الأمم المتحدة تحدد موعدا لصيانة "خزان صافر" قبالة سواحل اليمن

أعربت الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، عن أملها في أن يتمكّن خبراؤها من التوجّه إلى اليمن في مطلع آذار/مارس المقبل، لإجراء عملية فحص وصيانة أولية للناقلة النفطية المهجورة "صافر" الموجودة قبالة مرفأ الحديدة اليمني، والمعرضة لخطر تسرب نفطي.

وقال المتحدّث باسم المنظمة الأمميّة ستيفان دوجاريك للصحفيين، وفقاً لما نقلت وكالة فرانس برس، "لقد واجهنا بعض التأخيرات الخارجة عن إرادتنا في الشحن الدولي، وحصل أيضا أخذ وردّ في توقيع وثائق، وقد حلت (هذه المشاكل) الآن".

وأضاف "في الوقت الحالي، نعتقد أنّه يمكننا الذهاب إلى هناك (اليمن) بحلول مطلع آذار/مارس"، لافتا إلى أنهم يبذلون جهودا كبيرة للالزام بالجدول الزمني وإنجاز المهمة.

وكان من المقرر أن يتوجه الخبراء في مهمتهم تلك نهاية كانون الثاني/يناير الجاري أو مطلع شباط/فبراير المقبل، ولكن مشاكل إجرائية حالت دون ذلك.

وأشار دوجاريك إلى أنهم أبلغوا السلطات من بعض المخاوف بشأن العديد من القضايا اللوجستية التي لا تزال عالقة، مشدداً على أنهم بحاجة ماسة إلى حلّ هذه المشاكل في الأيام المقبلة، لتجنّب حصول مزيد من التأخير، مؤكّداً أنّ الالتزام بالجدول الزمني الجديد "رهن بحسن إرادة" جماعة "أنصار الله"، الذراع السياسية للمتمردين الحوثيين.

وأكد دوجاريك إلى أنهم حالياً يراجعون تصنيف الولايات المتحدة" جماعة أنصار الله "منظمة إرهابية أجنبية"، وذلك من أجل عدم تعرّض المتعاقدين من غير الموظفين بشكل غير مقصود لمخاطر قانونية من خلال مشاركتهم في المهمّة.

 

خزان صافر

وبات خزان النفط "صافر" الواقع في مياه البحر الأحمر على الساحل الغربي لليمن، والذي كان يستخدم محطة لتصدير النفط منذ عام 1988، كارثة قد تهدد اليمن والدول المجاورة والمطلة على البحر الأحمر، مع احتوائه على أكثر من مليون برميل نفط خام.

وتعمد مليشيا الحوثيين باليمن عادة إلى تحويل الكوارث التي تشهدها البلاد إلى استراتيجيات حرب انتهازية، وأوراق ضغط، تدير من خلالها عملية الصراع الذي تشهده البلاد منذ نحو ست سنوات، مع رفضها إعادة صيانته الضرورية.

ومنذ سنوات تحاول الأمم المتحدة تأمين هذه السفينة والحؤول دون حدوث تسرّب نفطي كارثي، لكنّها لم تتمكّن من ذلك بسبب رفض الحوثيين الذين يسيطرون على ميناء الحديدة الراسية قبالته الناقلة السماح لها بالوصول إلى السفينة.

وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، أعلنت الأمم المتحدة أن الحوثيين وافقوا على أن تُرسل خبراء لإجراء عملية فحص وصيانة أولية للناقلة النفطية، معربة عن أملها بأن تتمكّن من تنفيذ هذه المهمة بنهاية كانون الثاني/يناير أو مطلع شباط/فبراير.

اتهامات متبادلة

ويتبادل طرفا الصراع باليمن الاتهامات، حيث تتهم الحكومة الشرعية ومنظماتٌ الحوثيين بالوقوف وراء هذه المخاطر، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى الضغط على الجماعة المسلحة.

في خزان صافر حالياً مليون و140 ألف برميل نفط خام، وتشير التقارير إلى أن الخزان بدأ بالتهالك، وأن انفجارا وشيكا سيحصل في حال عدم تفريغه أو صيانته.

ويواجه خزان صافر سيناريوهين خطيرين محتملين؛ الأول حدوث انفجار أو تسرب، قد يؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي شهدها العالم، أما السيناريو الثاني فهو حدوث حريق كبير، سيتأثر معه نحو 3 ملايين شخص في الحديدة وكافة مناطق الساحل الغربي، بالغازات السامة.

وستتغطى 4% من الأراضي الزراعية المنتجة في اليمن بالغيوم الداكنة؛ مما يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، إضافة إلى تعليق المنظمات الإنسانية خدماتها الإغاثية، لتنقطع المساعدات عن 7 ملايين شخص من اليمنيين، وفقا لمنظمات معنية بـ"البيئة".

ومن بين الآثار التي قد يخلفها في حال انفجر أو تسرب محتواه، التسبب في فقدان 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر لتنوعها البيولوجي، وفقدان 126 ألف صياد يمني مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، فيما سيتعرض 850 ألف طن من المخزون السمكي الموجود في المياه اليمنية لتهديد النفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

كما ستقتل بقع النفط الخام المتسربة 969 نوعا من الأسماك (الأسماك الساحلية وأسماك الأعماق)، و300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي، إضافة إلى اختناق 139 نوعا من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية.

ووفقا للتقديرات سيحتاج اليمن في حال وقوع كارثة تسرب النفط الخام (الوشيك) من الناقلة صافر، إلى معالجة أضرار التلوث البحري مدة طويلة، قد تزيد على 30 سنة قادمة، كي تتعافى بيئة البحر الأحمر.

وسبق للأمم المتحدة أن أعلنت أنّ الحوثيين أعطوا موافقتهم المبدئية على مجيء فريق أممي لتفقّد الناقلة، لكنّ هؤلاء المتمرّدين المدعومين من إيران سبق لهم وأن فعلوا الأمر نفسه في صيف 2019 قبل أن يعودوا عن قرارهم في اللحظة الأخيرة عشية بدء الفريق الأممي مهمّته.

وفي حزيران/يونيو، طلب الحوثيون ضمانات بأن يتمّ إصلاح الناقلة وأن تحوّل عائدات النفط الموجود على متنها لتسديد رواتب موظّفين يعملون في إدارات تخضع لسلطتهم.

بالمقابل دعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى إنفاق أي مبلغ يتأتّى من بيع هذا النفط على مشاريع صحيّة وإنسانية.

ومطلع الأسبوع جمّدت الولايات المتّحدة لمدّة شهر سريان العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على المتمرّدين الحوثيين بعدما صنّفتهم "جماعة إرهابية"، وذلك لإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى هذا البلد ريثما تعيد إدارة الرئيس جو بايدن النظر بمفاعيل هذا القرار.

ويسيطر الحوثيون على صنعاء ومناطق شاسعة في اليمن منذ 2014، ويخوضون معارك يومية في مواجهة قوات موالية للسلطة المعترف بها دولياً يدعمها منذ آذار/مارس 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية ويحظى بدعم من الولايات المتحدة. وتعتزم إدارة بايدن إنهاء هذا الدعم أيضاً.

وخلّف النزاع عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح نحو 3,3 ملايين شخص وتركَ بلداً بأسره على شفا المجاعة.

إيران إنسايدر

اليمن