يستعد سكان محافظة مأرب اليمنية لما يمكن أن يوصف بأنه أسوأ نزوح جماعي للحرب مع اشتداد هجوم المتمردين الحوثيين، ما ترك أكثر من مليوني شخص محاصرين.
وتعرضت مأرب، التي تسيطر عليها الأحزاب الموالية للحكومة اليمنية، لهجمات متقطعة من ميليشيا الحوثيين على مدار العام الماضي، حيث حققوا مكاسب مطردة في المنطقة، لكن الهجوم المتجدد منذ الشهر الماضي تحول بسرعة إلى واحدة من أكثر المعارك ضراوة في الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.
خط المواجهة يقترب من مدينة مأرب، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية، وهو تطور يهدد بتفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم ويقوض بشدة عملية السلام.
وتضرب الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وغيرها من المقذوفات المدينة وضواحيها، بينما يكثف التحالف بقيادة السعودية الداعم للحكومة اليمنية، قصفه لمواقع الحوثيين في جميع أنحاء البلاد، وتتفاوت التقديرات بشكل كبير ولكن يعتقد أن عدة مئات من المقاتلين وعشرات المدنيين قتلوا في أعمال العنف.
مأرب، وهي مدينة صحراوية غنية بالنفط تبعد 75 ميلا (120 كم) شرق العاصمة صنعاء، كانت موطنا لنحو 400 ألف شخص قبل الحرب، ومنذ أن تمكنت القوات المحلية من صد هجوم أولي للحوثيين في عام 2015، كان يُنظر إلى المنطقة على أنها ملاذ آمن لأولئك الفارين من القتال في أماكن أخرى من البلاد، وتضخم عدد سكانها إلى حوالي 2.7 مليون.
هناك 138 مخيما للنازحين الذين يحصلون على خدمات سيئة في المنطقة، وتعرضت بعض المخيمات لضرر جراء أعمال العنف الأخيرة.
وقالت ياسمين القاضي، وهي رئيسة مؤسسة فتيات مأرب، في تصريحات إعلامية إن "خمسة مخيمات تم التخلي عنها، ونقل سكانها منذ فبراير/شباط".
وقالت حماس المسلمي، وهي طالبة تعيش في مأرب منذ عدة سنوات "نخشى أن يتجه القتال نحو منعطف سيء آخر، إنه غير مستقر للغاية، القتال على بعد كيلومترات قليلة الآن ... لكن لا يوجد مكان آخر لنا لنذهب إليه ".
واندلعت حرب اليمن عام 2014 بعد أن اقتحم الحوثيون صنعاء، مما تسبب في فرار الرئيس إلى المملكة العربية السعودية المجاورة في أوائل عام 2015، وتصاعدت بشكل حاد عندما تدخل تحالف من الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للإطاحة بالحوثيين المدعومين إيرانيا.
وتعرض التحالف، المدعوم والمسلح من قبل الدول الغربية بما في ذلك المملكة المتحدة، لانتقادات واسعة النطاق بسبب حملات القصف التي استهدفت بشكل عشوائي البنية التحتية المدنية، ولحصار المجال الجوي اليمني والحدود والموانئ.
وفرض الحوثيون قواعد دينية زائفة قمعية على الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وكان آخرها تقييد وصول النساء إلى وسائل منع الحمل، وهم متهمون بشكل روتيني باحتجاز وتعذيب المعارضين وسرقة المساعدات.
يبدو أن التصعيد في مأرب نجم عن انسحاب القوات السعودية من المنطقة العام الماضي، وظلت معظم الخطوط الأمامية الأخرى للنزاع - لا سيما في مدينتي تعز والحديدة - ثابتة إلى حد كبير لسنوات.
توقفت المعارك في أماكن أخرى من اليمن، وقال حاكم المحافظة الشيخ سلطان العرادة "ليس هناك شك في أن القوة الجوية للتحالف تحدث فرقًا في مأرب، بدون دعمهم، سيبدو الوضع مختلفًا تمامًا ".
ويأتي القتال في الوقت الذي يضغط فيه جو بايدن من أجل استئناف المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع، لكن الحوثيين كثفوا هجماتهم على الأراضي السعودية.
وفي العراق ، شنت الميليشيات المدعومة من إيران سلسلة جديدة من الهجمات الصاروخية على المنشآت الأمريكية، مما ضغط على الإدارة الوليدة التي تسعى لإعادة إشراك طهران في مفاوضات بشأن برنامجها النووي.
في عام 2018، نجح وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في وقف هجوم التحالف على مدينة الحديدة الساحلية اليمنية، لكن وفقا لعرادة ومصدر في الأمم المتحدة مطلع على المناقشات، فإن الحوثيين -الذين ليس لديهم ما يخسرونه في معركة مأرب- أقل استعدادا للانخراط هذه المرة.
وتعتبر مأرب هي المعقل الشمالي الوحيد للحكومة اليمنية، وسقوطها سيضعف بشكل كبير موقفهم التفاوضي ويعرقل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
"إذا استولى الحوثيون على مأرب، فإن كل أنواع الصراع ستظهر وتحول الحرب إلى صراعات طائفية وعرقية ومناطقية، وستودي بالأرواح ومعها الناس إلى جحيم يحرق الجميع بنيرانها ، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر" تؤكد ياسمين القاضي، رئيسة مؤسسة فتيات مأرب.
إيران إنسايدر – (ترجمة فتحية عبدالله)