ستة أشهر تحسم مصير لبنان لست سنوات

طالبت قطاعات واسعة من الشعب اللبناني في انتفاضة عام 2019 باستبدال الطبقة السياسية الفاسدة والمتواطئة
طالبت قطاعات واسعة من الشعب اللبناني في انتفاضة عام 2019 باستبدال الطبقة السياسية الفاسدة والمتواطئة

قال السفير الأمريكي السابق في المغرب والرئيس الحالي لقوة المهام الخاصة الأمريكية للبنان، إداورد غابريل، في مقال مشترك مع بول سالم، مدير معهد الشرق الأوسط، نشره موقع "ذي هيل"، إن الأشهر الستة المقبلة في لبنان ستشكل الست سنوات التالية. 

وأضافا بحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن لبنان يعاني ويعيش مرحلة انهيار اقتصادي لم يشهد مثلها في الأوقات الحديثة، ويحاول النجاة من آثار الانفجار الذي حدث في وقت السلم والذي دمر مرفأ بيروت وأحياء كاملة في آب/ أغسطس 2020. وعليه فالانتخابات الرئاسية هذا الخريف قد تؤثر على مسار البلد في الأعوام المقبلة. وتحتاج الأشهر المقبلة انتباها محليا ودوليا لمساعدة لبنان على التقدم نحو التعافي الاجتماعي - الاقتصادي.

وتنتهي ولاية الرئيس الحالي، ميشيل عون، حليف حزب الله في 31 تشرين الأول/ أكتوبر. وبناء على النظام الدستوري اللبناني الهش، فمهمة البرلمان هي انتخاب رئيس جديد لفترة رئاسية مدتها ستة أعوام.

ويعتقد الكاتبان، أن هذه المناسبة مفتاحية وستلقي بظلالها على السنوات المقبلة: لأن الرئيس لاعب رئيسي في تكليف رئيس الوزراء والمشاركة في تشكيل الحكومة. وستترافق الفترة الرئاسية مع تعيينات لمراكز مهمة مثل قائد الجيش ومدير المخابرات وحاكم المصرف المركزي والمواقع المهمة الأخرى.

ويضيفان "من هنا فاستبدال رئيس حليف لحزب الله برئيس مستقل وميال للإصلاح ورمز وطني سيترك أثره المهم على فرص لبنان لاستعادة سيادته المهددة، وتنفيذ الإصلاحات الضرورية، ومنع البلاد من الانهيار الكامل، وتقوية الدعم لمصالحنا المشتركة في المنطقة".

ويران أن البرلمان الحالي الذي انتخب في أيار/ مايو منقسم بالتساوي تقريبا بين حلفاء ومعارضي حزب الله، ولن يكون لدى أي طرف النصاب القانوني اللازم لانتخاب الرئيس في الوقت المطلوب، ما سيؤخر الانتخاب لأسابيع وأشهر.

ولا يستطيع لبنان تحمل فراغ جديد في مؤسسات الحكم. ولدى الائتلاف المتحالف مع حزب الله مرشحه الخاص أو مرشحين آخرين ينتظرون التنافس في العملية. ولسوء الحظ فالمعسكر المعارض ليس موحدا بطريقة مركزية، ولم يتوافق بعد على مرشحين مفضلين. ومن الواجب أن يحاول التحالف التوافق على استراتيجية فعالة، وتحديد المرشحين المحتملين، ليكون لديه النفوذ في البرلمان ومنع وكيل آخر لحزب الله من الفوز. ويمكن أن يؤدي انتخاب رئيس ميال للإصلاح إلى تحويل حظوظ البلد، وفقا للكاتبين. 

ومن مصلحة المجتمع الدولي منع لبنان الانزلاق للأسوأ. فدولة فاشلة بالكامل على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط ليست في مصلحة أحد. وستهدد حليفة الولايات المتحدة "إسرائيل"، وستدفع بموجة لاجئين إلى الغرب، قبرص والاتحاد الأوروبي، وستفتح المجال أمام عودة تنظيم الدولة والقاعدة، وستقوي سلطة حزب الله أكثر في لبنان.

