن إيران في غرب إفريقيا.. الإيرانيون في جميع أنحاء القارة الآن".
وأشار الكاتب إلى أن النظام الإيراني يبني وجودا إقليميا مستداما من خلال إنشاء مراكز ثقافية واتصالات غير رسمية في جميع أنحاء القارة، كما يستفيد من الشتات اللبناني المهم والمتعاطف الموجود في مختلف الدول الإفريقية بقصد العمل.
وأكد الكاتب أن هناك أيضا أدلة موثوقة على أن إيران تعمل مع مجموعات إقليمية متطرفة، وعلى سبيل المثال، من خلال العمل من خلال ميليشيا حزب الله اللبنانية، دعمت إيران جبهة البوليساريو اليسارية منذ عام 2017 على الأقل، (وكان هذا التعاون مقلقا للغاية لدرجة أن المملكة المغربية قطعت العلاقات الدبلوماسية رسميًا مع إيران في عام 2018 نتيجة لذلك).
وقال خبراء أمنيون، إن وفود البوليساريو سافرت أيضا إلى لبنان للتدريب، وبالمثل هناك لإيران الآن وجود كبير في موريتانيا المجاورة وتونس المجاورة، ويعتقد أنها تنشط في كلا البلدين في القيام بعمليات التجنيد.
وبين الكاتب أن هذا النمط من النشاط مألوف للغاية، فهو يعكس عن كثب جهود إيران السابقة منذ ما يقرب من عقد ونصف، لاختراق أمريكا اللاتينية وخلق "ساحة دعم" في نصف الكرة الغربي لمساعدتها على تجنب العقوبات الدولية، وتعزيز العلاقات مع الأنظمة المتعاطفة المعادية لأمريكا، وإقامة قدرة تشغيلية كامنة يمكن حشدها ضد الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بدوافع وطابع النشاط الإيراني الجديد، يشير المسؤولون المغاربة إلى عدد من العوامل، الأول هو الانتهازية الاستراتيجية، حيث تنمو القارة الإفريقية في الأهمية الاقتصادية والسياسية العالمية، والثاني هو جهود النظام الإيراني لتخفيف ضغط سياسة "الضغط الأقصى" لإدارة ترامب، والتي نجحت بشكل كبير وسلبي في التأثير على الاقتصاد الإيراني على مدى العامين الماضيين، والثالث، وربما هو الأكثر إثارة للقلق في السياق المحلي، هو أن إيران كانت مهتمة بشكل أكبر بإفريقيا منذ مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020، مما زاد المخاوف بين المسؤولين المحليين من أن طهران قد تنتقم في النهاية من خلال استهداف المصالح الأمريكية، أو حلفاء في القارة.
وأثار هذا النشاط قلقا متزايدًا في العاصمة الرباط، التي كثفت جهودها لمراقبة أنشطة إيران وأنشطة وكيلها الرئيسي، حزب الله، في جوارها المباشر، وتعتبر الحالة النهائية المنشودة للجمهورية الإسلامية، كما يعتقد المسؤولون المغاربة، تعزيز السيطرة على المسلمين الشيعة في القارة، واستخدام هذه المجموعة كأداة سياسية لتشكيل السياسة الإقليمية، وخلق قدرة تشغيلية كامنة يتم من خلالها الانتقام من الولايات المتحدة.
وبالنسبة لإدارة بايدن، انشغلت منذ توليه منصبه في كانون الثاني/ يناير، في إعادة التواصل مع طهران، وإحياء الاتفاق النووي، كأولوية قصوى في السياسة الخارجية، ولم تنتبه إلى أنشطة إيران الخبيثة الأخرى، ورأي الكاتب أنه إذا كان للإشارات القادمة من الرباط أي مؤشر ، فإن ذلك قد ينتهي به الأمر إلى خطأ مكلف، حيث يقوم النظام الإيراني الراديكالي ببناء وجود إفريقي، قادر على تهديد أمريكا وشركائها المحليين.
إيران إنسايدر – (ترجمة فتحية عبدالله)