قال الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري، إن رئيس الجمهورية ميشال عون يمتلك باعا طويلا في تعطيل تشكيل الحكومات، مضيفا أنه "لن يشكل الحكومة كما يريدها فريق عون، ولا كما يريدها اي فريق سياسي بعينه".
وقال الحريري، في جلسة لمجلس النواب، يوم السبت، بعد رسالة وجهها عون للمجلس لاتخاذ قرار بشأن تكليف الحريري، "في الشكل، نحن أمام رئيس للجمهورية يمارس حقا دستوريا في توجيه رسالة للمجلس النيابي، يطلب منه مناقشتها واتخاذ ما يراه مناسبا بشأنها. لكن في الحقيقة، نحن أمام رئيس للجمهورية يقول للنواب: سميتم رئيسا للحكومة، أنا لا أريده، ولن أسمح له بتشكيل حكومة، تفضلوا وخلصوني منه".
وأضاف "لقد قلت منذ اليوم الأول، لقبولي لهذه المهمة الوطنية النبيلة والخطيرة في آن معا، وللتحديات الهائلة الماثلة أمامنا، بأنني لن أشكل إلا حكومة اختصاصيين غير حزبيين، والتي باتت تشكل شرطا مسبقا لأي دعم خارجي، والمفصلة في خارطة الطريق التي باتت معروفة باسم المبادرة الفرنسية".
وتابع "نحن أمام رسالة يوجهها فخامة الرئيس للمجلس النيابي، وفي ذلك بارقة امل بأن فخامته يعترف بالمجلس النيابي، لندعوه إلى الاعتراف بأن المجلس النيابي انتخب رئيسا للجمهورية، وأن المجلس النيابي أيضا، سمى رئيسا للحكومة".
وقال الحريري "ما على فخامة الرئيس إذن إلا الإفراج عن التشكيلة، لتذهب الحكومة إلى المجلس النيابي، فإذا فشلت في نيل الثقة، يكون قد تحقق له ما يريد، وتخلص من رئيس الحكومة، وأعطى المجلس النيابي الفرصة الوحيدة التي يتيحها الدستور لإلغاء مفاعيل تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة. نحن باختصار أمام رئيس للجمهورية يصرّ على مخالفة الدستور بأن يحصر بشخصه منح الثقة للحكومة، بينما ينص الدستورعلى أن مجلسكم الكريم، علاوة على أنه دون سواه من يختار الرئيس المكلف، هو الذي يمنح الثقة أو يمنعها. وأنا منذ البداية كنت راضيا بحكمكم، منحا أو منعا، ولهذا آثرت الصبر حتى لا أكون شريكا في استباحة سلطاتكم الدستورية مثلما تستباح السلطات الأخرى".
بدوره، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قال في كلمة له خلال جلسة مجلس النواب، إن "البلد مكسر ولا أعتقد أنه يمكن لأحد أن يبدي مصلحته على تشكيل حكومة والأولوية اليوم تشكيل حكومة لتنفيذ إصلاحات".
وأضاف "كلمتي هدفها تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري وأي تفسير آخر لكلامي هو خارج سياقه وافتراء"، حسب تعبيره.
ولفت باسيل إلى أنه "بمجرد أن يكون رئيس الجمهورية لديه توقيع على تشكيل الحكومة فهذا يعني أنه يجب أن يكون موافقا على كل تفصيل فيها".
وقال باسيل "الأولية من كلمتي حث الرئيس المكلف على التشكيل وليس إلى سحب التكليف منه، ورئيس الجمهورية وحده لا يستطيع حل الأزمة بل مجلس النواب مجتمعا".
وقال باسيل "لا نستطيع أن نضع الأسماء في الحكومة قبل أن نعرف من هو مرجعها وإلى أي طائفة أو أي فريق سياسي تتبع لأن نظام بلدنا هكذا".
وأشار باسيل إلى أن "الوضع كارثي ولا يسمح أن نعتمد أمور غير مألوفة مع النظام مثل أن نقول إن رئيس الحكومة يسمي الوزراء عن الكل أو أن نقول إن رئيس الحكومة يؤلف ورئيس الجمهورية فقط أما يوافق أو لا يوافق".
وأكد باسيل دعم الحكومة في كل خطوة إصلاحية، وقال "لدينا مصلحة أن نجعل الحكومة تنجح"، مضيفا "المطلوب تعديل دستوري يحدد المهل في تشكيل الحكومة لأن الدستور حاليا يعطل نفسه".
وفي ختام الجلسة، تلا رئيس مجلس النواب نبيه بري توصية المجلس بشأن رسالة عون، التي أكدت على "ضرورة المضي قدما من قبل الرئيس المكلف للوصول سريعا إلى تشكيل حكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية".
وجاء في نص التوصية "بعد الاستماع لرسالة عون حول مسار تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد النقاش المادة 145 من النظام الداخلي، اتخذ المجلس النيابي الموقف التالي: استنادا للنص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور، ولما لم يرد أي نص دستوري آخر حول مسار هذا التكليف واتخاذ موقف منه، وبما أن رئيس الجمهورية قام باستشارات ملزمة وقف ما ورد، وبعد اطلاع رئيس مجلس النواب عليها، أتت تنيجتها تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة".
وأضاف بري "وباعتبار أي موقف يطال التكليف وحدوده يتطلب تعديلا دستوريا ولسنا الآن في صدده الآن، ولأن مقدمة رسالة رئيس الجمهورية تشير بوضوح إلى فصل السلطات وتعاونها وحتى لا تطغى سلطة على أخرى، ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية، وحرصا على الاستقرار في مرحلة معقدة اقتصاديا وماليا واجتماعيا تستوجب إعطاء أولوية لعمل المؤسسات، يؤكد المجلس النيابي على ضرورة المضي قدما من قبل الرئيس المكلف للوصول سريعا إلى تشكيل حكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية".
واستقال الحريري -الذي تولى رئاسة الوزراء 3 مرات- في 2019 بعد احتجاجات على النخبة الحاكمة التي حمّلها المتظاهرون المسؤولية عن إغراق البلاد في أزمة.
وكُلف مرة أخرى بتشكيل الوزارة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنه ظل مختلفا مع الرئيس ميشال عون، ولم يتمكن من تشكيل حكومة جديدة، وبسبب خلافات بينهما يعجز لبنان عن تشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة
وبعد شهور من المفاوضات السياسية -في بلد تحكم الولاءات فيه نزعاتٌ طائفية- قال الرئيس ميشال عون -وهو مسيحي ماروني- في رسالة للبرلمان أمس الجمعة "أصبح من الثابت أن الرئيس المكلف (الحريري) عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة".
وتتولى حكومة حسان دياب إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة منذ استقالتها بعد انفجار هائل في مستودع بمرفأ بيروت في أغسطس/آب الماضي.
إيران إنسايدر