تعامل "عاجل" لـ"بايدن" مع أزمة اليمن وإيران تصعب الأمر

بعد أقل من أسبوع من حصوله على الوظيفة، انتقل الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ إلى العاصمة السعودية الرياض هذا الأسبوع، حيث أن هدفه إيجاد طريقة لإنهاء الحرب الوحشية التي دامت ست سنوات في اليمن، والتي أودت بحياة أكثر من مئة ألف شخص.  

قسمت الحرب اليمن بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين يسيطرون على الشمال المكتظ بالسكان والعاصمة صنعاء، والحكومة المدعومة من السعودية والمعترف بها من الأمم المتحدة.

دمر القتال البنية التحتية لليمن، وترك دولة فقيرة بالفعل غارقة في المرض والفقر، مع وقوع المدنيين في كثير من الأحيان في مرمى النيران.

وصفتها وكالات الإغاثة الدولية بأنها "أسوأ كارثة إنسانية من صنع الإنسان في العالم"، وحذرت أربع وكالات تابعة للأمم المتحدة في تقرير، يوم الجمعة، من أن حوالي 400 ألف يمني، من المتوقع أنهم يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد، ويمكن أن يموتوا إذا لم يتلقوا العلاج العاجل.

منذ البداية، دعمت الولايات المتحدة التحالف الذي تقوده السعودية لمحاربة الحوثيين، لكن يبدو أن هذا الدعم يتضاءل بشكل كبير في ظل الإدارة الجديدة في واشنطن.

وفي حديثه الأسبوع الماضي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه "سيكون هناك تحول كبير في السياسة".

وكانت إحدى تحركاته في السياسة الخارجية الإعلان عن خطط لشطب الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية، حيث وضع ذلك التصنيف من قبل إدارة ترامب في أيامه الأخيرة، وحذرت منظمات الإغاثة من أنه سيؤثر بشكل خطير على قدرتهم على حماية ملايين المدنيين.

وأعلن بايدن بعدها "يجب أن تنتهي هذه الحرب، ولتأكيد التزامنا، فإننا ننهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة".

"الإجراءات المستهجنة"

بدأت زيارة تيم ليندركينغ إلى المملكة العربية السعودية بداية صعبة، وأثناء هبوطه يوم الأربعاء، أرسل المتمردون المدعومون من إيران موجة من الطائرات المسيرة المفخخة باتجاه مدينة أبها في جنوب غرب المملكة العربية السعودية.

وقال مسؤولون عسكريون سعوديون، إن القوات أسقطت طائرتين مسيرتين، لكن أخريات وصلن إلى مطار المدينة الدولي، ما ألحق أضرارًا بطائرة مدنية كانت فارغة في ذلك الوقت، ونفت وسائل إعلام سعودية رسمية وقوع إصابات.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحفيين في واشنطن "نحث الحوثيين مرة أخرى على وقف هذه الأعمال العدوانية على الفور".

وأضاف أن "قيادة الحوثيين سوف تجد نفسها مخطئة بشدة إذا اعتقدت أن هذه الإدارة ستنهي الضغط بسبب السلوك المشين الذي يواصلون القيام به".".

لكن برايس قال إن إدارة بايدن لم تعيد النظر في خطوة شطب الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية، مبينا أن قرار وزير الخارجية أنطوني بلينكن بإلغاء تصنيف الإرهاب "لا علاقة له بالأفعال البغيضة لهذه المجموعة" ، وكان كله يتعلق بضمان استمرار تدفق المساعدات إلى مواطني اليمن المحاصرين.

وفي بيان صدر يوم الجمعة ، قال بلينكن إن الولايات المتحدة "ملتزمة بمساعدة شركاء الولايات المتحدة في الخليج بالدفاع عن أنفسهم، بما في ذلك ضد التهديدات الناشئة من اليمن، والتي يتم تنفيذ الكثير منها بدعم من إيران".

"في يد إيران"

في الرياض، التقى ليندركينغ مع المسؤولين اليمنيين والسعوديين، بما في ذلك نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، شقيق الحاكم الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما التقى بدبلوماسي دولي مخضرم آخر هو المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث.

وقال غريفيث بعد لقائه المبعوث الأمريكي "هناك زخم دولي فريد لدعم تسوية سياسية للصراع للوصول إلى سلام دائم في اليمن"، لكنه أقر بوجود "تصعيد في الأعمال العدائية العسكرية والتهديدات المستمرة لحياة النساء والرجال والأطفال اليمنيين".

يحاول غريفيث منذ سنوات صياغة اتفاق سياسي بين الفصائل المتحاربة في اليمن، وهو يعلم أن أي حل سيعتمد على "فاعلين إقليميين ودوليين" آخرين.

وقبل مجيئه إلى الرياض، كان غريفيث في العاصمة الإيرانية لمدة يومين، وقال مكتبه في بيان إن الزيارة كانت "تهدف إلى حشد الدعم لاتفاق السلام الخاص به، الذي يهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية وإنهاء الحرب".

وقال بدر القحطاني رئيس تحرير اليمن في صحيفة الشرق الأوسط السعودية لشبكة "سي بي إس"، "أعتقد أن مبعوث الأمم المتحدة يريد التأكد من أن حل الأزمة اليمنية ليس جزءا من أي صفقة نووية إيرانية مستقبلية"، مضيفا "هناك اتفاق بين مواقف الولايات المتحدة والسعودية، حتى لو كانت لديهما تقنيات مختلفة: كلاهما يريد أن تنجح العملية السياسية".

وأردف "قرار الحوثيين بيد إيران" في إشارة إلى الدعم الحيوي للجمهورية الإسلامية للتمرد في اليمن، معرباً عن أمله أن تسمح إيران للحوثيين بالمضي قدما في الحل السياسي.

إن المواجهة المستمرة والمتوترة بين واشنطن وإيران بشأن البرنامج النووي، لن تجعل من السهل العثور على هذا الحل السياسي في اليمن.

وقالت الوكالة النووية التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع فقط، إن إيران بدأت في إنتاج معدن اليورانيوم، وهو أحدث انتهاك خطير من جانب طهران لبنود الاتفاق النووي لعام 2015 الذي يريد الرئيس بايدن إعادة الإيرانيين إليه.

عندما سئل عن سبب إرسال ليندركينغ إلى الرياض بهذه السرعة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن ذلك يعكس "إلحاح الصراع في اليمن" لإدارة بايدن.

وقال المحلل السياسي حسين البخيتي، المقرب من قيادة الحوثيين، لشبكة "سي بي إس نيوز"، إن "الحوثيين يعتبرون الحرب حربا للولايات المتحدة، لولا الولايات المتحدة التي أعطت السعوديين الضوء الأخضر، فهذه الحرب لم تكن لتبدأ في اليمن".

وقال بلينكن، يوم الجمعة، إن "إدارة بايدن ستضاعف جهودها إلى جانب الأمم المتحدة وغيرها لإنهاء الحرب".

لكن في الوقت الذي تتعامل فيه القيادة الأمريكية الجديدة مع التهديدات المتشابكة بشدة التي تشكلها كل من إيران والجهات المانحة لها في اليمن، فإنهم يعرفون أن الحوثيين ينتظرون أيضًا الضوء الأخضر -من طهران- وبدون ذلك، هناك فرصة ضئيلة لانتهاء تلك الحرب في أي وقت قريب.

إيران انسايدر – (ترجمة هشام حسين)

اليمن