نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مضمون وثائق استخباراتية إيرانية مسربة تكشف مساعي إيران لتجنيد مخبرين عراقيين سابقين لدى وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) بعد الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011.
الوثائق -التي حصل عليها موقع ذي إنترسبت الأميركي، ونشرتها أيضا صحيفة نيويورك تايمز- تكشف كيف عملت إيران على تجنيد مسؤول في الخارجية الأميركية كان يمتلك معلومات استخبارية بشأن خطط واشنطن في العراق.
وقالت نيويورك تايمز إن "كثيرا من هذه البرقيات تصف مغامرات تجسس واقعية تبدو كصفحات انتزعت من رواية مثيرة عن الجاسوسية. ثمة اجتماعات تعقد في حارات مظلمة ومراكز تسوق أو تحت ستار رحلة صيد أو حفلة عيد ميلاد".
وتابعت الصحيفة "يتجول مخبرون في مطار بغداد، ويلتقطون صورا لجنود أميركيين ويسجلون معلومات عن الرحلات العسكرية للتحالف".
وذكرت الصحيفة أن هذا الأرشيف من الوثائق يتضمن حتى تقارير نفقات في العراق لضباط في وزارة المخابرات، إحداها أنفقت على هدايا لقائد كردي.
وتُظهر التسريبات كيف جندت إيران عملاء عراقيين كانوا يعملون لصالح الاستخبارات الأميركية في العراق، كما تشير إلى أن إيران استغلت الوضع المادي لهؤلاء العملاء الذين تُرِكوا من دون عمل أو مال، وكانوا مستعدين لإبلاغ إيران بكل ما لديهم من معلومات بشأن خطط الاستخبارات الأميركية في العراق.
وتكشف إحدى الوثائق -التي يعود تاريخها لعام 2014- عن عرض أحد هؤلاء المخبرين معلومات للبيع على الاستخبارات الإيرانية، تشمل المخابئ التي كانت تستخدمها الاستخبارات الأميركية في العراق والمخبرين الآخرين الذين يتعاونون معها.
كما تكشف الوثائق كيف تدخلت إيران في الشأن العراقي الداخلي، وطورت علاقات سرية مع مسؤولين عراقيين، فضلا عن الدور الذي قام به قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في العراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن المصدر الذي سرب الوثائق رفض الكشف عن هويته واكتفى بالقول إن "على العالم أن يعرف ماذا تفعل إيران في بلاده العراق".
المالكي والعبادي
وبحسب الوثائق المسربة، اعتبر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أن سياسات رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي المالكي الوحشية والقمعية ضد السنّة أدت إلى ظهور "داعش"، مؤكدة أن نوري المالكي كان الشخصية المفضلة لإيران.
وأكدت الوثائق استخدام الأجواء العراقية للإمدادات العسكرية للنظام السوري، ووزير النقل العراقي رفض طلب أوباما بوقف استخدام إيران للمجال الجوي للعراق، بحسب الوثائق.
وكشفت الوثائق عن استعداد حيدر العبادي للتعاون مع استخبارات إيران رغم شكوك طهران به، كما أن قياديا بالاستخبارات العراقية أبلغ إيران استعداده للتعامل معه. وأشارت إلى أن إيران عولت دائما على وزراء في الحكومات العراقية المتعاقبة.
وبحسب الصحيفة، فإن الوثائق المسربة تبيّن كيف تفوقت إيران على الولايات المتحدة في العراق، وأشارت إلى أن إيران جندت عملاء "سي آي أيه" CIA سابقين عقب الانسحاب الأميركي من العراق، كما جندت مسؤولا بالخارجية الأميركية لمدها بخطط واشنطن في العراق.
الوثائق أشارت إلى أن لقاءات المسؤولين الأميركيين والعراقيين كانت تُنقل إلى طهران، وأن أبرز مستشاري رئيس برلمان العراق السابق، سليم الجبوري، كان إيرانيا.
وكشفت الوثائق المسربة أن إيران تعتبر مراقبة النشاط الأميركي في العراق ضرورة لبقائها وأمنها القومي، مشددة على أن جواسيس إيران متغلغلون في جنوب العراق.
وأفادت الوثائق، التي قدرت أعدادها بالمئات ورصدت الوضع في العراق بين 2014 و2015، أفادت أن طهران عولت على الوزراء في الحكومات العراقية المتعاقبة، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، ووزير الداخلية السابق، بيان جبر، من بين أبرز المقربين لإيران، فيما تطوع قيادي بالاستخبارات للعمل مع النظام الإيراني.
