استبعد مصدر سياسي بارز، اشتعال الوضع على جبهة جنوب لبنان، مبينا أن الوضع سيبقى تحت السيطرة نظرا لعدم وجود مصلحة لحزب الله في أن تتوسع المواجهة لتشمل الجنوب، الذي يشهد موجات تضامن مع الفلسطينيين قرب الحدود بين لبنان وإسرائيل.
ولفت المصدر، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن التنسيق قائم بين قيادة قوات "يونيفيل" وقيادة الجيش اللبناني والقوى المسيطرة في الجنوب، ممثلة بحزب الله وحركة أمل، مشيرا إلى أن المواجهات المحدودة التي وقعت بين المتظاهرين أمام بوابة فاطمة في بلدة كفركلا الحدودية والجيش الإسرائيلي، تم السيطرة عليها وعاد الهدوء إلى المنطقة.
وتعليقا على إطلاق ثلاثة صواريخ من بلدة القليلة اللبنانية نحو إسرائيل، قال المصدر، إن إطلاق الصواريخ بقي في حدود التعبير عن موجة الغضب العارمة ضد إسرائيل، ولم يكن أبعد من توجيه رسالة تضامنية مع قطاع غزة، من دون أن تفتح الباب أمام الدخول في مواجهة بين إسرائيل وحزب الله، لأن لا مصلحة للطرفين في التصعيد، خصوصا أن الحزب يراقب ما يحصل في القطاع، ويعد أن الفصائل الفلسطينية تُبدي مقاومة، وبالتالي ليست في حاجة حتى إشعار آخر إلى إسناد عسكري من خارج الحدود.
واعتبر المصدر، أن حزب الله يتمتع حاليا بفائض من القوة ليس مضطرا للتفريط به، ولا يزال الأقوى لبنانيا، ولن يُقدم على أي خطوة غير مدروسة بنقل المواجهة من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، خصوصا أن إسرائيل ليست في وارد فتح جبهات عسكرية جديدة، وهذا ما أصرت عليه من خلال رد فعلها العادي على سقوط ثلاثة صواريخ في البحر لم تُحدث أضرارا.
وقال إن "المواجهة المفتوحة بين قطاع غزة وإسرائيل دفعت باتجاه تحرك المجتمع الدولي للنظر في الخطوات لوقف هذه المواجهة"، مؤكدا أن حزب الله، لا يأخذ بالتوقيت المحلي في اتخاذه القرارات، وإنما يتبع التوقيت الإقليمي والدولي، من منظار استمرار المفاوضات في فيينا بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي برعاية أوروبية.
وعد المصدر نفسه أن إيران ليست في وارد التفريط بأوراق القوة التي تحتفظ بها، وتصر على طرحها على طاولة المفاوضات لتحسين شروط التفاوض، وهذا ما يدعوها إلى عدم حرق الورقة اللبنانية، وبالتالي توفير الحماية لها، لأن حرقها سيمنعها من تسييلها سياسياً في مفاوضات فيينا، إضافة إلى أنها تراهن على خروج الفصائل الفلسطينية الحليفة لها من المواجهة، ما يسمح لها بتدعيم موقفها التفاوضي، مع أن جهات دولية تعتقد أن صواريخ غزة ستُدرج من قبل أوروبا والولايات المتحدة بصفتها بنداً على جدول أعمال المفاوضات، إلى جانب الملف النووي.
وأشار إلى أن نقل المواجهة إلى الجنوب سيدفع بخصوم إيران إلى إدراج الصواريخ الدقيقة التي يتحدث عنها باستمرار الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، على طاولة المفاوضات، وهذا ما لا يريده الحزب، ومن خلفه طهران، في ظل تصاعد الاشتباك السياسي على خلفية التأزم الذي يحاصر تشكيل الحكومة من جهة، وإصرار البطريرك الماروني بشارة الراعي على التمسك بمطالبته بتدويل الأزمة اللبنانية، والدعوة لعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لتحييد لبنان، والنأي به عن الصراعات الدائرة في المنطقة.
وشدد المصدر على أن حزب الله يدرك أن مبادرته إلى التصعيد جنوباً ستفقده أوراق القوة التي تجعل منه الرقم الصعب، رغم أنه يفضل عدم التدخل للضغط على رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل لإسقاط شروطهما للإفراج عن تشكيل حكومة مهمة.
كذلك فإن المزاج الشعبي ليس في وارد توفير الغطاء السياسي لأخذ لبنان إلى مواجهة عسكرية الذي سيقتصر على الحاضنة الشعبية للحزب، بخلاف الآخرين ممن يشكون من الجوع، ويتخوفون على مستقبلهم المظلم مع اقتراب البلد من العتمة لعدم تأمين التغذية بالتيار الكهربائي.
لذلك؛ فإن الحزب لن يبادر إلى إقحام الجنوب في مغامرة لن يكون في موقع الدفاع عن النفس فيها، ويعود السبب، وفقا للمصدر، إلى تشتت الواقع السياسي الذي يحول دون احتضانه بغياب حكومة مهمة تؤمن له الغطاء السياسي، خصوصا أن التيار السياسي المحسوب على عون أخذ يتراجع، ولا يستطيع أن يملأ الفراغ للتعويض عن الذين هم على خلاف حاد مع الحزب.
إيران إنسايدر