عادت قضية الحجاب إلى الواجهة في إيران، مع اتخاذ الحكومة أساليب جديدة لقمع النساء اللواتي يتحدين قبضة النظام الأمنية عبر خلع الحجاب، فيما زعم المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، الثلاثاء، في كلمة أمام المسؤولين الإيرانيين، من وصفهم "الأعداء" بالوقوف وراء تسويق هذه الظاهرة، قائلاً إنّ "العدو يعمل وفق مخطط وعلينا أن نواجه ذلك بشكل محسوب ومبرمج"، مضيفا أن "خلع الحجاب حرام شرعيا وسياسيا".
ودعا "خامنئي" في كلمته التي بثها التلفزيون الإيراني إلى عدم ممارسة نشاطات "عشوائية غير منطقية" في مواجهة تحدي النساء الإيرانيات لخلع الحجاب، قائلاً إن "الحجاب محدودية شرعية وقانونية وليست محدودية حكومية".
وأضاف المرشد الإيراني، أن "كثيرات من اللواتي يخلعن الحجاب لو علمن ما هي السياسة التي تقف وراء هذا الفعل لما فعلنه"، زاعما أن الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها بلاده خلال الخريف الماضي على خلفية قضية الحجاب "مؤامرات من قبل الأعداء"، متهماً إياهم بـ"استغلال قضية المرأة لإثارة الفوضى والبلوى"، حسب زعمه.
وتابع أنّ "البعض في الداخل انخدعوا، إذ أطاعوا العدو الخارجي وخائنين مقيمين في الخارج ورفعوا شعار حرية المرأة"، بحسب قوله.
تدابير قمعية
ومع تصاعد انتقادات المحافظين ومرجعيات دينية وسياسية محافظة لتحدي الإيرانيات لفرض الحجاب بالقوة، أصبحت السلطات الإيرانية تتخذ تدابير وإجراءات جديدة في التصدي لذلك بدء من تسيير دوريات شرطة الآداب في الشوارع، والتي اختفت مع اندلاع الاحتجاجات الواسعة خلال الأشهر الماضية.
ومن هذه التدابير أيضاً منع تقديم الخدمات للإيرانيات غير المحجبات في الأماكن العامة مثل المطارات، فضلاً عن إعلان وزارات التعليم والتربية والتعليم العالي والصحة أنها لن تقدم الخدمات التعليمية للطالبات غير المحجبات.
وأعلنت السلطات المحلية في مدن إيرانية أنها قامت بإغلاق محال تجارية بسبب سماحها بدخول غير المحجبات، فضلا عن مواقع سياحية.
إلى ذلك، أعلنت شركة المترو في طهران، الثلاثاء، في بيان، عن تدشين مشروع "الإنذار باللسان مسؤولية الجميع" في محطات الشركة بالعاصمة.
في الأثناء، كشف رئيس مجلس تخطيط السياسات لخطباء صلوات الجمعة في إيران محمد جواد حاج علي أكبري، الثلاثاء، عن توجيه ممثلي الولي الفقيه في المحافظات الإيرانية رسالة سرية إلى الرئيس إبراهيم رئيسي، بشأن الحجاب، تضمنت تبيين الواقع وانتقادات لوضع الحجاب، حسب قوله.
واتهم حاج علي أكبري من سماه "العدو" بالسعي لاستغلال الحجاب لـ"إثارة القطبية في المجتمع وبث الخلاف والفرقة بين قوى الثورة".
وفيما توعد رئيس الجهاز القضائي الإيراني غلام حسين محسني إيجئي، السبت الماضي، بـ"معاقبة" غير المحجبات، نفت الداخلية في بيان تراجعها عن تطبيق قوانين الحجاب في مواجهة انتقادات المحافظين، مؤكدة أنها ستتصدّى للنساء غير المحجبات.
إلى ذلك، تواجه السياسة الجديدة في قمع النساء غير المحجبات من خلال الحرمان من الخدمات والتهديد بالمعاقبة القضائية انتقادات من نخب إيرانية وناشطين، مع تأكيدهم أن هذه الأساليب لن تجدي نفعاً وأنها ستأتي بنتائج عكسية.
وشهدت إيران، خلال الأشهر الماضية، احتجاجات واسعة على خلفية موضوع الحجاب، وذلك إثر مقتل الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب بتهمة عدم التقيد بالحجاب.
وخلفت هذه الاحتجاجات، التي رفعت هتاف "امرأة. حياة. حرية"، نحو 500 قتيل وفق مؤسسات حقوقية معارضة خارج إيران، غير أن حصيلة القتلى الرسمية لم تعلن بعد.
وخلال هذه الاحتجاجات، خلعت إيرانيات، من بينهن فنانات، حجابهن كخطوة احتجاجية، ثم انتشرت الظاهرة في الشوارع، وخاصة في المدن الكبرى، مع اختفاء دوريات شرطة الآداب.