بات الاقتصاد الإيراني ينهار بعد سنوات من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، وتصر طهران على أن واشنطن يجب أن ترفع تلك العقوبات، قبل أن يتمكن الجانبان من العودة إلى المحادثات النووية.
وأبدى كلا البلدين اهتماما بالعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن رفض كلاهما الاستسلام للآخر.
ويبدو أن إيران قد حسبت أنها تستطيع تحمل الضغط الاقتصادي الذي يتراكم مع اتخاذ موقف أكثر تشددا ضد إدارة بايدن.
وقعت إيران الاتفاق النووي -المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)- مع الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا عام 2015.
لكن الولايات المتحدة انسحبت في عهد الرئيس دونالد ترامب من الاتفاقية عام 2018، وفرض عقوبات بموجب سياسة "الضغط الأقصى" لإجبار النظام على العودة إلى المفاوضات.
ونشرت قناة "سى إن بي سي" الأمريكية تقريرا استعرض مجموعة من المؤشرات توضح مدى تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني.
أضرار على الاقتصاد والنفط خاصة
انكمش الاقتصاد الإيراني بنحو 4.99٪ في عام 2020، حيث واصل انكماشه المطرد منذ عام 2017.
وبالمقارنة، تمتعت الجمهورية الإسلامية بنمو اقتصادي حاد بنسبة 12.5٪ في عام 2016 بعد توقيع الاتفاق النووي، ومع ذلك، فإن هذا النمو لم يدم طويلا.
وقال إليوت أبرامز، وهو الممثل الخاص لإيران خلال إدارة ترامب، والآن زميل أول لدراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية (CFR) "من المستحيل معرفة الأرقام بدقة، التي تدل على تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني"، وأضاف "لكني أعتقد أنه من الواضح أن العقوبات كان لها تأثير على الاقتصاد الإيراني، وعلى ميزانية الحكومة".
وبين أبرامز، أن العقوبات قللت من قدرة إيران على بيع النفط، ومنعتها من إعادة الأموال من مبيعات الطاقة، وقال "هناك مليارات الدولارات في بنوك في العراق والصين وكوريا الجنوبية... لا تستطيع إيران السيطرة عليها بسبب العقوبات".
وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن تستمر صادرات النفط للجمهورية الإسلامية في الانخفاض في عام 2021.
وتراجعت الصادرات والواردات بشكل حاد بعد إعادة فرض العقوبات، وإلى جانب النفط، تم فرض عقوبات أيضا على المعادن الصناعية الإيرانية، وهي مصدر كبير لإيرادات صادرات البلاد.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن إيران سقطت في عجز تجاري بقيمة 3.45 مليار دولار في عام 2020. وكان لديها فائض تجاري قدره 6.11 مليار دولار في عام 2019 ، وفقا لصندوق النقد الدولي.
ارتفاعات التضخم
انخفضت العملة الإيرانية بشكل مطرد منذ أوائل عام 2018 ، لكن ماثيو باي، المحلل العالمي البارز في ستراتفور، قال إن الريال "استقر إلى حد ما".
ومع ذلك، فإن قيمة العملة المحلية في السوق غير الرسمية تقف عند أكثر من 250 ألف ريال للدولار - وهذا بعيد عن السعر الرسمي للبنك المركزي البالغ 42 ألف ريال للدولار الذي يستخدم لمعظم السلع المستوردة.
وأضاف ماثيو باي "يجعل ضعف العملة الواردات أكثر تكلفة بالنسبة للسكان المحليين، وارتفاع التضخم يعني أن تكلفة المعيشة آخذة في الارتفاع في وقت يعاني فيه الناس بالفعل من ضعف الاقتصاد وسوق العمل".
سوق عمل ضعيف
من المقرر أن ترتفع معدلات البطالة بشكل أكبر في ضوء الصعوبات الاقتصادية في إيران.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنه من المتوقع أن يكون ما يقدر بنحو 12.4٪ من السكان عاطلين عن العمل، في عام 2021.
اتساع عجز الميزانية العامة
تنفق الحكومة الإيرانية أكثر من إمكانياتها، وشهدت عجزا ماليا متزايدا، في حين أن هذا ليس شيئا سيئا دائما، إلا أنه قد يحد من قدرة البلاد على تحسين النشاط الاقتصادي والتعافي من جائحة فيروس كورونا.
"أنا متأكد من أن الميزانية الوطنية تحظى ببعض الاهتمام (للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي) لأنه يريد أموالا للحرس الثوري وحزب الله والميليشيات الشيعية في العراق ونفقات أخرى مختلفة لديهم"، يقول المسؤول الأمريكي السابق أبرامز.
ومع ذلك، أشار إلى أن الاهتمامات المعتادة للحكومة المدنية، مثل الدخل القومي ، ومتوسط دخل الأسرة، ومعدل التضخم، أو معدل البطالة، قد لا تكون مهمة للزعماء الدينيين.
الطريق إلى صفقة أمريكية - إيرانية
يقول المحلل ماثيو باي إن "اتفاقية بين الولايات المتحدة وإيران ليست مستحيلة، لكن فقط إذا خفف كل طرف من موقفه الحالي".
ويضيف "يجب على الولايات المتحدة أن تقبل بتخفيف العقوبات، وهي خطوة ضرورية نحو حمل إيران على الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، ومن ناحية أخرى، يتعين على إيران أن تدرك أنه إذا لم تتخذ "خطوات جوهرية"، فلن تتمكن إدارة بايدن من تعليق العقوبات بالكامل".
بدوره يقول أبرامز إن هناك "مشكلة كبيرة للغاية" في سياسة إدارة بايدن تجاه إيران، وهي إحياء الاتفاق النووي قبل التفاوض على اتفاقية أوسع تشمل برنامج إيران الصاروخي ودعمها للميليشيات في الشرق الأوسط".
ويضيف "لكن بمجرد عودتك إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، تكون قد رفعت معظم العقوبات الاقتصادية المهمة".
وأشار باي إلى أن طهران أصرت على رفع العقوبات قبل بدء المحادثات، معلقا "يبدو أن إيران حسبت أنها تستطيع تحمل الضغوط الاقتصادية التي تتراكم مع اتخاذ موقف أكثر تشددا ضد إدارة بايدن".
إيران إنسايدر – (ترجمة هشام حسين)