برز أمس (الاثنين) قلق دولي ودبلوماسي من أنباء عن تخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 84 في المائة، القريبة من درجة نقاوة صنع الأسلحة. ولم يَحُلْ نفي إيران هذه الأنباء دون بروز هذا القلق وكذلك تأكيدات دبلوماسية لهذه الأنباء.
وقال دبلوماسيون لـ"رويترز"، إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة عثرت على يورانيوم مخصب بنسبة 84 في المائة في إيران، وهو ما يقترب للغاية من الدرجة المستخدمة في تصنيع الأسلحة.
وأشارت الوكالة إلى أنها تُجري محادثات مع طهران بشأن النتائج الأخيرة التي توصلت إليها. وأضاف الدبلوماسيون أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتفقد المنشآت النووية الإيرانية رصدت تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 84 في المائة"، في تأكيد لتقرير أوّلي كشفت عنه "بلومبرغ نيوز"، مساء الأحد.
وقال أحد الدبلوماسيين: "المشكلة هنا؛ هل وقع خلل عارض في السلاسل المعاد تشكيلها أم أن التخصيب بهذه الدرجة من النقاوة متعمَّد؟ طلبت الوكالة من إيران تفسيراً لهذا الأمر".
وتوضح الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تتفقد المنشآت النووية الإيرانية، التطورات المهمة في أنشطة إيران إما في تقارير مخصصة لمجلس المحافظين المؤلَّف من 35 دولة أو في تقارير ربع سنوية منتظمة تصدر قبل اجتماعات مجلس محافظي الوكالة.
وقال دبلوماسيون (الاثنين)، إن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تُصدر أي تقرير من هذا القبيل حتى الآن. وسيعقد مجلس المحافظين اجتماعه المقبل ربع السنوي يوم الاثنين الموافق السادس من مارس (آذار)، بينما تصدر التقارير ربع السنوية غالباً في الأسبوع الذي يسبق الاجتماع".
وكانت وكالة الطاقة الذرية قد قالت (الأحد) إنها على علم بالتقارير الإعلامية المتعلقة برفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى درجات قريبة من المستوى الذي يمكن استخدامه في صنع أسلحة.
وكانت وسائل إعلام قد أفادت في وقت سابق نقلاً عن دبلوماسيين، بأن مفتشين تابعين للوكالة رصدوا آثار يورانيوم مخصب إلى درجة 84 في المائة، وهو مستوى أقل بنحو 6 في المائة فقط عن المستويات التي يمكن استخدامها في صنع الأسلحة.
وحسب "رويترز"، تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المائة منذ أبريل (نيسان) 2021. وقبل ثلاثة أشهر بدأت في تخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى في موقع ثانٍ هو "فوردو".
ويدخل اليورانيوم في صنع السلاح عند درجة تخصيب 90 في المائة تقريباً. وكانت وكالة "بلومبرغ نيوز" قد ذكرت، يوم الأحد، أن مراقبين تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية اكتشفوا الأسبوع الماضي يورانيوم مخصباً بنسبة 84 في المائة. ووصف المتحدث هذا التقرير بأنه "تشهير"، وقال إنه يشوه الحقائق.
وأكد دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية أن "هذه النسبة... صحيحة"، وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعطي الآن إيران "فرصة للتوضيح لأنه من الممكن على ما يبدو أن تبلغ مستويات تخصيب (اليورانيوم) ذرواتها".
وأوردت "بلومبرغ نيوز" أن "على المفتشين تحديد ما إذا كانت إيران قد أنتجت هذه المادة عن قصد، أو إذا كان التركيز ناتجاً عن تراكم غير مقصود"، بسبب صعوبات تقنية في أجهزة الطرد المركزي التي تُستخدم في تخصيب اليورانيوم.
وأوضح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، في تغريدة مساء الأحد أنه سيبقي "مجلس المحافظين على اطلاع".
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، لصحافيين في بروكسل: "لا داعي للقول إنه إذا تأكّدت هذه المعلومات الصحافية، فإنها ستشكّل عنصراً جديداً ومقلقاً للغاية»، معربةً عن أملها أن تعطي الوكالة الدولية للطاقة الذرية «معلومات أكثر دقة".
وفرنسا هي، إلى جانب ألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا، أحد أطراف الاتفاق المبرم عام 2015 مع إيران والذي أتاح رفع عقوبات عنها لقاء خفض أنشطتها وضمان سلمية برنامجها، علماً بأن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أنه طلب خلال مكالمة هاتفية، مساء الأحد، مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أن تفي إيران بـ"التزاماتها" حيال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد "الأنباء المقلقة" بشأن تخصيب اليورانيوم.
تأتي هذه التقارير وسط تعثر المحادثات لإحياء الاتفاق مطلع سبتمبر (أيلول) 2022، مع تأكيد الأطراف الغربيين أن الرد الإيراني على مسودة تفاهم كان "غير بنّاء".
وبدأت إيران وأطراف الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات لإحيائه في أبريل 2021. ومنذ انسحابها من الاتفاق عام 2018، أعادت واشنطن فرض عقوبات على إيران التي ردّت بالتراجع تدريجاً عن معظم التزاماتها. وباتت إيران تنتج رسمياً اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة في موقعين (نطنز وفوردو)، وهو مستوى أعلى بكثير من عتبة 3.67 في المائة التي حددها الاتفاق.
وخلال الاتصال مع بوريل، قال عبداللهيان: "إننا نخطط لزيارة (المدير العام) للوكالة الدولية للطاقة الذرية لطهران ولدينا مبادرات مشتركة على جدول الأعمال"، وفق ما أوردت "إرنا".
وفيما يتعلق بالتواصل بين إيران والوكالة بشأن قضايا الضمانات، أضاف عبداللهيان: "إذا تصرفت الوكالة من وجهة نظر فنية وغير سياسية، فمن الممكن الوصول إلى إطار لحل المشكلة".
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، قوله (الاثنين): "لم نقم حتى الآن بأي محاولة لتخصيب بنسبة تزيد على 60 في المائة. وجود جزيئات تزيد نسبة التخصيب فوق 60 في المائة لا يعني الإنتاج بتخصيب أعلى من 60 في المائة".
ووفق "وكالة أنباء العالم العربي"، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية التزام بلاده التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنه حذّر من أن ما نشرته الوكالة عن التخصيب سيؤثر سلباً على مسار المفاوضات النووية. وأضاف المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني، في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون، أن "إيران ملتزمة أيضاً بمعاهدة حظر الانتشار النووي". وأشار "كنعاني" إلى أن ما وصفه باستخدام وكالة الطاقة الذرية السياسة "يؤثر على مكانتها"، قائلاً إن "مزاعم" التخصيب يجب أن تُطرح في لقاءات ثنائية لا في وسائل الإعلام.