أعلن محافظ ذي قار العراقية، عادل الدخيلي، مساء يوم الخميس، عن تقديم استقالته من منصبه على خلفية قتل قوات الأمن العراقية للمتظاهرين في الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة وخاصة مدينة الناصرية.
وقال الدخيلي، في رسالة وجهها إلى أبناء ذي قار "أكتب لكم الآن وقلبي يعتصر ألما على ما حل بمدينتنا الصابرة المنكوبة، وأوجه خطابي لكم لأنكم الأهل والأقارب والعشيرة، بكم كنت وبكم سأكون، ودونكم لا يحلو مقام، ولا يهنأ احد بمنصب".
وأضاف "منذ أن تولينا منصبنا، محافظا لذي قار أواخر شهر آب/أغسطس من العام الجاري وإلى ساعتنا هذه، عملنا مخلصين على أن نضع خدمتكم أولا، وحفظ مصالحكم ودمائكم فوق كل اعتبار، وواصلت الليل بالنهار من أجل أن أرفع عن كاهلكم ويلات الزمن وكوارث الإهمال واللامبالاة التي عانينا منها عقودا تتلو عقودا".
وتابع "عندما بدأت الاحتجاجات السلمية حتى أعلنت بوضوح وصراحة موقفي الداعم لكم، والمؤيد لمطالبكم المشروعة في عيش كريم وعدالة اجتماعية مفقودة، ولم نأل جهدا في سبيل إيصال اصواتكم من موقع مسؤوليتنا إلى الجهات ذات العلاقة التي صمت آذانها مرات ومرات، ولكننا واصلنا تحمل الأمانة بمسؤولية رجل الدولة ولم نتهرب من التزامنا تجاهكم أبدا".
وقال "إلى هذا اليوم الدامي، الذي شهد أحداثا مؤسفة، وسقط من أبنائنا عشرات الشهداء والجرحى على يد قوات من خارج المحافظة، ولم يجر إشعار الحكومة المحلية بوجودها ولم نطلع على مهامها، وهذا ما لا يمكن السكوت عنه أو تجاهله، فنحن أبناء ذي قار وحماتها، فكيف يصار إلى مثل هذا الإجراء المخالف للقانون، ولأي اعتبار قانوني، وهددنا في وقت سابق من هذا اليوم بضرورة محاسبة المتسبب بما جرى، والكشف عن تفاصيل ما حدث بالضبط... إننا في ظرف استثنائي، نعلن أمامكم وبين أيديكم استقالتنا من منصبنا احتجاجا على ما جرى، وإخلاء لمسؤولية الحكومة المحلية مما أُقترف".
وشهدت مدينة الناصرية وأنحاء أخرى من ذي قار صدامات بين المحتجين ورجال الأمن، حيث أحرق المتظاهرون مقر فوج المهمات الخاصة بالمحافظة، وقطعوا جسر الزيتون وسط المدينة التي سمع فيها صوت إطلاق رصاص حي بعد أن فرضت السلطات حظر تجوال فيها.
وأفاد مراسل إيران إنسايدر في بغداد، بأن عدد القتلى في عموم العراق ارتفع يوم الخميس إلى 35 قتيلا وأكثر من 250 جريحا.
ونقل مراسلنا عن مصادر طبية تأكيدها مقتل 26 متظاهرا في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار جنوب العراق، برصاص قوات الأمن العراقية وقوات مكافحة الشغب، حتى لحظة كتابة الخبر، وأضافت المصادر الطبية أن ما لا يقل عن 150 عراقيا أصيبوا بجروح في اليوم الأكثر دموية بالعراق منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية.
وسبق أن لوح الدخيلي بالاستقالة من منصبه، مطالبا رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، إبعاد ومحاسبة جميل الشمري من رئاسة خلية الأزمة في ذي قار "لإخلاله بأمن" المحافظة، كما دعا إلى "تشكيل لجنة تحقيقية ومعاقبة كل من تسبب بسقوط دماء أبناء المحافظة".
وأقال عبد المهدي الشمري من منصبه واستدعاه "للتداول"، كما وجه بإجراء تحقيق في أحداث ذي قار وكذلك النجف.
مطالب بمحاكمة القتلة
ومن جانبه، طالب رئيس كتلة النهج الوطني، عمار طعمة، "بتقديم قتلة المتظاهرين ومرتكبي مجزرة الناصرية الى المحاكمة الفورية العادلة وعدم التهاون مع تلك الضمائر الميتة".
وقال في بيان "حذرنا الحكومة مرارا من مغبة استخدام العنف وقتل المتظاهرين والاستخفاف بدماء الشباب المظلوم المطالب بحقوقه الشرعية والذي عبّر بشكل واضح عن سحبه للشرعية من السلطات القائمة".
وأضاف "وكانت المسؤولية الوطنية والاخلاقية تحتم الحفاظ على ارواح الشباب وحماية احتجاجاتهم والإقلاع عن سلوك القمع الذي لاينتج الا المزيد من المآسي والآلام ويضاعف النقمة والسخط الشعبي".
مظاهرات العراق
ويشهد العراق احتجاجات شعبية عنيفة بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية.
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم وباتوا يدعون لإسقاط الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إثر لجوء قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران للعنف لوأد الاحتجاجات التي قتل فيها أكثر من 372 متظاهرا وأصيب أكثر من 16 ألف آخرين.
ويطالبون بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين، وحل البرلمان.
إسراء الحسن – إيران إنسايدر