وتعتبر الانتخابات الرئاسية فرصة لتعديل مسار لبنان في السنوات المقبلة وتضع البلد على طريق التعافي. وعلى الولايات المتحدة ألا تضيع فرصة المساعدة في انتخاب رئيس ميال للإصلاح ومستقل، وفقا للكاتبين. 

وفي الوقت الحالي، يعتبر الحفاظ على جاهزية الجيش اللبناني واستعداده، وهو المؤسسة اللبنانية الوحيدة التي تقف ما بين انهيار النظام ومؤسسات الدولة، مصلحة للولايات المتحدة وفرنسا والدول الأوروبية والحلفاء في السعودية ودول الخليج الأخرى. 

وبسبب الدعم الأمريكي والدولي كانت القوات اللبنانية قادرة على مواصلة دورها الحيوي. ويجب أن يتواصل هذا الدعم ليس من أجل موازنة التأثير الإيراني في لبنان بل والتأثير الروسي الذي لا يبعد سوى عن البلد ساعات بالسيارة في سوريا. 

ووصلت الولايات المتحدة لمراحل متقدمة في المفاوضات بين لبنان و"إسرائيل" لرسم الحدود للمناطق البحرية المتنازع عليها بينهما. وحقق عاموس هوشستين، المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الطاقة، تقدما كبيرا لدفع الطرفين إلى اتفاق، ورغم الخلافات الحالية بينهما.

وفي حالة التوصل لاتفاق، سيكون الجانبان في وضع للاستفادة من ثروات الغاز في قاع البحر وتخفيف حدة الخطاب الذي يسمع على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية. وكل العيون معلقة على المحادثات بين إيران والولايات المتحدة التي تلتئم ثم تتوقف في فيينا. فالعودة إلى "خطة العمل المشتركة الشاملة" أو الاتفاقية النووية ربما خففت من التوتر في لبنان، وساعدت على ردم الهوة بين المعسكرين المنقسمين في البرلمان. وانهيار المحادثات يعني زيادة التوتر الإيراني- الإسرائيلي الذي قد يتطور إلى حرب مدمرة أخرى مع حزب الله. 

والمهم في الأمر هو أن مصالح الولايات المتحدة لا يمكن خدمتها إلا من خلال دعم الشعب اللبناني، وعبر برامج تروج للقيم الأمريكية مثل التعليم والعناية الإنسانية والصحية للعائلة وبرنامج للديمقراطية يقوي ويدعم المواطنين اللبنانيين. 

وطالبت قطاعات واسعة من الشعب اللبناني في انتفاضة عام 2019 باستبدال الطبقة السياسية الفاسدة والمتواطئة، وزاد انفجار بيروت قبل عامين من السخط ووضع حزب الله مباشرة في مركز عداء مع الجماهير.

ومع أن حركة الاحتجاج لم تكن قادرة على وضع رمز، إلا أن سكان البلد المصممين والذين يعانون يستحقون انتباها ودعما من المجتمع الدولي. لكل هذا تعتبر الستة أشهر المقبلة محورية لهذا البلد الصغير وحيوية لمستقبله. والأمر بيد الشعب اللبناني ونوابه لانتخاب رئيس وممثلين للمناصب العليا، لكي ينفذوا السياسات الضرورية في الأشهر والسنوات المقبلة.

ويقول الكاتبان، إن من مصلحة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي منح لبنان الانتباه والدعم الذي يستحقه، والتأكد من قدرته على تغيير المسار نحو الإحياء وليس الانزلاق باتجاه دولة فاشلة بالكامل وعقود من غياب الحكم.

عربي21

حزب الله الاتفاق النووي لبنان انهيار لبنان ميشال عون البرلمان اللبناني ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل الفساد في لبنان