أنهت الحكومة العراقية تحضيراتها، لعقد القمة الإقليمية المزمعة نهاية الشهر الجاري بمشاركة دول جوار العراق، في ظل أوضاع داخلية مرتبكة.
وعلى هامش الاجتماع -الذي من المتوقع أن يشهد تمثيلا رفيع المستوى من الدول المشاركة- ستكون هناك لقاءات ثنائية وثلاثية بين الفرقاء في المنطقة لحسم كثير من الملفات الجدلية، ومن أبرزها الحصص المائية وما رافقها من خلاف بين تركيا والعراق وإيران، إضافة لملف الانسحاب الأمريكي من العراق، فضلا عن مباحثات إيران وأميركا فيما يتعلق بالاتفاق النووي.
ولا يخفى أن الهدف الأساسي من القمة المرتقبة هو جذب العالم إلى ريادة العراق مرّة أخرى في المنطقة، إلى جانب تعزيز مقومات الدولة الاقتصادية عبر تشجيع الاستثمار والانفتاح على رؤوس الأموال، والتكنولوجيا، وتعزيز فرص العمل، فضلا عن تطوير الاقتصاد العراقي.
ويؤكد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري -للجزيرة نت- أن إرسال الدعوات إلى زعماء الدول هو إيذان بإنهاء العراق التحضيرات الخاصة بالقمة، خاصة أن هذا الاجتماع سيدعم الحياد الإيجابي الذي يتخذه العراق وسيعزز علاقاته الدبلوماسية مع دول العالم، بما يمكنه من استعادة دوره الريادي، فضلا عن العمل على وقف التدخلات الخارجية بشؤونه.
جدل يسبق القمة
تؤكد لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عدم درايتها بأي معلومات عن القمة وجدول أعمالها، كما أن الحكومة ووزارة الخارجية لم تطلعا اللجنة النيابية على أي تفاصيل تتعلق باجتماع يضم قادة دول جوار العراق وبعض الدول المؤثرة في المشهد العراقي، كما يقول عضو اللجنة عامر الفايز.
وأوضح الفايز، أن المشاكل الداخلية التي يعاني منها العراق ما هي إلا انعكاس للصراع الخارجي، وتصفير هذه المشاكل يبدأ من تسوية الأزمات التي تعاني منها الأطراف الخارجية، ليكون بذلك الداخل العراقي مستقرا.
ويؤكد الفايز -الذي لم يستبعد في حديثه وجود خلل في تنفيذ مخرجات القمة- أن الحكومة الحالية التي يرأسها مصطفى الكاظمي لم يبق من عمرها سوى شهرين حيث ستعقد انتخابات تشريعية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وستتحول الحكومة بموجب ذلك إلى حكومة تصريف أعمال، وهذه المدة القصيرة لن تسمح بتنفيذ تلك المخرجات مما يفسر ترحيل ما تتمخض عنه القمة من توصيات إلى الحكومة المقبلة.
نضوج الوساطة
العراق الذي يسعى من خلال القمة إلى تخفيف حالة التوتر بين أكبر خصمين في منطقة وهما السعودية وإيران، سيستغل القمة لتقريب وجهات النظر بما ينعكس على سلامة دول المنطقة.
ويشير السياسي العراقي رحيم العبودي -للجزيرة نت- إلى أن العراق غادر العزلة الدولية وسيعمل عبر القمة المرتقبة على تثبيت دوره وسيطا في المنطقة لخفض التوتر الحاصل سواء كان بين أمريكا وإيران أو السعودية وإيران، ويكمل العبودي قوله إن القمة المرتقبة ستشهد عقد لقاءات جانبية على هامش الاجتماع الإقليمي، إذ سيلتقي وفد أميركي بآخر إيراني لبحث الملف النووي الإيراني وسبل وقف المصادمات التي تتعرض لها مصالح الطرفين في دول المنطقة، فضلا عن اجتماع مشترك آخر سيعقد على هامش القمة بين طهران والرياض لتصفير المشكلات بينهما.
المشاركة الفاعلة
ونتيجة للصراعات في المنطقة التي حولت العراق لساحة تصفية حسابات بين بعض الأطراف الإقليمية، يأتي انعقاد القمة في ظل ظروف لها أهمية كبيرة في تخفيف حدة النزاع، خاصة أن الأطراف الرئيسة التي ستشارك في هذا الاجتماع وصل عددها إلى 8 دول، حسبما أكد الشمري، وهي السعودية والكويت وقطر والإمارات وتركيا والأردن إضافة إلى مصر وإيران.
ويشير رئيس مركز التفكير السياسي إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيكون حاضرا إلى جانب ممثلين عن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، فضلا عن أمين عام الجامعة العربية وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي.
وتعكس هذه المشاركة والتمثيل عالي المستوى استعادة العراق لدوره في المنطقة حسبما يرى أستاذ العلاقات الدولية علي فضل الله، الذي يقول -للجزيرة نت- إن نجاح العراق في تنظيم هذه القمة، سيقابله توتر وتشنج دبلوماسي مركب ومعقد بين دول المنطقة، وبالتالي فإن خارطة العلاقات لن تتأثر بهذه السرعة، لكن قمة العراق الإقليمية ستكون الخطوة الأولى الجريئة لإطفاء بعض ما أسماها بالحرائق الدبلوماسية بين دول المنطقة.
المصدر: الجزيرة نت