يتذكر الشاب سامي "اسم مستعار" البالغ من العمر 33 عاما في مدينة عدن اليمنية قصته، فيقول "لقد كنت متعبا، لكنني اعتقدت أنها مجرد إنفلونزا موسمية".
غادر "سامي" المنزل الذي كان يعيش فيه مع والدته وشقيقه لزيارة مركز صحي لإجراء فحص روتيني، وخلال تلك الزيارة بدأ سامي يكتشف حقيقة مرضه يقول "أخبرني الطبيب في المستشفى أنني بحاجة لإجراء المزيد من الفحوصات، لم أدرك ما هو الخطأ حتى أُعطيت النتائج وأخبرت بأنني مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، هذا اليوم غير حياتي للأبد"، وذلك في مقابلة أجراها مع موقع "ريليف ويب".
في كثير من أنحاء العالم اليوم، لم يعد تشخيص فيروس نقص المناعة البشرية، حكما بالإعدام على صاحبه، نظرا لتوفر الأدوية المناسبة ولكن ليس لدى جميع الدول.
وفي البلدان التي تعاني من أزمات حادة، قد يكون من الصعب الحصول على الأدوية والرعاية الصحية، وهذا هو الحال في اليمن، الذي يدخل عامه السابع من الصراع والأزمة، هناك، فقط 50 في المائة من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها، مع ندرة الإمدادات الطبية، ويكافح ما يقدر بنحو 11 ألف شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية في اليمن، من أجل البقاء على قيد الحياة.
مثل العديد من الشباب الآخرين في اليمن، وفي جميع أنحاء العالم، كانت معرفة سامي بفيروس نقص المناعة المكتسبة محدودة للغاية، لم يكن هناك مناقشات في المنزل أو في المدرسة أو مع الأصدقاء حول المرض، لكنه كان يعلم أن من يصاب بالفيروس يجلب العار لنفسه ولعائلته نظراً، لأن هذا الفيروس مرتبط بممارسات محظورة ثقافيا.
قال سامي، الذي كان يعلم أنه يواجه مستقبلًا من الرفض "أوضح لي الطبيب المزيد عن الفيروس، لأنه لم يكن لدي أي فكرة عما سأتعامل معه" مضيفاً
"أتذكر أنني بكيت في ذلك الوقت، وكأن العالم قد انتهى".
قبل تشخيص حالته، كان سامي يحب السباحة وصيد الأسماك مع الأصدقاء، والآن لم يكن متأكدًا مما إذا كان سيكون جيدًا بما يكفي ليكون نشطًا مرة أخرى.
شعر وكأن عالمه ينهار من الداخل، لقد رأى ما فعلته سنوات الصراع بالمؤسسات العامة في بلده، التي أصبحت الآن بالكاد قادرة على دعم شعبه، لم يكن يعرف ما إذا كان بإمكانه الحصول على العلاج، وما إذا كان الفيروس سيستمر في السيطرة على جسده.
لكن سامي كان محظوظا، حيث أخبره طبيبه عن موقع "ART" في مدينة عدن، والذي يمكنه أن يقدم المساعدة.
موقع "ART" مرفق صحي يقدم خدمات الرعاية والأدوية للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة، وهذا يشمل المشورة الوقائية والتشخيصية والتوعوية والغذائية، فضلاً عن الخدمات العلاجية والاستشارية.
وقال الدكتور ناصر قاسم سامي رئيس موقع "ART" في عدن "حتى عام 2007، لم يكن بإمكان الأفراد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، ولكن مع موقع العلاج المضاد للفيروسات القهقرية والرعاية الصحية المركزة التي يوفرها، يشعر المرضى بالارتياح والأمان، بمجرد أن يتناول الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة أدويتهم بانتظام، يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية".
وعندما اندلع الصراع في اليمن، تضرر معظم أثاث ومعدات موقع "ART"، مما أدى إلى إغلاق شبه تام للخدمات لأكثر من ثلاث سنوات، واستجابة للحاجة الملحة لإعادة الموقع، دعمت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز (NACP) في عدن.
ومن خلال مشروع الاستجابة في الشرق الأوسط للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، تمكنت المنظمة الدولية للهجرة من المساعدة في إعادة تأهيل الموقع، وتضمنت عملية إعادة التأهيل تزويد الموقع بالأثاث ومكيفات الهواء ومعدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
عندما جاء سامي إلى الموقع لأول مرة، كان بحاجة إلى أكثر من رعاية طبية، كما احتاج إلى الاهتمام النفسي والدعم العاطفي.
وقال الدكتور ناصر من موقع "ART"، إن "تشخيص إصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، يمكن أن يكون من أصعب التجارب التي يمكن أن يمر بها الشاب".
وأضاف "قد يشعر مريض فيروس نقص المناعة المكتسبة بالخوف أو الحزن أو حتى الغضب، ولا بأس بذلك، إنه جزء طبيعي تمامًا من التأقلم مع شيء يمكن أن يغير حياتك ".
ويعاني الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة من ضعف المناعة، لذا فإن تزويد المرضى، مثل سامي، بجدول زمني محدد للأغذية الغذائية التي يمكن أن تساعد في رفع مستوى المناعة في أجسامهم يعتبر جزءا من العلاج، وهذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص خلال جائحة COVID-19، حيث أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة أكثر عرضة للإصابة بالفيروس.
ويشارك سامي أيضًا في جلسات توعية أسبوعية حول كيفية التعايش مع فيروس نقص المناعة البشرية، بشكل مريح وجلسات حول الدعم النفسي وجلسات تعزيز الثقة.
وبعد أن أكملت المنظمة الدولية للهجرة ترميم موقع "ART"، استعادت عيادة موقع العلاج المضاد للفيروسات ومناطق الاستشارة والمختبرات والصيدلة والنظام التقني وظيفتها بسرعة، وزاد الموظفون من عدد الأشخاص الذين يقدمون المساعدة لهم.
وبدأ الزوار في تشجيع مرضى الإيدز الآخرين على القدوم لتلقي العلاج.
"بدأت في تناول دوائي بانتظام، والآن أشعر بتحسن كبير عن ذي قبل" قال سامي، الذي بات بإمكانه الآن استئناف الهوايات التي يحبها، وذلك بفضل الجرعة العلاجية التي يتلقاها كل ثلاثة أشهر "أشعر وكأنني استعدت جزءًا من حياتي".
وبحلول نهاية عام 2020، تم تسجيل ما يقرب من 3000 شخص مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة في مواقع العلاج المضاد للفيروسات القهقرية، في محافظات عدن وتعز وحضرموت وصنعاء والحديدة، وأكثر من 360 مصاب - ما يقرب من 20 في المائة - يحظون بالاهتمام في موقع عدن.
ومن خلال الصندوق العالمي، تواصل المنظمة الدولية للهجرة دعم مواقع العلاج المضاد للفيروسات القهقرية و NACP بشرائح الاختبار السريع لفيروس نقص المناعة البشرية ، والآلات المختبرية المتقدمة، وعلاج فيروس نقص المناعة المكتسبة، والمواد المضادة للعدوى وغيرها من العناصر اللازمة لضمان عمل المواقع بشكل جيد، وتقديم أفضل رعاية ممكنة لمرضاهم.
إيران إنسايدر – (ترجمة فتحية عبدالله)