دخلت لبنان مرحلة جديدة، إثر قتل عنصر بمخابرات الجيش اللبناني الناشط في الحزب التقدمي الاشتراكي علاء أبو فخر في الشويفات-خلدة، مساء يوم الثلاثاء.
وركزت هتافات المتظاهرين للمرة الأولى على المطالبة باستقالة الرئيس اللبناني ميشال عون، بعد استفزاز الشارع اللبناني الذي يطالب منذ قرابة شهر بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين، وإعادة الأموال المنهوبة إلى الدولة.
وأثارت تصريحات عون، مساء الثلاثاء، التي دعا فيها مواطنيه للهجرة جدلا وردود فعل غاضبة في الشارع اللبناني، مما دفع الرئاسة اللبنانية إلى إصدار بيان من أجل "توضيح" ما قاله الرئيس.
وخلال ظهوره التلفزيوني، قال عون باللهجة العامية "إذا ما في عندهم أوادم بالدولة يروحوا يهجّوا (يغادروا)، ما رح يوصلوا للسلطة". في عبارة فسرها متظاهرون بأنها دعوة لهم إلى الهجرة.
تشييع أبو فخر
وبدأت مراسم تشييع جثمان "أبو فخر" في الشويفات، وأقام له المتظاهرون مراسم رمزية في ساحة الشهداء ومناطق لبنانية عدة.
فيما يواصل المتظاهرون إغلاق عدد من الطرقات والاعتصام في ساحات عدة حتى تحقيق كامل مطالبهم.
وبحسب "الوكالة الوطنية للإعلام"، فإن مثلث خلدة لا يزال مقطوعا مع بقاء منافذ صغيرة لمرور السيارات، في حين أعلن المعتصمون "أن الطريق ستغلق كليا ابتداء من الساعة الخامسة تضامنا مع علاء أبو فخر وأنهم مستمرون في قطع الطريق إلى أجل غير مسمى". ونصبت بعض الخيم الإضافية.
وفي زحلة، أعاد المتظاهرون إقفال مستديرة زحلة بالإطارات المشتعلة والسيارات، وسط تجمع لحشود شعبية في المكان رافضين إعادة فتح الطريق، ووقع إشكال بين الجيش والمتظاهرين في بلدة تعلبايا. وكانت عمليات كر وفر سجلت أثناء محاولة الجيش فتح الطريق.
وفي مرجعيون، نصب عدد من الطلاب خيما على بوليفار جديدة مرجعيون بهدف إقامة جلسات حوارية سياسية توعوية.
وفي عكار، اعتصم طلاب الثانويات من البلدات العكارية كافة في ساحة حلبا، حاملين الأعلام اللبنانية، وأعلنوا "تأييدهم لمطالب الحراك الشعبي، وعدم المماطلة في تشكيل حكومة انتقالية من اختصاصيين، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة، ومحاكمة الفاسدين"، وطالبوا بـ"قضاء نزيه غير مسيس، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وخفض سن الاقتراع ليحق لهم المشاركة في انتخاب ممثليهم وبفرص عمل لهم بعد انتهائهم من دراساتهم".
وطالبوا بجامعة لبنانية شاملة الاختصاصات في عكار، وتعديل المناهج الدراسية، وفتح ثانويات ومدارس ومهنيات في القرى النائية في عكار وتطويرها.
وفي صيدا، نظم المحتجون في ساحة إيليا تشييعا رمزيا لعلاء أبو فخر، بالتزامن مع تشييعه في الشويفات، فحملوا نعشا لف بالعلم اللبناني ورفعوا صورة كبيرة له.
وطاف المحتجون بالنعش في الساحة على وقع النشيد الوطني والأغاني الوطنية، حاملين الاعلام اللبنانية والبالونات البيضاء التي كتب على كل منها مطلبا، مثل "لا للطائفية" "لا للبطالة".
ولادة الحكومة
من جانبها، ذكرت الرئاسة اللبنانية عبر "تويتر"، أن الرئيس ميشال عون يأمل "في إمكانية ولادة الحكومة خلال الأيام المقبلة بعد إزالة العقبات أمام التكليف والتأليف".
وأضاف أن "المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من أول أهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكل في القريب العاجل".
ورأى عون أن "التعاطي مع المستجدات يتم انطلاقا من المصلحة الوطنية التي تقتضي تعاونا مع الجميع للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة"، حسب تعبيره.
الحرب الأهلية
وفي سياق متصل، اعتبر وزير الدفاع اللبناني في حكومة تصريف الأعمال الياس أبو صعب، يوم الخميس، أن ما حصل أمس في منطقتي جل الديب ونهر الكلب (الواقعتين على الخط الساحلي شمالي بيروت) والطريق الساحلي المؤدي لجنوب لبنان يذكّر بالحرب الأهلية اللبنانية.
ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن أبو صعب قوله، بعد لقائه برئيس مجلس النواب نبيه بري، "ما حصل في جل الديب وفي نفق نهر الكلب وطريق الجنوب ذكرنا بالحرب الأهلية. وهذا أمر خطير".
وتابع بو صعب "محاولة بناء الجدار أمر خطير ويذكرنا بالحرب الأهلية، ولا يستطيع الجيش أو القوى الأمنية مراعاة تفكير أي شخص بالعودة إلى تلك المرحلة. لا نحمل الحراك مسؤولية ما حصل، إنما من حق المتظاهرين أن نقوم بحمايتهم".
مطالب الثورة
ويصر المتظاهرون على إسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود، وسط إجماع شعبي من الحراك على مواصلة المظاهرات حتى تنفيذ مطالبهم بالكامل.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ريتا مارالله - إيران إنسايدر