اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية، بارتكاب انتهاكات صادمة بحق المعتقلين، من خلال تعمُد حرمان السجناء المرضى من الرعاية الطبية اللازمة لإنقاذ حياتهم، مما أدى إلى وفاة 92 رجلا وأربع سيدات في الحجز في شتى أنحاء إيران منذ يناير 2010.
ونشرت المنظمة تقريرا، وثقت فيه أسماء المتوفين والأمراض التي توفوا بسببها، مشيرة إلى أنه كان يمكن تجنبها.
واعتبرت أن الحرمان المتعمد من الرعاية الصحية، يرقى إلى حد الإعدام خارج نطاق القضاء، في حين يمثّل غياب المحاسبة مثالا آخر على الإفلات المنهجي من العقاب في إيران.
وقالت المنظمة، إن الحالات الست والتسعين التي جرت دراستها مجرد أمثلة دالة وليست حصرية، مضيفة أنه "من المرجح أن يكون العدد الحقيقي للوفيات في الحجز أعلى من ذلك بكثير"، حيث عزت ذلك إلى "عدم الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران في أحيان كثيرة بسبب الخوف المتأصل من الأعمال الانتقامية".
وقالت المنظمة، إن "أشكال القسوة القاتلة التي قامت بها السلطات في السجون وأماكن الاحتجاز شملت منع أو تأخير تلقي السجناء للعلاج بالمستشفيات في حالات الطوارئ، وحرمان السجناء من الرعاية الطبية الكافية طوال مدة سجنهم، مما يؤدي إلى تدهور المشاكل الصحية، ويُلحق بالسجناء المرضى مزيداً من الألم والمعاناة، ويسفر في نهاية المطاف عن وفيات كان من الممكن تجنبها.
ومن بين 96 سجيناً فحصت منظمة العفو الدولية حالاتهم، تُوفي 64 داخل السجون. معظمهم في زنازينهم، مما يعني أنهم لم يحصلوا على الإشراف الطبي الأساسي في ساعاتهم الأخيرة. وتُوفي بعضهم أثناء احتجازهم في عيادات بالسجون تفتقر إلى ما يكفي من المعدات وأفراد الطاقم الطبي.
وفي ست حالات على الأقل، نُقل سجناء في حالة مرضية حرجة إلى زنازين الحبس الانفرادي، أو عنابر التأديب أو أقسام العزل، وتُوفي أربعة منهم وهم بمفردهم، بينما نُقل الاثنان الآخران في نهاية المطاف إلى المستشفى، ولكن بعد فوات الأوان.
وتُوفي ما لا يقل عن 26 سجينا خلال نقلهم إلى المستشفى أو بعد وقت قصير من إدخالهم المستشفى، في أعقاب تأخير متعمَّد من مسؤولي السجون، ثبت أنه كان تأخيراً مميتاً.
وفي حالات كثيرة، كان أفراد الطاقم الطبي في عيادات السجون ومسؤولو السجون يتهمون السجناء، الذين يعانون من حالات طبية طارئة، بأنهم "يتظاهرون" بالأعراض أو "يبالغون" فيها.
وكشفت المنظمة، أن الأغلبية الساحقة من هذه الوفيات (65 حالة على الأقل) وقعت مؤخرا منذ يناير2017، "وقد يُعزى ذلك إلى تزايد سُبل الحصول على المعلومات خلال السنوات الأخيرة، ولكنه يُعد مؤشراً مقلقاً على أن استمرار تفشي مناخ الإفلات من العقاب يؤدي إلى ترسيخ الانتهاكات الجسيمة للحق في الحياة في شتى السجون الإيرانية".
وفي معظم الحالات، كان السجناء الذين تُركوا للموت من الشباب أو في منتصف العمر، فتراوحت أعمار 23 منهم بين 19 و39 عاماً، وأعمار 26 منهم بين 40 و59 عاماً، مما يثير مخاوف من أن أرواحهم قد أُزهقت قبل أوانها بسبب الحرمان من الرعاية الطبية.
وأشارت المنظمة إلى أن ملامح الأزمة لا تقتصر على مجرد رفض السلطات بشكل منهجي التحقيق في الوفيات المُشتبه بها في الحجز، بل كذلك "بإصرارها على تعزيز خطاب يمتدح نوعية الخدمات الصحية المقدمة للسجناء باعتبارها "نموذجية" و"لا تُقارن" بأي مكان في العالم، مما يدل على أنها لا تعتزم تغيير نهجها".
واعتبرت المنظمة، أن أزمة الإفلات المنهجي من العقاب، السائدة في إيران، أدت إلى تشجيع مسؤولي السجون على الاستمرار في حرمان السجناء القاتل من الرعاية الطبية.
وقالت "عادةً ما يتعرض أهالي الأشخاص المتوفين في الحجز في ملابسات مريبة لأشكال شتى من المضايقة والترهيب على أيدي ضباط الأمن والاستخبارات، وخاصةً عندما يسعون للحصول على إنصاف قانوني".
وفيما طالبت المنظمة، السلطات الإيرانية بإصلاح نظام السجون، دعت أيضا مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى إنشاء آلية للتحقيق والمحاسبة تتولى جمع وحفظ وتحليل أدلة عن معظم الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في إيران، بغرض تسهيل إجراء محاكمات جنائية عادلة.
يأتي تقرير المنظمة بعد بروز قضايا عدة هذا العام لسجناء ماتوا في الحجز بسبب ما يعتبره نشطاء تعمد إيران عدم علاج أمراضهم بشكل سليم.
وبين هؤلاء الشاعر والمخرج الإيراني بكتاش آبتين، الذي توفي في يناير بعد إصابته بكوفيد، وشكر الله جبلي البالغ 82 عاما والحامل للجنسيتين الأسترالية والإيرانية، وقد توفي في مارس بعد سلسلة مشكلات صحيّة.
إيران إنسايدر