تردد اسم ميليشيا شيعية أذرية تدعى "حسينيون" والتي تطلق على نفسها اسم "الحركة الإسلامية الأذربيجانية".
وبما أن طهران تحتج بشدة على علاقات جمهورية أذربيجان بإسرائيل قامت المجموعة بتوجيه تهديدات للسفارة الإسرائيلية في أذربيجان وأصدرت السفارة الإسرائيلية في باكو تحذيرا لمواطنيها في أذربيجان، حسب ما نقل على حسابات بمنصات التواصل الاجتماعي التابعة للحرس الثوري الإيراني.
هذه المجموعة، مثلها مثل كل المليشيات المدعومة من طهران، "تعبر عن نفسها برموز مستلهمة من رموز الحرس الثوري الإيراني".
وفي الوقت الذي يرى البعض بأن "حسينيون" مجرد مجموعة صغيرة لكن تثبت التجربة العراقية واللبنانية واليمنية والسورية أن جميع المليشيات بدأت بهذه الطريقة، ورويدا رويدا تتم إنشاء الهياكل التنظيمية، إذا لزم الأمر، يمكن أن تنمو كتنظيم كامل مع وحدات قتالية لها فصيل سياسي، حيث هكذا نشأ حزب الله اللبناني.
يذكر أن أذربيجان تقطنها أغلبية تركية شيعية ولها امتدادات بين 25 مليونا من الأتراك الأذربيجانيين في إيران، ينظرون إلى جمهورية أذربيجان كامتداد قومي لهم وثمة تنظيمات تابعة لهم تدعو إلى الانفصال عن إيران وتشكيل دولة موحدة مع أذربيجان الشمالي وهو الاسم الذي يطلقونه على جمهورية أذربيجان.
وبالمقابل تحاول إيران الضرب على الوتر الطائفي الشيعي بين سكان جمهورية أذربيجان وما إنشاء مجموعة "حسينيون"، إلا تمهيدا للتأثير على الشارع الأذري في حالة تدهور العلاقات الإيرانية مع جمهورية أذربيجان، وأيضا لمواجهة محتملة مع التواجد الإسرائيلي على أراضي أذربيجان لو لزم الأمر.
حسينيون
تطلق المجموعة على نفسها اسم "حركة المقاومة الإسلامية الأذربيجانية (حسينيون)، وهناك شبه كبير بين علمها وأعلام الحرس الثوري وحزب الله لبنان وسائر المليشيات الموالية لإيران.
مؤسس المجموعة يدعى "توحيد إبراهيم بيغلي"، وهو من أشد منتقدي نظام الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.
لا توجد الكثير من التفاصيل حول هيكلية المجموعة وخططها وقيادتها ولكن نظرا لكون المجموعة مسلحة فإن وجودها يشكل خطرا على المدى الطويل لجمهورية أذربيجان.
بالإضافة إلى ذلك هذا الخطر المحتمل قد يمتد إلى الأذربيجانيين الشيعة المقيمين في روسيا والقوقاز وتركيا وأوروبا، خاصة وأن جهات أذربيجانية حكومية تتهم المجموعة بإجراء اتصالات مكثفة مع الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية.
"إبراهيم بيغلي"
في مطلع عام 2016، أعلن "توحيد إبراهيم بيغلي"، أمام 14 من طلاب العلوم الدينية من جمهورية أذربيجان الذين كانوا يدرسون في حوزتي قم ومشهد، أنه يعتزم إنشاء "لواء الحسينيين" أو "حسين لار" بالتركي الأذري، وزعم في الخطوة الأولى بأن الهدف هو المشاركة في الحرب ضد داعش في سوريا.
معلوم أن جميع المليشيات التي شكلتها إيران من بين أبناء الطائفة الشيعية في كل من أفغانستان (فاطميون) وباكستان (زينبيون) ولبنان (حزب الله) والعراق (كتائب حزب الله وحركة النجباء) وأرسلتها إلى سوريا لدعم بشار الأسد، تم ذلك تحت غطاء محاربة داعش.
وضمن الخطة التي أعلنها "إبراهيم بيغلي" فقد قام بإرسال هؤلاء الطلبة الدينيين الـ14 من قم، بعد يوم من التدريب فقط إلى سوريا، وانضموا إلى وحدة عسكرية إيرانية مستقرة بالقرب من العاصمة السورية دمشق، وصرح إبراهيم بيغلي على الفور في دمشق أن نيتهم لم تكن فقط محاربة داعش، ولكن أيضا للعمل العسكري على أراضي جمهورية أذربيجان، حسب وسائل إعلام تابعة لباكو.
