عاود كل من الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، تبادل الاتهامات حول الطرف المعطل لتشكيل الحكومة، في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من انهيار اقتصادي أوصل سعر صرف الليرة أمام الدولار إلى 15 ألفا.
وخيّر عون، الحريري، بين تشكيل حكومته فورا أو إفساح المجال أمام الآخرين، ليرد الحريري بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة وطالب عون بمصارحة اللبنانيين بشأن أسباب عدم التوقيع على التشكيلة الحكومية.
وجرى تكليف الحريري برئاسة الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول، لكنه لم ينجح بعد في تشكيل حكومة جديدة بسبب أزمة سياسية مع الرئيس عون.
وكان هدد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، السبت الماضي، بالامتناع عن تأدية مهام منصبه، للضغط على السياسيين للإسراع في تشكيل حكومة جديدة.
وقال عون "بعدما تقدم الرئيس المكلف سعد الحريري بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، أدعوه إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير".
وعقب شهرين من تكليفه، أعلن الحريري أنه قدم إلى عون تشكيلة حكومية تضم 18 وزيرا من الاختصاصيين غير الحزبيين، لكن عون أعلن آنذاك اعتراضه على ما سماه بتفرد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصا المسيحيين، دون الاتفاق مع الرئاسة.
وأضاف عون، أمس الأربعاء، "في حال وجد الرئيس المكلف نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد، فعليه أن يفسح المجال أمام كل قادر على التأليف".
وتابع عون "دعوتي للرئيس المكلف تأتي من منطلق مسؤوليّته الدستوريّة وضميره الإنساني والوطني، ذلك أنّ مثل هذه المعاناة الشعبيّة لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال".
وأردف الرئيس اللبناني "دعوتي مصمّمة وصادقة للرئيس المكلّف إلى أن يبادر فورا إلى أحد الخيارين المتاحين، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علّنا ننقذ لبنان".
وشدد عون على أنه لا فائدة من كلّ المناصب وتقاذف المسؤوليّات إن انهار الوطن وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، حيث لا مفرّ له سوى الغضب.
وتوجّه إلى اللبنانيين قائلا "كلّ شيء يهون أمام معاناتكم، التي بلغت مستويات لا قدرة لشعب على تحمّلها، الوباء (كورونا) يتربص وأيضا العوز والبطالة والهجرة وزوال القدرة الشرائية".
الحريري يرد
وجاء رد الحريري على تصريحات عون سريعا، حيث طالبه بتوقيع تشكيلة الحكومة المقترحة من قبله (الحريري)، أو مصارحة اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة ما وصفه بتعطيل إرادة المجلس النيابي.
وقال الحريري في بيان نشر على حسابه بموقع تويتر، إنه تفاجأ، كما تفاجأ اللبنانيون جميعا، بالرئيس عون يدعونه عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من أجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة.
صدر عن الرئيس المكلف سعد الحريري البيان التالي:
— Saad Hariri (@saadhariri) March 17, 2021
بعد اسابيع عديدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع باعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ في بيروت، (١/٨)
وأكد أنه زار الرئيس عون 16 مرة منذ تكليفه بتشكيل الحكومة، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، وقدم له مقترحا بهذا الشأن، وهو مستعد بزيارته للمرة الـ17 فورا "لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة".
وقال إنه في حال وجد الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون عليه "أن يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف".
وأضاف أنه على الرئيس أيضا "أن يختصر آلام اللبنانيين ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل 5 أعوام، تماما كما اختاروني رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل 5 أشهر".
انهيار اقتصادي
ولامس سعر صرف الدولار 15 ألف ليرة لبنانية للمرة الأولى في السوق السوداء، وسط ترجيحات بانهيار متسارع خلال الأيام المقبلة.
ويأتي هذا الانهيار بعد أشهر من حالة الاستعصاء السياسي لتشكيل حكومة جديدة برئاسة الحريري، خلفا لحكومة حسان دياب التي استقالت عقب تفجير مرفأ بيروت في آب/أغسطس العام الماضي.
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن الدولار قد يصل في العام الجاري ما بين 25 ألف و50 ألف ليرة لبنانية.
يقول أسامة، وهو صاحب محل تجاري لبيع المواد الغذائية، إن "المواطن اللبناني في جهنم حقيقية، أصبح مذلولا ومتروكا لمصيره، هو في وادٍ والمسؤولون في وادٍ آخر وكأنهم لا يعيشون في البلد نفسه. آخر همهم إن كان سيستطيع هذا المواطن المعتر تأمين الحليب أو الزيت أو الخبز أو الدواء لأسرته بل همهم "الثلث المعطل" والمناكفات والحصول على المكاسب ولو على جثث اللبنانيين".
وأضاف أنه "لا حل في المدى المنظور، مشهد أسود ينتظر اللبنانيين الذين لم يبقَ أمامهم سوى انتظار اعجوبة تنقذهم وتنقذ بلدهم من تعنت وغطرسة ولا مبالاة مسؤوليه الذين أوصلوهم إلى الهاوية".
ويعتبر سعر الصرف 15 ألف ليرة أمام الدولار الواحد، عشرة أضعاف السعر الرسمي البالغ 1500 ليرة.
ويعاني لبنان من أزمة مالية ومصرفية حادة، وتعثر تشكيل حكومة بديلة للحكومة دياب المدعومة من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر.
الرئيس التنفيذي لشركة axis كابيتال المالية وليد أبو سليمان، أوضح أن الاجتماع المالي والاقتصادي الأخير في بعبدا أسفر عنه قرارات ز"خاطئة"، حيث كان لا بد من إنشاء منصة مركزية شفافة للتداول عبر الجهاز الرقابي المتثمل بمصرف لبنان، للإطاحة بالتلاعب بسعر الصرف والمضاربة.
انهيار الليرة اللبنانية دفع المئات للتظاهر في مدن عدة منذ يوم الثلاثاء الماضي، مطالبين بمحاسبة الفاسدين، كما دفع بأصحاب المؤسسات التجارية إلى الإقفال بانتظار إصدار لوائح جديدة بالأسعار، والمواطنين للتهافت على شراء المواد الغذائية وتخزينها، بعد أن وصل سعر كيس الرز الأميركي 5 كيلو وصل إلى 166 ألف ليرة، وكيلو الصنوبر أصبح بـ 940 ألف.
وانطلقت احتجاجات شعبية في مدن لبنانية عدة، الثلاثاء الماضي، بعد بلوغ سعر صرف الدولار عتبة الـ10 آلاف ليرة لبنانية، وشملت كافة المناطق اللبنانية.
إيران إنسايدر – (ريتا مارالله)