يعمل الطبيب الإيراني أوميد تونكابوني، البالغ من العمر 44 عاما، حاليا كأخصائي طوارئ حيث يتمتع بخبرة تزيد عن عقدين من الزمن، ولكن بينما يريد أن يواصل ممارسة مهنته، وتحقيق أحلامه وأحلام والديه، لم يعد يرى مستقبلا له إيران، وفقا لتصريحات أدلى بها لصحيفة "لوس آنجلوس تايمز".
جاءت العقوبات الأمريكية، لتزيد من معاناة المستشفيات التي تعاني من نقص الإمدادات والاقتصاد المتدهور في البلاد، الأمر الذي انعكس على الرواتب التي يتقاضاها الأطباء، ما يدفع تونكابوني إلى البحث عن فرص أفضل في مكان آخر.
ويدرس تونكابوي حاليا للحصول على شهادة دولية، لتمكينه من الانضمام إلى آلاف العاملين في مجال الرعاية الصحية الإيرانيين الذين يغادرون البلاد.
ويمثل النزوح الجماعي للأطباء، ضربة موجعة بشكل خاص لإيران التي تصارع من أسوأ أزمات فيروس كورونا في العالم، حيث يموت المئات من الأشخاص بسبب COVID-19 كل يوم في إيران، مما يزيد من عدد الضحايا التراكمي البالغ 78381، وهو عدد أقل من المؤكد تقريبا.
المستشفيات مكتظة بمرضى COVID-19، ويقول مسؤولون إيرانيون كبار، وصفوا الهجرة الجماعية للمهنيين الطبيين بأنها خسارة فادحة، إن هناك حاجة إلى 53000 ممرض وطبيب إضافي لمكافحة تفشي المرض.
شوهريه جولبيكار، ممرضة إيرانية، كشفت هي الأخرى أنها بصدد أخذ دورات تدريبية للحصول على الشهادات التي تسمح لها بالهجرة إلى كندا.
تقول جولبيكار البالغة من العمر 35 عاما، إن العشرات من زميلاتها وزملائها السابقين انتقلوا بالفعل إلى هناك أو إلى أستراليا.
وتضيف "لقد كنت ممرضة ولدي ما يقرب من 10 سنوات من الخبرة، وعملت تحت ضغط شديد لسنوات عديدة، لكن راتبي ليس جيدا".
وكان تونكابوني نفسه يسحب نوبات عمل طويلة في مستشفيات مختلفة في طهران، لكن الطبيب الذي كان في يوم من الأيام مثاليا، والذي تمسك بشعار "ابق واخدم بلدك" توقف عن الوعظ بذلك لزملائه الشباب، ويأمل في الانتقال إلى ألمانيا.
يقول تونكابوني "أتذكر أنني كسبت ما يصل إلى 22 ألف دولار عام 2006، وهو راتب يُحسد عليه في إيران، لكن الأمور ساءت لأن العقوبات الدولية دمرت اقتصادنا، اليوم أكسب 10 مرات أقل من ذلك رغم أني مختص حاليا".
في فبراير/شباط، مع تصاعد موجة جديدة من حالات COVID-19، صدمت تغريدة من المجلس الطبي الإيراني الكثيرين بتأكيدها أن 3000 طبيب قد انتقلوا إلى الخارج عام 2020.
وتراوحت ردود الفعل بين التعاطف مع أولئك الذين غادروا، وانتقاد الحكومة التي لم تدعم الأطباء، وإلقاء اللوم على الدول الغنية لسرقة رأس المال البشري من البلدان النامية، وسط انتشار جائحة.
ويضيف "أستطيع أن أقول إن حوالي 30٪ من أصدقائي وزملائي غادروا إيران، متجهين إلى أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية منذ عام 2009"، مشيرا إلى أن الهجرة ليست "النهاية السعيدة" التي سعى كثيرون مثله إليها، بعد أن استثمروا الكثير من الوقت والجهد دراسة الطب في نظام تعليمي عالي التنافسية في إيران.
وتقدر تقارير مختلفة أن حوالي 180.000 إيراني متعلم عاليا، يغادرون البلاد كل عام.
وخنق فيروس كورونا مصادر الدخل إلى حد كبير، وتعثرت البرامج الحكومية لإبقاء الأطباء سعداء، وقال الطبيب النفسي علي نيكجو إن "الموارد البشرية للبلاد إما تهاجر من البلاد أو أن تتحول إلى أشخاص يائسين".
وقال تونكابوني، إن لديه فرصة للانتقال إلى الولايات المتحدة، حيث تعيش أخته، عندما كان الإصلاحي محمد خاتمي رئيسا لإيران، قبل أحمدي نجاد، لكنه اختار عدم الذهاب في ذلك الوقت لأنه كان لديه دخل ممتاز.
وأضاف "بالنظر إلى الجالية الإيرانية الكبيرة، كانت الولايات المتحدة الوجهة الرئيسية للعديد من الأطباء والمتخصصين الإيرانيين، لكن يبدو أنه في السنوات العديدة الماضية، كانت المراكز الطبية الأمريكية مترددة في استقبال الأطباء الإيرانيين".
مغادرة إيران لم تخطر ببال تونكابوني منذ زمن، ولكن هذا هو هدفه الآن، مشددا على أن الروابط العاطفية لا يمكن أن تبقيه في بلاده بعد الآن.
إيران إنسايدر - (ترجمة فتحية عبدالله)