اليمن.. شهادات تكشف انتهاكات وحشية للحوثيين بحق المعتقلات

كشفت منظمة حقوقية ترصد انتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، عن رصدها انتهاكات خطيرة، وصفتها بأنها "ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في العديد من مراكز الاعتقال التي تدار من قبل ميليشيا الحوثيين في اليمن، المدعومة إيرانياً، محذرة من مخاطر تغاضي المجتمع الدولي عن القضية اليمنية الأمر الذين سيزيد  من ممارسة تلك الانتهاكات بحق الأبرياء. 

ورصدت منظمة "سام" ومقرها جنيف في سويسرا، في تقرير نشرته الأربعاء 27 كانون الثاني/ يناير، شهادات لعدة مُعتقلات سابقات، في سجون الحوثي، إضافة لشهادة إحدى النساء العاملات بتلك السجون، والتي عكست حجم الجرائم والممارسات الخطيرة المرتكبة على يد تلك القوات دون مراعاة للحماية الخاصة التي أقرها القانون الدولي للمرأة في العديد من المواقف والمواثيق الدولية.

وفيما يلي بعض الشهادات التي نشرتها المنظمة وحصل عليها، فريقها العامل في اليمن:

شهادة سونيا صالح علي القماش وهي ناشطة حقوقية ورئيسة منظمة

فرت "سونيا" من اليمن إلى القاهرة، بعد خروجها من إحدى سجون الحوثيـ وعن تجربة اعتقالها فقالت لمنظمة "سام": "تم إعتقالي بتاريخ 06/03/2019 وإيداعي في سجن الأمن القومي بعد أن كنت متواجدة في إحدى محطات البنزين بمنطقة حدة، حيث قامت عدد من الأطقم العسكرية والمدرعات بمحاصرة المحطة وإختطافي، بقيت أسبوعاً في مكتب الوكيل المعين من قبل مليشيات الحوثي، ثم اقتادوني إلى مكان مجهول بعد الفجر،  ووضعوني في غرفة  مترين في متر تسمى "الضغاطة"، تحت الأرض  لمدة أربعة أشهر، تعرضت خلالها لتعذيب قاسي حيث نزعوا أظافري، وسلبوا جلدي بأدوات حادة، بالإضافة لرشي بالماء البارد واستخدام الصاعق الكهربائي، وربط يدي وقدمي لفترة طويلة".

وأضافت "حققوا معي طيلة فترة السجن والتعذيب التي استمرت أربعة أشهر، حيث وجهوا لي أسئلة حول عملي وتعاملي مع شخصيات سياسية خارج البلاد، كما تم اتهامي بالعمالة واستعطاف الناس الذي نقوم بخدمتهم عبر مؤسستنا حتى نستفيد منهم سياسيًا، كانت أوقات التحقيق  في فترات متأخرة من الليل، وتعرضت خلال التحقيق لشتى أنواع الممارسات الوحشية حتى أني تمنيت الموت كي أتخلص من هذا العذاب، كنت أسمع أصوات وصراخ وبكاء السجينات يُعذبن فيزداد عذابي أكثر".

شهادة زينب /اسم مستعار/

اعتقلت "زينب"، البالغة من العمر 24 عاماً، بتاريخ 18/8/2019 من بيتها الواقع في العاصمة صنعاء، على يد عناصر البحث الجنائي، وقالت في شهادتها لمنظمة "سام"، "أبرزوا أمر تفتيش، عند باب المنزل، ليقتحموه على الفور، حيث كان داخله نساء واطفال، أصابهم الرعب، فيما أغمضوا عيني واقتادوني إلى مكان لا اعرفه، عدا عن عدم معرفتي بالتهمة الموجهة لي".

وأضافت "تم اقتيادي للتحقيق الذي استمر من الليل حتى صباح اليوم التالي، واستخدموا معي أساليب لا أخلاقية أثناء التحقيق، إضافة للوحشية غير المبررة في التعامل، حيث كان يتم ضربي على وجهي مع علمهم المسبق بأني حامل. كما أنني ضُربت بسلك صاعق".