وبالرغم من ذلك، ذكرت حركة حسينيون أن هدفها الوحيد هو مواجهة المتطرفين التكفيريين في سوريا وليس لديها خطط لتوسيع أنشطتها في جمهورية أذربيجان، لدرجة أن بعض أعضاء الحركة شاركوا في حرب ناغورنو كاراباخ (2020) لصالح جمهورية أذربيجان.
وتفيد مصادر أذرية أن قاسم سليماني هو الذي أطلق ما يسمى بـ"حركة المقاومة الإسلامية الأذربيجانية" وسماهم "حسينيون"، وتنشر هذه المصادر صورة تجمع قاسم سليماني قائد فيلق القدس ذراع التدخل الخارجي للحرس الثوري وزعيم حسينيون "توحيد إبراهيم بيغلي".
التواصل مع إيران
والد توحيد إبراهيم بيغلي هو "عالم إبراهيم لي" ووالدته "سودابة إبراهيم لي"، وهذه الأسرة أساس من مدينة لنكران الإيرانية واستقرت لاحقا في مدينة مشهد شرق إيران.
وشارك "توحيد إبراهيم بيغلي" في مؤتمر تقيمه سنويا إيران تحت عنوان "مؤتمر الصحوة الإسلامية" وعلى هامش المؤتمر التقى بيغلي، بصفته رئيس "جمعية رجال الدين المناضلين في جمهورية أذربيجان" مع المرشد الإيراني علي خامنئي، وتحدث خلال اللقاء عن أوضاع السجناء "المسلمين" في جمهورية أذربيجان.
وفي عام 2017، حضر إبراهيم بيغلي مراسم أقيمت في مدينة زنجان الإيرانية ذات الأغلبية التركية الأذربيجانية في مراسم تحت عنوان "ذكرى شهداء نارداران"، وتحدث عن حادثة هجوم قوات الشرطة الخاصة التابعة لوزارة الداخلية لجمهورية أذربيجان على مراسم الأربعين لعام 2015 على شيعة منطقة ناردران في جمهورية أذربيجان مما أسفر عن مقتل أربعة منهم، حسب زعمه.
وبعد ثلاث سنوات في 2020، تحدث "توحيد إبراهيم بيغلي" عن قاسم سليماني في الفيلم الوثائقي "قائد القلوب" وزار بعض أعضاء جماعة "حسينيون" ضريح قاسم سليماني في مدينة كرمان عام 2020.
وبعد فوز إبراهيم رئيسي، هنأ إبراهيم بيغلي، في رسالة، رئيسي بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2021.
اعتقال أعضاء الجماعة
يذكر أن الأذربيجانيين الذين شاركوا في الحرب السورية من خلال جماعة "حسينيون" تم اعتقالهم بعد العودة إلى بلادهم، ومن بينهم "المير زاهدوف"، وهو أحد عناصر "لواء حسينيون" المتواجد في سوريا، وأرسل إلى سجن شكي عام 2021.
وتتهم أذربيجان "إبراهيم بيغلي" بممارسة جهود حثيثة وآراء متطرفة ضد حكومة جمهورية أذربيجان حسب مصادر أذربيجانية، حيث سبق أن اعتقلته الشرطة الأذربيجانية خلال مسيرة احتجاجية أمام السفارة الإسرائيلية في باكو واحتجزته المحكمة لمدة سبعة أيام.
واعتقل جهاز الأمن التابع لحكومة أذربيجان في 3 يوليو 2018 أحد أعضاء جماعة "حسينيون" يدعى "يونس صفروف" بتهمة محاولة اغتيال والي منطقة كنجة، وفي 14 يوليو 2018، ألقي القبض أيضا على عدد آخر من المقربين من إبراهيم بيغلي.
وفي عام 2020، تم العثور على مقر إقامة "فالق ولي أوف"، من أعضاء "حسينيون" على الأراضي الروسية، وتم تسليمه إلى جمهورية أذربيجان في 17 أغسطس. وجهت إليه تهمة الانتماء إلى "جماعة إجرامية"، و"التدريب العسكري خارج جمهورية أذربيجان لأغراض إرهابية" و"المشاركة في أنشطة جماعات مسلحة خارج قوانين جمهورية أذربيجان"، وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات من قبل محكمة الجرائم الخطيرة في كنجة.
وبشكل عام تصف وسائل الإعلام الأذرية ومنها "agriposten" جماعة "حسينيون" وزعيمها بالخضوع لإدارة وإرادة الحرس الثوري الإيراني وكقوة مسلحة مكونة من مواطنين أذربيجانيين ومتدربين في سوريا يتمتعون بدعم الحرس الثوري الإيراني.
المصدر: العربية نت