بعد "مسرحية الانتخابات".. هل تعيد الدول العربية علاقاتها مع نظام "الأسد"؟

هشام حسين
مقعد سوريا في جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها
مقعد سوريا في جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها

بعد أن أتمّ نظام الأسد مسرحية الانتخابات التي انتهت بفوز بشار الأسد بنسبة 95 بالمئة، بدت الدول العربية، خاصة في الخليج، متعاطفة معه، وفقا لمجلة "فورين بوليسي"، وبدأ "أصدقاء سوريا العرب"، الآن بعد أن عززت الانتخابات من قبضة الأسد على السلطة، بالضغط من أجل تخفيف العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة.

حتى سنوات قليلة ماضية، كان الأسد لا يزال شخصا غير مرغوب فيه في العالم العربي، الآن تمت إعادة تأهيله بالكامل تقريبا، يبدو أنها مسألة وقت فقط حتى يعود كعضو يتمتع بسمعة طيبة في جامعة الدول العربية، التي علقت عضوية سوريا في 2011.

ولطالما كانت لبنان والعراق والجزائر والسودان من أنصاره وطالبوا بإلغاء الحظر، لكن الآن المعارضين السابقين للنظام السوري ، الذين احتشدوا ذات مرة ضد الأسد، يعاملونه أيضا كحليف ضد طموحات الدول غير العربية في المنطقة، بما في ذلك تركيا وإيران.

قامت الإمارات العربية المتحدة ومصر بتوطيد العلاقات مع نظام الأسد في سوريا، فتحت الإمارات أبواب سفارتها في دمشق العام الماضي، ولكن حتى أثناء الحرب السورية، قدمت الإمارات العربية المتحدة ملاذا للنخب السورية، بما في ذلك رجال الأعمال وحتى أفراد عائلة الأسد.

ومع دعم روسيا عسكريا للنظام وتراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة، مما يضمن بقاء الأسد، رآه الإماراتيون كعضو مفيد في تحالف مناهض لتركيا وجماعة الإخوان المسلمين.

وقال نيكولاس هيراس، المحلل البارز في معهد نيولاينز، إن "الدول العربية التي تشعر بالقلق من أن تصبح شعوبها مضطربة وتتحول إلى معارضة مسلحة ضدها، مهتمة الآن بتعلم الحرف التقليدية الاستبدادية من نظام الأسد".

وفي غضون ذلك، قدمت المملكة العربية السعودية مبادرات لإبعاد الأسد عن شراكته الاستراتيجية مع إيران.

ويريد السعوديون والإماراتيون دفع تكاليف إعادة إعمار سوريا والسعي إلى التعاون الاستخباراتي مع الأجهزة الأمنية السورية، لاحتواء الإسلاميين السياسيين المحليين، فضلا عن استخدام المساعدة المالية لمواجهة النفوذ الإيراني في الأراضي العربية.

وقال سامي حمدي، مستشار المخاطر الجيوسياسية في المملكة المتحدة، إن الأسد محبط بالفعل من تقويض وكالته من قبل موسكو وحتى طهران. وستعطيه التحالفات الجديدة مساحة للعب ضد روسيا وإيران.

وأضاف "بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على نحو متزايد في تبني خطاب قومي عربي، ويعتقد أنه قد يكون من الممكن كسر الروابط بين إيران وحلفائها العرب من خلال مناشدة القواسم المشتركة العربية المتمحورة حول العرق".

وتابع "لقد غيّر توسع تركيا أيضا أولويات دول الخليج وجعل الأسد حليفا محتملا".

وقالت مراسلة المجلة "ربما كان العمل على الوفاق بين سوريا وخصومها العرب السابقين قد استغرق وقتا طويلا، في عام 2017، في زيارة إلى سوريا، أخبرني العديد من المسؤولين السوريين أن "الأشقاء العرب" سيدفعون الملايين اللازمة لإعادة الإعمار، لقد حيرني ذلك حينها، حيث كانت بعض الجماعات المدعومة من السعودية لا تزال تقاتل النظام في المناطق القريبة من دمشق".

وأضافت "بعد عام، أشارت لي مصادر لبنانية مقربة من النظام السوري إلى أن السعوديين بدأوا تعاونا استخباراتيا مع الأسد، وكان من السابق لأوانه تصديقهم، وفي أوائل الشهر الماضي، أشار اجتماع بين رئيس المخابرات العامة السعودية، الفريق الركن خالد الحميدان، ونظيره السوري اللواء علي مملوك، إلى تقارب، وتعد قطر الدولة العربية الوحيدة التي تقف ضد الأسد، لكن الخبراء يقولون إنه حتى الدوحة تدرك أنه لا يوجد الكثير لتكسبه من مقاومة ما لا مفر منه، على الرغم من أن قطر لا تزال رسميا على رفضها".

قال جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة Gulf State Analytics، وهي شركة استشارية للمخاطر الجيوسياسية مقرها واشنطن، إنه لا يعتقد أن إدارة بايدن ستعاقب الحكومات العربية لقبول عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

 لكنه أضاف أنه لا يعتقد أيضا أن بايدن سيرفع العقوبات بموجب قانون قيصر ويسمح بالاستثمار في سوريا.

وأضاف كافييرو، "نتيجة هذه العقوبات المعوقة التي فرضتها الولايات المتحدة على دمشق، أعتقد أن إيران ستكون في وضع قوي لاستغلال الوضع وتعزيز نفوذها في سوريا، هذا سبب رئيسي لعدم ارتياح بعض دول مجلس التعاون الخليجي لاستمرار إدارة بايدن في فرض عقوبات عهد ترامب على دمشق".

يزعم عدد متزايد من مراقبي واشنطن أيضا، أنه نظرا لأن إدارة بايدن حريصة على التمحور في آسيا والقيام بأقل قدر ممكن في الشرق الأوسط، فقد قررت تسليم معظم عمليات صنع القرار إلى الجهات الفاعلة الإقليمية، طالما أنها يمكنها تأمين مصالحها ومصالحها.

لقد استسلمت الولايات المتحدة بالفعل لحقيقة أنه لا توجد طرق قابلة للتطبيق للإطاحة بنظام الأسد، وهي الآن تستكشف جدوى إنشاء نموذج عراقي، يُمنح فيه الأكراد حكما ذاتيا، وبالتالي يكونون بمثابة نفوذ أمريكي على السياسة، في دمشق، بنفس الطريقة التي يعمل بها كردستان العراق كوسيلة ضغط أمريكية على بغداد.

وأظهرت حقيقة إجراء الانتخابات في سوريا المنقسمة، أن الأسد ربما يوافق على الوضع الراهن، وهو انقسام ثلاثي، إذا أنهى ذلك وضعه المنبوذ، ويأمل الأسد وحلفاؤه أن تنظر الولايات المتحدة في الاتجاه الآخر، بينما يعيدون بناء الدولة التي مزقتها الحرب، لكن ليس من الواضح بعد ما إذا كانت إدارة بايدن ستنظر حتى في نهج تدريجي لتخفيف العقوبات مقابل الإصلاح.

وفي كلتا الحالتين، فإن الدول العربية المنغمسة في مخاوفها الأمنية وتغذية تطلعاتها الإقليمية، لديها أسبابها الخاصة لمواصلة الوقوف إلى جانب الأسد.

إيران إنسايدر – (هشام حسين)


العراق السعودية سوريا ايران النظام السوري بشار الاسد الامارات الانتخابات الرئاسية في سوريا