أكدت منظمة العفو الدولية، اليوم الثلاثاء، إن عشرات المهاجرين ماتوا حرقا في اليمن في 7 مارس/آذار الجاري، وذلك عقب إطلاق ميليشيا الحوثي مقذوفات مجهولة على مركز احتجاز للمهاجرين في صنعاء، ما تسبب باندلاع حريق.
وكانت معظم الإصابات في صفوف مهاجرين من الجنسية الإثيوبية، حيث تلقوا العلاج في مشافي صنعاء، ووقعت الحادثة أثناء احتجاجاتهم على ظروفهم في المركز، وسط حضور أمني كثيف عرقل سعي الأقارب والوكالات الإنسانية من الوصول إلى الجرحى.
وشددت المنظمة على أنه يتوجب على جماعة الحوثيين السماح فورا للفرق الإنسانية بمساعدة المحتاجين إلى مساعدات طبية أو غيرها، مشددة على أنه ينبغي أن يدرج "فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن" التابع للأمم المتحدة، الحادثة في تحقيقاته الجارية في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.
وقالت نادية هاردمان، الباحثة في شؤون حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة "يشكّل استخدام الحوثيين المتهور للأسلحة، والذي أدى إلى موت عشرات المهاجرين الإثيوبيين احتراقا، تذكيرا مروّعا بالمخاطر المحدقة بالمهاجرين في اليمن الذي مزقته الحرب، على سلطات الحوثيين محاسبة المسؤولين والتوقف عن احتجاز المهاجرين في مرافق احتجاز سيئة تهدّد حياتهم وأوضاعهم".
وتحدثت "هيومن رايتس ووتش" هاتفيا مع خمسة مهاجرين إثيوبيين مُحتجزين في مرفق الاحتجاز التابع لـ"مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية" التابع للحوثيين في صنعاء، ومسؤولين من الأمم المتحدة في اليمن.
وأفاد الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات أن ظروف الاحتجاز في المنشأة المكتظة غير صحية، حيث وُضع حتى 550 مهاجرا في هنغار في المنشأة.
وقالوا إنهم لم يحصلوا على "فرش" للنوم، لكن سُمح لهم بشراء "الفرش" من الحراس، كما كان الطعام محدوداً ومياه الشرب شحيحة، ما أجبر المحتجزين على الشرب من حنفيات المراحيض.
وأضافوا أن المحتجزين نظّموا، بعد أسابيع من العيش في المنشأة المكتظة، إضرابا عن الطعام احتجاجا على الظروف واستمرار احتجازهم، لافتين إلى أن السبيل الوحيد للإفراج عنهم كان دفع 70 ألف ريال يمني (280 دولارا أميركيا) لحراس الأمن.
وفي صباح 7 مارس، بحسب ما قال المحتجزون، رفضوا تناول الإفطار.
وفي حوالي الساعة 1 بعد الظهر، عاد الحراس بطعام الغداء، لكنّ المحتجزين أصرّوا على رفضهم.
تلا ذلك اشتباك قال المحتجزون إن حراس الأمن تعرفوا خلاله على منظمي الاحتجاج، وأخرجوهم من الهنغر، وضربوهم بالعصي الخشبية وأسلحتهم النارية.
ردّ المحتجزون بإلقاء الأطباق، وأصابوا أحد حراس الأمن في وجهه وجرحوه، بعدها، جمع الحراس المهاجرين واحتجزوهم في الهنغر، بحسب قولهم.
وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، غادر الحراس وعادوا بعد عدة دقائق برفقة قوات أمن بالزي الأسود والأخضر والرمادي التابعة للحوثيين، وكانوا مجهزين بأسلحة ومعدات عسكرية.
وقال الأشخاص للمنظمة، إن حراس الأمن أمروا المحتجزين بتلاوة "صلواتهم الأخيرة".
بعدها، صعد أحد أفراد القوة الوافدة إلى سطح الهنغر، الذي يضمّ فسحات مفتوحة، وأطلق مقذوفتين على الغرفة، وقال المهاجرون إن القذيفة الأولى أحدثت دخاناً كثيفاً وجعلت عيونهم تدمع، لتنفجر بعدها المقذوفة الثانية، التي أسماها المهاجرون بالـ"قنبلة"، محدثة دويا ومشعلة حريقا.
وبحسب المنظمة، تشير روايات الشهود إلى احتمال استخدام قنابل دخانية، أو خراطيش غاز مسيل للدموع، أو قنابل صوتية، أو ما يُعرف بالأجهزة "الومضية".
وقال أحد المهاجرين (20 عاما) "كان الدخان والنيران كثيفَيْن، لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عن الوضع حينها - انفجرت المقذوفات، وتصاعد دخان كثيف، ثم انتشرت النيران. كنت مذعورا، وكأنّ الدخان شلّ ذهني، كان الناس يسعلون، وأحرقت النيران الفراش والبطانيات، احترق الناس أحياء، اضطُررت إلى الدوس على جثثهم للهروب".
وبعد نحو 10 إلى 15 دقيقة، ساعد الناس خارج الهنغر في كسر الجدران والأبواب، ونقلوا عدداً من الناجين إلى المستشفيات القريبة.
وتلقت "هيومن رايتس ووتش" مقاطع فيديو تؤكد روايات الشهود وحلّلتها، بما فيه فيديو التُقط بعد الحريق مباشرة يظهر عشرات الجثث المتفحمة في وضعيات تشير إلى أنهم كانوا يحاولون الفرار لكن الدخان والنار تغلبا عليهم.
وعقب الحادث، عمّ انتشار أمني كثيف المستشفيات. وقال الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات إنهم شاهدوا قوات الأمن الحوثية تعيد اعتقال مهاجرين غير مصابين بجروح خطيرة.
وشددت "هيومن رايتس ووتش" على أنه يتوجب على الحوثيين احتجاز المهاجرين فقط استثنائياً كملاذ أخير، والتأكد من أن مراكز احتجاز وترحيل المهاجرين تستوفي المعايير الدولية، بموجب "قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء".
وأكدت أنه على سلطات الحوثيين التواصل بشكل عاجل مع السلطات الإثيوبية التي يقبع مواطنوها في مراكز الاحتجاز اليمنية الخاضعة لسيطرة هذه الجماعة، كما يجب السماح للمنظمة الدولية للهجرة بترتيب العودة الطوعية للمهاجرين في اليمن.
وينبغي أن تملك المفوضية إمكانية وصول كاملة لتقييم أي طلب للحصول على صفة "لاجئ"، وأن تضمن أن تكون جميع عمليات العودة المنظمة التي تيسرها الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة طوعية، وعلى المانحين دعم إعادة دمج العائدين المتعرّضين لصدمات نفسية لدى عودتهم إلى إثيوبيا.
من جهتها، أكدت إثيوبيا أنها تعمل على تحديد هوية مواطنيها الذين قتلوا بالقصف الحوثي في صنعاء، كما أنها تعمل على إعادة رعاياها المصابين.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي في مؤتمره الصحافي الدوري، اليوم الثلاثاء، "يجري التحقيق للتعرف على هوية الإثيوبيين من الأفراد الذين ماتوا في مركز إيواء اللاجئين في اليمن، وتعمل الحكومة الآن لإعادة بقية الإثيوبيين المصابين من اليمن".
وأكد أن الحكومة الإثيوبية، ستعيد اليوم 150 إثيوبيا من مدينة عدن إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
إيران إنسايدر