بينما يبدو أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة قائم، فإن اندلاع العنف الأخير بين إسرائيل وغزة كان مجرد أحدث مثال على أن هذا الصراع المستمر منذ فترة طويلة لا يزال دون حل.
ووفقا لرئيس لجنة الاستخبارات الأسبق بمجلس النواب الأمريكي مايك روجرز في مقاله على موقع "ذي هيل"، فهو صراع له جذور عميقة في المظالم التاريخية وخطوط الصدع الجيوسياسي، وسيكون من الصعب بما فيه الكفاية، اندلاعه، لولا التشجيع والتمكين المباشر للعنف من قبل طرف ثالث، وهو طرف استمر في الإفلات من المساءلة: إيران.
وأظهرت الصور المتدوالة لنظام "القبة الحديدية" الإسرائيلي وهو يعترض الصورايخ التي تطلقها حماس، كيف مكنت طهران حماس وباقي الفصائل الفلسطينية من المساعدة التكنولوجية، ما مكن الفصائل من جمع حوالي 30 ألف صاروخ ومقذوفات هاون.
ومن المؤكد أن هذه الفصائل الفلسطينية تقوم بتجميع وتصنيع المقذوفات الخاصة بها باستخدام كل شيء، من إمدادات السباكة إلى الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة، ولكن يتم توفير الصواريخ الأكثر تقدمًا والأكثر قدرة من إيران.
في أيار/ مايو 2019، أقر يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، بمدى أهمية طهران لجهود الجماعة المسلحة فقال "لولا الدعم الإيراني، لما امتلكنا هذه القدرات".
وفي مقطع فيديو بث في أيلول/ سبتمبر 2020 على قناة الجزيرة، شوهد عناصر من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يجمعون صواريخ فجر إيرانية وصواريخ كورنيت المضادة للدبابات وذخائر أخرى.
لا ينبغي أن يكون هذا مفاجئا، ولكن يجب الاعتراف به كعقبة لا يستهان بها أمام حل الصراع المفتوح بين إسرائيل والفلسطينيين.
قال المرشد الإيراني الأعلى آية الله خامنئي نفسه "لا يفهم الصهاينة سوى لغة القوة، لذلك يجب على الفلسطينيين زيادة قوتهم ومقاومتهم لإجبار المجرمين على الاستسلام ووقف أعمالهم الوحشية".
تورط إيران في الأزمة الحالية بالكاد يخفي، فإسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وخليفة قاسم سليماني - الذي قتلته الولايات المتحدة في بداية عام 2020 - على اتصال وثيق مع زعيم حماس إسماعيل هنية.
وأفادت تقارير صحفية إيرانية، أن حماس، بمساعدة طهران على الأرجح، زادت من سرعة الصواريخ، وكذلك حجم ودقة القذائف، في محاولة لإفشال نظام القبة الحديدية.
وبحسب وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، فإن "مجموعات المقاومة زادت تدريجياً من جودة صواريخها، من خلال الدراسة المتأنية لنقاط القوة والضعف في منظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش الصهيوني، وخاصة نظام القبة الحديدية".
وعلق الكاتب "هذا ليس شيئا يتم القيام به في الفناء الخلفي أو الطابق السفلي في غزة، ولكنه شيء قام به متخصصون، ومن المؤكد تقريبا أنهم يرتدون زي الحرس الثوري الإيراني".
يظهر النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار عبر المنطقة من اليمن بدعمها للحوثيين إلى لبنان بدعمها لحزب الله ودعمها لبشار الأسد في سوريا ومحاولاتها تقويض الديمقراطية في العراق.
لا تسعى طهران إلى الاستقرار أو النمو أو السلام، بل تسعى إلى الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، وتثبت فعاليتها في هذا المسعى، فسياسات إيران في الشرق الأوسطلم تجلب سوى الخراب إلى المنطقة وزعزعة الاستقرار وإثارة العنف في المناطق التي تحتاج إلى المساعدة والدعم، وليس المزيد من الأسلحة والذخيرة.
لا يمكن إحراز تقدم نحو السلام في خضم القصف الصاروخي ونيران البطاريات المضادة، وبالتأكيد لا يمكن إحرازه بينما تعمل طهران بنشاط على تقويض العملية، وتمكين شركائها في غزة من مهاجمة إسرائيل بشكل عشوائي.
وتسعى إيران إلى استمرار العنف من خلال توفير المزيد من الصواريخ وقذائف الهاون المتقدمة، وزيادة قدرات حماس والتشجيع الصريح على العنف بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأكد الكاتب أن وقف إطلاق النار هو خطوة أولى جيدة، وخطوة يجب العمل لضمان استمرارها، لكن الوقت قد حان لمحاسبة إيران على تأجيجها لهذا الصراع ودورها زعزعة الاستقرار في المنطقة، وسيؤدي عدم القيام بذلك إلى ترك هذا الصراع، والعديد من النزاعات الأخرى في المنطقة، مثل القروح المفتوحة التي سيستمر نفوذ طهران في التفاقم فيها.
إيران إنسايدر - (ترجمة فتحية عبدالله)