وقالت إن مسؤولين عراقيين سياسيين وأمنيين وعسكريين أقاموا علاقات سرية مع إيران، مشيرة إلى أن إيران ركزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق.
الصحيفة قالت إن التقارير الإيرانية المسربة تؤكد زيارة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، للعراق لدعم رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، مؤكدة أن سليماني يحدد سياسات إيران في لبنان وسوريا والعراق.
وبينما تنشر إيران العملاء بكثافة في الجنوب العراقي، عمدت الاستخبارات الإيرانية خلال هذه الفترة إلى تجنيد مسؤول بالخارجية الأميركية للحصول على خطط واشنطن في العراق.
هتافات ضد إيران
ويتزامن نشر الوثائق مع مظاهرات عارمة في العراق ضد الطبقة السياسية الفاسدة التي تعمل بتوجيهات من إيران.
وبدأت الاحتجاجات العراقية تأخذ موقفا أكثر صراحة ضد تدخلات إيران عبر الأحزاب السياسية التابعة لها في العراق والميليشيات التي تتلقى دعما من طهران.
وتداول ناشطون مقاطع مصورة تظهر هتافات من قبل جمهور نادي القوة الجوية ضد إيران، وهتفوا "بغداد حرة حرة إيران تطلع برا"، فيما ردد المشجعون في ساحة التحرير وسط بغداد الذي تجمهروا أمام شاشات عملاقة لمتابعة مباراة منتخب بلادهم ضد نظيره الإيراني، هتافات ضد إيران وتدخلاتها في العراق.
وتداول ناشطون مقطعا مصورا في البصرة، أعرب متظاهرون فيه عن غضبهم تجاه أحزاب عراقية موالية لإيران.
وقال متظاهر غاضب إن إيران تسيطر على معظم الأحزاب العراقية، الشيعية منها وغير الشيعية.
وأضاف متظاهر ثانٍ أن معظم الأحزاب العراقية تتلقى أوامرها من إيران، وهو أمر يعرفه كل الشباب العراقي.
وأكد ثالث أن كل الأحزاب التي تسرق مدعومة من طهران.
وكشفت منظمة العفو الدولية، يوم الجمعة 8 تشرين الثاني/نوفمبر، إن مقذوفات فتاكة إيرانية الصنع تستخدم ضد المتظاهرين السلميين في العراق منذ مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وقالت مصادر طبية لمراسل إيران إنسايدر، إن أكثر من 348 متظاهرا قتلوا، وأصيب 15000 آخرين منذ اندلاع الاحتجاجات في العراق.
وأضافت أن غالبية القتلى لقوا حتفهم برصاص قناصة.
ويتهم نشطاء عراقيون، قناصة إيرانيين بقتل المتظاهرين السلميين، وقال مسؤول عراقي في وقت سابق، إن هناك غرفة عمليات يقودها مساعد قاسم سليماني، ويدعى "حاج حامد"، ويتبعه القناصون الذين يستهدفون المتظاهرين، ويأتمرون بأمره بهدف قتل المحتجين السلميين.
وأجرت منظمة العفو الدولية تحديثا جديدا على بيانها الصحفي الصادر في 31 أكتوبر/تشرين الأول، أوضحت خلاله أنه "بالإضافة إلى قنابل الغاز المسيل للدموع الصربية الصنع سلوبودا تساتساك إم Sloboda Ĉaĉak M99- 99 التي تم تحديدها سابقا، فإن جزءا كبيرا من المقذوفات الفتاكة هو في الواقع قنابل غاز مسيل للدموع إم 651 - M651، وقنابل دخان إم 713 M713 صنعتها منظمة الصناعات الدفاعية الإيرانية".
وأشارت منظمة العفو الدولية، إلى أنه "ليس لديها معلومات بشأن هوية قوات الأمن العراقية"، التي تطلق القنابل الإيرانية من فئتي M651 وM713 في بغداد.
مظاهرات العراق
ويشهد العراق احتجاجات شعبية عنيفة بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية.
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم وباتوا يدعون لإقالة الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إثر لجوء قوات الأمن للعنف لوأد الاحتجاجات.
ويطالبون بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين.
إسراء الحسن – إيران إنسايدر