أعلنت السلطات في دولة النيجر، السبت قبل الماضي، عن إتلاف 17 طنا من الحشيش قادمة من لبنان، بقيمة بلغت حوالي 37 مليون دولار، كانت في الطريق إلى ليبيا.
وحضر وزير العدل في حكومة النيجر، عملية الإتلاف، التي لفتت أنظار العالم من جديد الى خطة حزب الله اللبناني إغراق دول المنطقة بالمخدرات، وتحويل إيراداتها لتمويل مشاريعه في لبنان وخارجها.
ووفقا للمتحدثة باسم وكالة مكافحة تهريب المخدرات في النيجر أديلي تورو، فإن "شحنة المخدرات منشؤها لبنان، ومرت عبر ميناء لومي في جمهورية توغو الواقعة في غرب إفريقيا، قبل أن تنقل بشاحنة شمالا إلى نيامي عاصمة النيجر على بعد أكثر من ألف كيلومتر وعبر ممرين حدوديين في طريقها إلى ليبيا.
وقالت تورو أن "هذه أكبر شحنة مخدرات يتم ضبطها في تاريخ النيجر والأولى التي يتم التعرف على أنها قادمة من لبنان، مشيرة إلى أن “الشرطة ألقت القبض على 11 من النيجر واثنين من الجزائر لصلتهم بالقضية".
وتتنوع أنشطة حزب الله، المنظمة العسكرية الموالية لإيران، بين تجارة المخدرات وغسيل الأموال، إضافة إلى تغذية الإرهاب والمشاريع الانفصالية، وذلك بسبب ما يعتبره مراقبون تعقدا للمشاكل في المنطقة، وضعفا في قدرات دول غرب إفريقيا على إنفاذ القانون، وهو ما يستغله الحزب لتوسيع تحركاته.
وقال الباحث النيجري، إدريس آيات، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز"، إن "نشاط حزب الله في القارة الإفريقية قد بدأ مع أوائل العام 1980، وذلك حين زرع شبكته التي أطلق عليها "سفراء دائرة العلاقات الخارجية لحزب الله".
وأشار إلى أن الشبكة اعتمدت على "تجّار حزب الله من الشيعة الناشطين في التجارة غير الشرعية للأحجار الكريمة وغسيل الأموال وتجارة المخدرات والابتزاز الإيديولوجي".
وأوضح أن التجارة غير الشرعية للألماس نشطت في سيراليون منذ أواسط الثمانينات، وتقوت بعد نهاية الحرب الأهلية في سيراليون عام 2002، وصولا إلى تحطم طائرة تابعة لشركة Africans UTA في العام 2003، والتي كان على متنها ساعي حزب الله وبحوزته 20 مليون دولار من عوائد التجارة غير الشرعية للألماس، بحسب آيات.
ووفقا لمراقبين، يقوم الحزب بالتحايل على أنظمة التحويل المالي "سويفت" و"إيبان" لنقل الأموال من دول غرب إفريقيا، حيث ينشط رجال أعماله، إلى عدد من الدول الأوروبية غير المتشددة في مراقبة مصادر الأموال، قبل أن ينتهي بها الأمر إلى البنوك اللبنانية المملوكة لرجال أعمال موالين للحزب، مثل "الجمال ترست بنك" والبنك اللبناني الكندي.
ويعتمد حزب الله في أنشطته على أفارقة يتبنون المذهب الشيعي، في عدة دول، فأضحى مثلث نيجيريا والنيجر وتشاد، أكثر مناطق تركز تلك الأنشطة التي تطل برأسها على منطقة شمال إفريقيا، حيث المعبر الضروري بالنسبة للحزب لنقل الأموال التي يجنيها نحو بنوك أوروبا ومن ثم إلى بيروت وطهران.
عامل إضعاف للدول
وأشارت الباحثة في جامعة غرونوبل، عبير عبودي، في تصريح لقناة "سكاي نيوز" إلى أن التسلل المتزايد لحزب الله في غرب إفريقيا مقلق للغاية"، مؤكدة أن "هذه المنطقة أصبحت قاعدة جديدة للتنظيم الشيعي، ومكانا للنشاط الإجرامي، خصوصا بعدما ضاقت به السبل في بيئته الأصلية بسبب ارتدادات مشاكله الداخلية مع الفرقاء اللبنانيين".
ولفتت إلى أن "قبضة حزب الله على غرب إفريقيا جزء من اتجاه دولي يتسم بزيادة التعاون بين المنظمات الإجرامية والإرهابية"، معتبرة أن أنشطة الحزب التي تدور حول تهريب الأسلحة والمخدرات، قد "أصبحت تهديداتها تطال جميع أنحاء المنطقة، وتمتد حتى أمريكا اللاتينية وأوروبا"، ما يجعل تلك التحركات عوامل لتكريس المزيد من الضعف في الدول التي تنتشر فيها.
وأوضحت الباحثة المهتمة بشؤون الشرق الأوسط، أن "تصاعد نشاط الحزب في غرب إفريقيا، بدأ منذ العام 2006، عقب المواجهة التي دارت بينه وبين إسرائيل، حيث لجأ إلى إفريقيا وتجارة المخدرات، للتغطية على مشاكله المالية لما بعد الحرب".
ويواجه الحزب اللبناني المدعوم من إيران، الكثير من العراقيل، حيث باتت يده مغلولة، بسبب ما تعرض له في الفترة الأخيرة من قيود على نشاطاته ومداخيله المالية، خصوصا بعدما أقدمت الولايات لمتحدة الأمريكية على اتخاذ عدد من الخطوات التي من شأنها تقييد تحركات الحزب المصنف من طرفها ضمن القوائم السوداء.
إيران إنسايدر