تحاول الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق، إعادة إحياء مشروع قديم لها يهدف إلى السيطرة على منطقة الطارمية وضواحيها شمال بغداد، لما لتلك المنطقة من أهمية استراتيجية.
وكان أعلن الأمين العام لميليشيا "سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي، أن قواته جاهزة للتقدم في منطقتي الطارمية والمشاهدة، كما عاود قادة الفصائل المسلحة وجددوا دعواتهم لتطبيق نموذج "جرف الصخر" على تلك المنطقة.
ويرى مراقبون عراقيون أن المنطقة ضحية بسبب موقعها الجغرافي الذي فرض عليها حسابات طائفية وسياسية تتعلق بالانتخابات وثقلها السكاني، وسط فشل أمني واضح.
وتقع الطارمية، ضاحية بغداد الشمالية، وسلتها الغذائية، على بعد 20 كم من مركز العاصمة، وهي أحد الأقضية الستة التي تحيط ببغداد، وتُعرَف حاليا بمناطق حزام بغداد، وتربط بغداد مع صلاح الدين وديالى والأنبار في طرفها الغربي، كما أنها تقع على الطريق الواصل بين مرقدين دينيين في سامراء، ويبلغ عدد سكانها نحو 91 ألف نسمة غالبيتهم من المذهب السني، ومساحتها 300 كم مربع، ويقطنها خليط من عدة عشائر، أبرزها المشاهدة والعبيد والدليم والجنابين والسلمان، ومهنتهم الرئيسة هي الزراعة.
وكانت تعرف في العصر العثماني باسم ريف بغداد، إلا أن تسميتها بـ"الطارمية"، جاءت مشتقة من الكلمة التركية "طغارمية"، ومعناها الأرض الخصبة ذات الإنتاج المضاعف.
ومنذ عام 2014، يشكو سكانها من سلسلة إجراءات أمنية وعسكرية بذرائع أمنية، بسبب موقعها الجغرافي، إذ لا يدخل أحد المدينة إلا بكفيل من سكانها، وحُدِّدَت مداخل ومخارج للمدينة تخضع للتفيش.
أهمية السيطرة
في التفاصيل، تضمن سيطرة ميليشيات إيران على الطارمية التحكم في 3 مدن انطلاقا من بغداد، كما أنها ستؤمن حركة غير منقطعة لنقل السلاح والعتاد من إيران إلى قطعات الحشد الشعبي المنتشرة شمالا وغربا، وذلك وفقا لتقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط".
وأفادت مصادر ميدانية، بأنه وفي حال سيطرة الميليشيات على الطارمية ومحيطها، فإن ذلك يعني نجاحها بالكامل في كسر الحزام التاريخي لبغداد، والتحكم فيه كمنطقة استراتيجية للمناورة.
كما يعني نقل تجربة "جرف الصخر"، الواقعة كليا تحت سيطرة فصائل مسلحة نافذة، تهجير السكان المحليين وفرض نظام "التدقيق الأمني" بحق الأفراد، فضلا عن إنشاء معسكرات داخل المدينة.
الحلقة ما قبل الأخيرة
وترى المصادر -بحسب التقرير- أن الفصائل لن تتراجع عن خطتها في الاستيلاء على الطارمية، لأنها الحلقة ما قبل الأخيرة في مشروع طويل الأمد بالسيطرة على نقاط محورية في خريطة المدن المحررة".
إلى ذلك، أشارت المعلومات بحسب قادة ميدانيين، إلى أن "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق" مكلفتان بتنفيذ المشروع.
يشار إلى أن السلطات العراقية كانت فرضت قبل أيام، إجراءات تشمل مراقبة أنشطة ميليشيات الحشد الشعبي داخل قواعد الجيش، بينها منع استخدام تلك القواعد في أنشطة خارجة عن القانون، كاستهداف القواعد العسكرية والبعثات الدبلوماسية.
وبدت الإجراءات الجديدة واضحة في غالبية القطاعات العسكرية، كما أنها تمضي باتجاه تحييد الأنشطة غير القانونية.
وكانت ميليشيات الحشد قد غيرت من استراتيجيتها عبر التموضع بمواقع جديدة على أطراف المدن وقرب الحدود لتفادي الضربات الجوية.
جاء ذلك بعدما حاولت مجموعات مسلحة من الميليشيات والفصائل التابعة للحشد، أواخر الشهر الماضي، اقتحام المنطقة الخضراء، مستعرضة بالسلاح، قبل أن تتدخل القوات الأمنية وتفرض السيطرة على العاصمة ومداخلها.
إيران إنسايدر