ولفتت زينت إلى أنها السيدة الوحيدة الحامل بين النساء المعتقلات، ورغم ذلك لم يتم مراعاة حالتها، وأدى ضربها الشديد إلى تعرضها لنزيف أكثر من مرة، وتابعت "المعاناة التي رأيتها في السجن لم تتوقف علي بل امتد آثارها لإبنتي "ميرا"، التي كانت معي في السجن والتي أصيبت بحالة نفسية حيث تبكي الآن عندما ترى أي عسكري، كما أنها كانت تُحرم من طعامها حتى الخبز كان يُمنع عنها".

وأردفت "من ضمن من قاموا بتعذيبي شخص يدعى أحمد مطر، وهو الآن هو موجود في تعز كان يعذبني من المغرب إلى الصباح، حاولت الانتحار قلت الموت أهون من العذاب، إلا أنهم أسعفوني وهددوني بوضع مسدس على رأسي، حتى لا أتحدث عما حصل معي في السجن. بعد ذلك تم تحويلي للمحكمة مع عدم علمي ماهية التهمة التي تم توقيفي بناء عليها"، وبينت زينب أنها لدى مثولها أمام القاضي،  لم تتحدث خوفًا من أن يتم إلصاق أي تهمة بها، حيث هددها محققون بأنها ستتهم بالاتجار بالحشيش وجرائم أخرى في حال تفوهت بكلمة خلال المحاكمة.

وتذكر "زينب"، بأن السجن كان "مرحلة من الخوف الدائم من العذاب والجوع والرعب حتى النوم الخوف، كان زوجي يبحث عني لأشهر في كافة أماكن الاعتقال دون أن يخبروه بمكاني، ومن ثم جاءني بشهادة وفاته وأنا داخل السجن، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالتي النفسية والصحية حتى بعد الإفراج عني من السجن المركزي".

شهادة غادة العاصي

 اعتقلت غادة، البالغة من العمر 20 عاما، بتاريخ 21 اكتوبر 2018، من منزلها في العاصمة صنعاء، بـ "طريقة بشعة ومخيفة"، وخلال الاعتقال تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي.

وقالت غادة لمنظمة "سام"، "أساليب غريبة وممارسات وقحة وقحة، أقل ما ما يمكن إطلاقه على الحياة داخل سجون الحوثي، كنا نموت كل يوم حتى مات فينا كل شيء، مشرفات نساء قاسيات بلا رحمة، مثل الوحوش, كان هناك معتقلات كثر وكلهن تم اختطافهن من الأسواق والحدائق، يتم التعذيب بالكهرباء والضرب، ويصل إلى حد الموت، سمعت أن إحدى المعتقلات فارقت الحياة خلال تعذيبها، حيث يمارس التعذيب رجال ونساء بالتناوب".

وأضافت "لقد خسرت كل شيء بسبب الحوثي، خسرت أهلي الذين تبرؤوا مني وطردوني من البيت، وأُجبرت على أن أخرج من بلدي لأنني لا أستطيع العيش في مكان لا آمن على نفسي فيه، تم اتهامي بعلاقتي بالنظام السابق وقضايا مخدرات، الأمر الذي دفع عائلتي وعشيرتي إلى طردي وتمني موتي".

وتابعت "حاكموني وصدر حكم ضد بالسجن سنتين، وخرجت بمعجزة من المقر  المخفي، في شارع الخمسين، وكان يتناوب على تعذيبنا  خمسة  أشخاص هم:  أبو حسام وحسن بتران وسلطان زابل و أيضا سجانات هن: فاتن وأخرى اسمها تقية وفردوس وغيرهن من اللواتي استخدمن معنا التعذيب بالكهرباء والضرب بالأسلاك وحرماننا من دخول دورات المياه أو الأغطية أو الملابس في الشتاء البارد، إضافة لوضعنا في زنازين انفرادية، كما كان يتم ضربي في كافة أنحاء جسدي من قبل عدد كبير من الرجال المتواجدين في غرفة التحقيق".

أما فيما يتعلق بخدمات السجن قالت غادة "لا يوجد أي مقومات داخل السجن حتى الطعام رديء جدًا، وكنا نعيش على وجبة واحدة لمدة أشهر، وكان يسمح لنا بدخول دورات المياه مرة واحدة فقط في اليوم، وفي بعض الأحيان لا يسمح لنا بدخولها، إضافة لحرماننا من العلاج أو مراجعة الطبيب". 

