جددت الطائرات الروسية الغارات على ريف جسر الشغور بمنطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب، مخلفة مجزرة راح ضحيتها سبعة مدنيين جلهم من الأطفال، صباح اليوم الجمعة.
جاءت الغارات بعد انقطاع طويل وعقب أيام من قمة رعاة أستانا في العاصمة الإيرانية طهران، وبعد يوم من إعلان روسيا اسقاط طائرات مسيرة فوق او بالقرب من مطار حميميم أكبر قاعدة عسكرية روسية في سوريا.
على الرغم من التصريحات الروسية والتركية والإيرانية بالحفاظ على خفض التصعيد في منطقة إدلب، إلا أن الوقائع تشير إلى العكس، كما أن الغارات الجوية الروسية واستهدافها المركّز لأهداف مدنية، أسفرت عن ضحايا مدنيين، يعدٌّ مؤشراً على تصعيد ما، أو أنه رسائل نارية مخضبة بدماء الأبرياء.
وفي هذا الشأن، يقول الباحث الأكاديمي في "بلدي نيوز" تركي مصطفى، إن "التصعيد الروسي في الشمال الغربي من سوريا يأتي بعد أيام قليلة على "قمة طهران"، التي عُقدت الثلاثاء الماضي، ما يؤكد أن لقاء الثلاثي الضامن (تركيا، روسيا، إيران) هشاً، ولا يؤسس لحالة استقرار أمني في محافظة إدلب. ومع الإصرار التركي على تنفيذ العملية أعلنت روسيا عن تصديها لطائرات مسيّرة هاجمت مطار حميميم وذلك بهدف إعاقة العملية العسكرية التركية".
وأضاف، "تشير معطيات مجزرة جسر الشغور إلى أن تركيا لم تحصل على الضمانات الكافية من روسيا بتنفيذ العملية العسكرية من دون أي مشاكل إضافية، كما تبدو المجزرة رداً صريحاً من الروس ضد التوجهات التركية، وعلى الرغم من عمق الخلافات، إلا أن الجانبين الروسي والتركي حريصان حتى اللحظة على بقاء العلاقات بينهما، خشية الانزلاق إلى مواجهات عسكرية مفتوحة على كل الاحتمالات يصعب التحكم بمآلاتها".
من جهة أخرى، يرى الباحث مصطفى، أن القصف الروسي بالإضافة لدلالاته السياسية الكبيرة، فإنه يستهدف المدنيين بقصفهم للضغط عليهم، مع إدراك موسكو أن هذا القصف عبثي وأن الحل في سوريا سياسي يقوم على خروج بشار الأسد من السلطة، لأن هذا القصف لن ينجح في إجبار السوريين على قبول أي حل يُبقي الأسد في المعادلة السياسية.
بدوره، يقول الباحث الأكاديمي الدكتور عبدالناصر جاسم، "إن قمة طهران لم يحصل فيها اتفاق ولا جديد"، مضيفا أن المصالح متباينة بين الدول الثلاث.
وقال إنه على السوريين ألا ينتظروا نتائج في صالح وصلب الثورة من اجتماع أو لقاء لم يكونوا فيه.
وأشار إلى أن الرسالة التي تريد روسيا إيصالها مفادها أنها لم تغير منطق تعاملها مع السوريين، وهو منطق البلطجة والقوة، سواء المعارضين من خلال القصف والقتل أو حتى النظام الحاكم وهو منطق الابتزاز والإذلال.
وأضاف الجاسم، أنه يمكن تلخيص الهدف من الغارات الروسية والمجزرة التي ارتكبتها في جسر الشغور، بأنه رسائل لتركيا عبر ما يمكن تسميته الذراع الطويلة لروسيا، وهي الطائرات الحربية التي تستهدف عمق مناطق النفوذ التركي وسيطرة المعارضة متى شاءت، وجاء ذلك على خلفية التجاذبات بينهما في قمة طهران، أي التعنت الروسي لمنع العملية العسكرية أمام الإصرار التركي، لذا خلقت روسيا ذريعة الطائرات المسيرة فوق حميميم والتي يعقب كل حادثة من هذا النوع ارتكاب مجزرة بحق المدنيين في الرد عليها.
وأردف الباحث بقوله، إنه أمام تعقيدات المشهد السوري سياسيا وعسكريا، وتشابك المصالح الدولية على المسرح السوري، تكون كل المآلات والسيناريوهات مطروحة وممكنة، إلا أن خيار عمل عسكري من جانب الروس والنظام على مناطق سيطرة المعارضة في إدلب يبقى مستبعدا، لأن المعطيات العسكرية على الأرض لا تؤشر على أي تحرك أو معركة من الجانبين، وما يدور من أحاديث عن تجهيز هيئة تحرير الشام التي تسيطر على إدلب لمعركة عسكرية، يبقى في إطار التهديد ولا يرقى إلى تجهيز حقيقي لمعركة ستكون كبرى إن بدأت، بسبب التمسك الروسي والإيراني والنظام بما سيطروا عليه.
ويرى الجاسم أن المناخ السياسي العام والحرب الروسية على أوكرانيا تجعل من الصعب فتح معركة عسكرية من جانب روسيا في أي مكان آخر، إذ أنها تسعى لتسكين الجبهات وعدم كسب أعداء جدد لها.
بلدي نيوز