رأى الدكتور عماد آبشناس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران رئيس نقابة مراكز الأبحاث والدراسات في إيران، أن نفي واشنطن التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى مع طهران هو تكرار لما سبق أن قامت به بعد اتفاق مشابه العام الماضي، مرجعا ذلك إلى حرصها على إبقاء الاتفاق "سريا".
وأوضح -في حديثه لقناة الجزيرة القطرية، أن اتفاقا جرى خلال الأيام الماضية في سلطنة عمان بين الجانبين الإيراني والأميركي على إحياء اتفاق تم في فبراير/شباط 2022 على عدد من القضايا، من بينها تبادل الأسرى، قبل أن تتراجع عنه واشنطن لاحقا.
وأشار إلى أن ذلك جاء بعد أن أرسل الأميركيون رسالة إلى الإيرانيين عبر وزير خارجية العراق فؤاد حسين تفيد باستعداد واشنطن لإحياء ذلك الاتفاق، وعلى إثر ذلك وصل المفاوض الإيراني إلى مسقط، وتم الاتفاق على إعادة تنفيذ الاتفاق، إلا أن الأميركيين تراجعوا مرة أخرى بعد إعلان إيران عن الأمر.
ويأتي ذلك على خلفية نفي الخارجية الأميركية تصريحات مسؤولين إيرانيين بالتوصل لاتفاق تبادل السجناء، التي وصفتها بـ"الكذبة الأخرى التي تزيد في معاناة عائلاتهم"، في مقابل استغراب نظيرتها الإيرانية هذا الموقف، قائلة إن لدى واشنطن سجلا سيئا من عدم الالتزام بالاتفاقيات السابقة، سواء تعلق الأمر بتبادل الأسرى أو الملف النووي.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قال في مقابلة تلفزيونية "في الأيام الماضية، توصلنا إلى اتفاق لتبادل سجناء بين إيران والولايات المتحدة، وإذا سار كل شيء على ما يرام من الجانب الأميركي فأعتقد أننا يمكن أن نشهد ذلك في المستقبل القريب"، مضيفا "بالنسبة إلينا كل شيء جاهز. الجانب الأميركي يعمل على آخر تحضيراته التقنية".
وقال آبشناس "كان هناك اتفاق في فبراير/شباط 2022 بين إيران والولايات المتحدة تم التوصل إليه في جنيف، تضمن الاتفاق على الإفراج عن سجناء من الجانبين وأرصدة إيرانية مجمدة في كوريا الجنوبية والعراق، لكن الأميركيين تراجعوا في آخر لحظة بعد تسريب أنباء عن الاتفاق، لأنهم كانوا يريدون إبقاءه سريا".
تخوف من الإعلان
وأرجع أستاذ العلوم السياسية الإيراني حرص الجانب الأميركي على سرية الاتفاق إلى تخوف إدارة الرئيس جو بايدن من أثر تسريب الخبر على شعبيتها لدى الناخب الأميركي، في حين يرى المسؤولون الإيرانيون أن التوصل لهذا الاتفاق امتياز يستحق الإعلان عنه.
وجددت المواقف الإيرانية والأميركية من ملف تبادل السجناء تسليط الضوء على استحكام أزمة الثقة بين طهران وواشنطن وغيرها من العواصم الغربية، وهي الأزمة التي تلقي بظلالها على عدد من الملفات العالقة التي تتعثر جهود تسويتها إلى حد الآن، كما هو الحال في الملف النووي الإيراني.
في المقابل، شكك مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط بواشنطن الدكتور أليكس فاتنكا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، مشيرا إلى أن هناك رواية أخرى لمحللين إيرانيين تتحدث عن مبررات ما تحدث عنه وزير الخارجية الإيراني من "مفاوضات مزعومة".
وأضاف أن تلك الرواية تتحدث عن أن أمير حسين عبد اللهيان يهدف من ذلك لإعطاء انطباع بأن بلاده قادرة على تجاوز الضغوط التي تتعرض لها، ويحاول أن يدعم عملة بلاده التي تتعرض لضغط شديد، حيث إن وجود آفاق لاتفاق مع الجانب الأميركي يعزز الريال الإيراني.
واعتبر أن الأزمة تكمن في رفض طهران الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب الأميركي، وهو ما يفقدها مصداقيتها فيما تعلنه بين الفينة والأخرى عن التوصل لمثل هذه الاتفاقات، مضيفا "لو أن الجانب الإيراني قلق من حرص واشنطن على إبقاء المفاوضات سرية، فلماذا لا يقبل بمفاوضات مباشرة؟".
المصدر: الجزيرة