وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" محاكمة مواطن إيراني في السويد بـ "التاريخية"، والتي بدأت في العاشر من الشهر الجاري، وهو متهم بالمشاركة في الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين.
في 27 يوليو / تموز، أعلن المدعون السويديون قرارهم محاكمة مواطن إيراني بتهمة "ارتكاب جرائم حرب وقتل جسيم في إيران خلال عام 1988".
وكان قد أوقف حميد نوري، البالغ من العمر (60 عاماً) في نوفمبر 2019 في مطار ستوكهولم-أرلاندا الدولي خلال زيارة للسويد، ومنذ ذلك الحين يخضع للحجز المؤقت.
وأفادت النيابة العامة السويدية بأن "حميد نوري أقدم بين 30 يوليو 1988 و16 أغسطس في سجن كوهردشت في كرج في إيران بصفته نائب المدعي العام على قتل متعمّد لعدد كبير جداً من السجناء المؤيدين أو المنتمين إلى مجاهدي خلق، بناء على أمر بالإعدام، صادر من الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد هجمات نفذتها الحركة ضد النظام في نهاية الحرب الإيرانية-العراقية (1980-1988).
وقالت بلقيس جراح، المديرة المشاركة لقسم العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش "تأتي هذه المحاكمة البارزة في السويد بعد عقود من المثابرة من قبل العائلات الإيرانية وضحايا عمليات الإعدام الجماعية عام 1988، هذه القضية تقرب الضحايا من العدالة على الجرائم التي ارتكبت منذ أكثر من 30 عاما".
والمحاكمة في السويد ممكنة لأن قوانين الدولة تعترف بالولاية القضائية العالمية على بعض الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي، وهذا يسمح بالتحقيق والملاحقة القضائية لهذه الجرائم بغض النظر عن مكان ارتكابها وبغض النظر عن جنسية المشتبه فيهم أو الضحايا.
في 18 يوليو/ تموز 1988، قبلت إيران قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 598، الذي دعا إلى وقف إطلاق النار في الحرب التي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق، وفي 24 يوليو/ تموز 1988، توغلت أكبر جماعة معارضة إيرانية مسلحة، وهي منظمة مجاهدي خلق، التي تتخذ من العراق مقراً لها منذ عام 1986، في إيران.
وحاولت القوة المسلحة للجماعة، الإطاحة بالحكومة الإيرانية، فتصدت القوات الإيرانية الهجوم، وأعدمت السلطات الإيرانية بعد ذلك العديد من المعارضين السياسيين في ذلك الوقت في السجن، بما في ذلك العديد من أعضاء مجاهدي خلق الذين اعتقلوا وحكم عليهم قبل سنوات.
بعد فتوى دينية أصدرها آية الله الخميني بتشكيل لجنة لمراجعة قضايا آلاف السجناء السياسيين، أعدمت السلطات الإيرانية في عام 1988 آلاف السجناء السياسيين المحتجزين في السجون الإيرانية، ولم تقدم السلطات الإيرانية رسميا أي معلومات حول عدد السجناء الذين أُعدموا، إلا أن الراحل آية الله حسين علي منتظري، النائب السابق للمرشد الأعلى، قدر عدد الضحايا بما يتراوح بين 2800 و 3800.
وأفادت "منظمة العفو الدولية"، أن "اللجنة الإيرانية للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران"، وهي مجموعة لحقوق الإنسان خارج إيران، سجلت أسماء 4672 شخصا قتلوا خلال عمليات القتل الجماعي للسجناء في عام 1988، والذين كانوا ينتمون إلى جماعات المعارضة اليسارية أو السياسية الأخرى.
في أغسطس/ آب 2016، نشرت عائلة منتظري ملفا صوتي، تم تسجيله في الأصل في أغسطس/ آب 1988، انتقد فيه بشدة عمليات الإعدام في محادثة مع اللجنة، ووصفها بأنها "أكبر جريمة في الجمهورية الإسلامية، والتي سيديننا التاريخ بسببها".
ولطالما سعت السلطات الإيرانية إلى إسكات ومحاكمة أولئك الذين يسعون لتحقيق العدالة على الجرائم المرتكبة في عام 1988، بعد الإفراج عن الملف الصوتي، حكمت المحكمة الإيرانية الخاصة لرجال الدين على أحمد منتظري، نجل آية الله منتظري ، بالسجن 21 عاما في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 بتهم ومنها "بث الدعاية ضد النظام" و "إفشاء الخطط أو الأسرار أو القرارات المتعلقة بالسياسات الداخلية أو الخارجية للدولة، بما يرقى إلى مستوى التجسس"، وتم تعليق الحكم في وقت لاحق.
وسبق أن وصفت منظمة العفو الدولية ومجموعة من خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة عمليات الإعدام الجماعية عام 1988 بأنها جريمة تشكل أو "قد ترقى إلى"الجرائم ضد الإنسانية"، وهي من أبشع الجرائم في القانون الدولي.
وقالت هيومن رايتس ووتش، إنه يجب التحقيق مع المتورطين بشكل موثوق، ومحاكمتهم على هذه الجرائم.
وكان المسؤولون الإيرانيون مرتضى إشراغي وحسين علي النايري ومصطفى بور محمدي، أعضاء في اللجنة التي قررت مصير المعتقلين في إيران، وبحسب الناجين، شارك الرئيس إبراهيم رئيسي، نائب المدعي العام في طهران آنذاك ، في الاجتماعات.
وتلقى الأربعة رسائل من آية الله منتظري تناقش الإعدامات الجماعية، بالإضافة إلى ملف صوتي تم إصداره بأصواتهم يناقش القضية.
لكن المزاعم المتعلقة بتورط الرئيس الرئيسي في عمليات الإعدام الجماعية عام 1988، ليست جزءا من هذه المحاكمة السويدية.
إيران إنسايدر - (ترجمة هشام حسين)