شهادة فوزية أحمد علي الحويتي وهي رئيسة قسم سجن سابق

 "فوزية المحويتي" عملت كرئيسة قسم سجن سابق لسنوات طويلة، بينت أنه بعد انقلاب ميليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية، أكملت عملها السابق بشكل صوري، حيث نزعت منها كافة الصلاحيات، مشيرة إلى أن قوات الحوثي، منذ استلامها زمام السيطرة، عمدت إلى منع كل شيء داخل السجن سواء الاتصالات أو الطعام أو الخدمات الصحية أو حتى الأغطية والفراش، ووصل الأمر إلى إبتزاز أمهات الأطفال المعتقلات بحرمانهم من الحليب والفوط الصحية الخاصة بهن، إلى جانب ممارسات التعذيب غير الآدمية، والإعتداءات المتكررة على النساء المعتقلات من قبل آمري السجن.

وقالت "فوزية" في إفادتها لمنظمة سام، "في مرة قام حراس السجن بتصويري، وأنا أُعطي بعض الأمهات حليباً وفوطاً صحية، وأخبروا المدير الذي وبخني وهددني في حال اقتربت من عنابر النساء، رغم إعلامي له أن الأطفال يعانون من الجوع الشديد، ثم تم اقتيادي للتحقيق بحضور مدير مصلحة السجون ونائب وزير الداخلية، وهددت  إلى أن تدخل أحد المسؤولين، لكنهم طلبوا مني أن أتجسس على السجينات، ووضعوني بينهن وهددوني بأطفالي في المدرسة، واتهموني ببيع المخدرات وتهم أخرى".

وأضافت "مكثت في السجن ثلاثة أسابيع وبعدها أطلق سراحي، وعلى الفور تقدمت باستقالتي التي تم رفضها، حتى أقوم بتدريب بعض السجانات العاملات هناك، فمكثت أسبوعين لتدريب العاملات هناك وبعدها تم الإفراج عني، لكن بعد ستة أيام أرسلوا لي أطقم عسكرية دون أن أعلم، حيث أخبرني أحد الزملاء بأن هناك قوة قادمة لاعتقالي، ذهبت على الفور إلى مدرسة أبنائي، وأخذتهم من هناك وهربت، ومنذ لك الحين لم أعد، سمعت بأنه تم اتهامي بتهريب أسرار الدولة، والمشاركة في إحداث تفجيرات، والتستر على المعتقلات، لكنني لا أفكر بالعودة أبدًا بعد ما رأيته من هول التعذيب والإضطهاد، فررت الى عدن وحاولت الالتحاق بالعمل مع وزارة الداخلية، وتقدمت بكافة المستندات ولكن طلبي رفض لأني شمالية، مما عقد وضعنا المادي وظروف معيشتنا دون مصدر دخل لي ولأبنائي".

أما عن ممارسات الحوثي في السجن، قالت "فوزية"، إن "التعذيب النفسي الذي يمارسه أفراد الحوثي ضد السجينات لا يمكن تخيله، ومن أساليب التعذيب تقييد الأيدي إلى السطح، واجبار السجينات الوقوف على علبة فاصوليا حتى تتفطر قدمها، إضافة لذلك إجبار الجميع على الاستيقاظ الساعة الثالثة فجرا، كما كان يتم إجبارهن على حضور ندوات ودروس دينية وثقافية خاصة بأفكار الحوثي". 

وشددت منظمة "سام" في ختام تقريرها، على أن تلك الشهادات الحقيقية تؤكد أن تلك الممارسات تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على كافة أشكال التميز العنصري ضد المرأة، مطالبة المجتمع الدولي بشكل عام، ومجلس الأمن بشكل خاص بالتحرك من أجل وقف سلسلة الجرائم الممتدة بحق المدنيين اليمنيين لا سيما النساء والأطفال، والعمل على إرسال لجان تقصي حقائق وتحقيق لمتابعة السجون السرية والعادية، التي تدار من قبل قوات الحوثي، والعمل على إغلاقها وتقديم مرتكبي الانتهاكات للمحاكمة على جرائمهم المخالفة للقانون الدولي.

 إيران إنسايدر - عهد المحمودي

اليمن