التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، في أول زيارة له إلى الإمارات العربية المتحدة، وقدّم دعوة رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي للشيخ "بن زايد" لزيارة طهران.
وخلال اللقاء ناقش الطرفان العلاقات الثنائية في أبعادها السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والقنصلية، وأعربا عن ارتياحهما لتطوّر العلاقات بين البلدين.
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون الثنائي، خاصة في المجالين التجاري والاقتصادي، وعلى استخدام المبادرات لتعزيز التعاون الإقليمي في إطار المصالح المشتركة لدول المنطقة حسبما أفادت وكالة أنباء الإمارات.
وعبر "بن زايد" عن استعداده لزيارة إيران، كما وجه دعوة إلى نظيره الإيراني لزيارة الإمارات خلال اللقاء الذي ناقش أيضا عددا من القضايا الإقليمية والدولية.
تعد الإمارات المحطة الرابعة في جولة "عبد اللهيان" الخليجية، التي قال إنها تأتي لتعميق العلاقات وتطويرها مع دول الجوار، وشملت كلا من قطر وعُمان والكويت.
وقال "عبد اللهيان" عبر حسابه على موقع تويتر، إن "استمرار التنمية الشاملة للعلاقات مع الجيران أحد المحاور الأساسية في عقيدة السياسة الخارجية المتوازنة للحكومة".
وأشار إلى أن "جيران إيران لديهم قدرات كثيرة في مجال الاقتصاد والتجارة والسياسة".
وقال عبد اللهيان إن "رفع التحديات مع المشاركة الجماعية لدول المنطقة هو الوسيلة الفضلى لتحقيق تقدم الأمم وضمان أمن الخليج الفارسي".
المصالحة الإيرانية السعودية
تأتي جولة المسؤول الإيراني الخليجية، بعد أيام من زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان طهران، للمرة الأولى منذ المصالحة بين أبرز قوتين إقليميتين، في اتفاق أبرم في آذار/مارس الماضي برعاية الصين.
وأعادت طهران فتح البعثات الدبلوماسية الإيرانية رسميا في السعودية خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، كما ستقوم الرياض بخطوة مماثلة بعد عيد الأضحى.
وبعد سنوات من الخلاف، وقعت الدولتان اتفاقية مصالحة مفاجئة في الصين في 10 آذار/مارس. وأعادت السعودية منذ ذلك الحين العلاقات مع سوريا حليفة طهران، وكثفت من مساعيها للسلام في اليمن حيث تقود منذ سنوات تحالفا عسكريا ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
البرنامج النووي الإيراني
وكانت إيران أعلنت الأسبوع الماضي أنها تجري محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة بوساطة عمانية، لا سيما بشأن البرنامج النووي والعقوبات الأمريكية وملف الأمريكيين المحتجزين لديها إضافة إلى مسألة الإفراج عن أموال إيرانية متحجزة في الخارج بسبب العقوبات الأمريكية.
وغالبا ما تلعب عمان دور الوسيط بين واشنطن وطهران، ونادرا ما تعلن عن فحوى المساعي الدبلوماسية التي تبذلها.
وفي اليوم التالي، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري، المكلف بالمفاوضات النووية، أنه التقى دبلوماسيين أوروبيين في أبوظبي للبحث في ملفات استراتيجية بينها البرنامج النووي الإيراني.
العلاقات مع مصر
تحسين إيران علاقاتها لم يقتصر على دول الخليج فقط، إذ تسعى الحكومة الإيرانية إلى تعزيز العلاقات مع مصر.
وقال "عبد اللهيان" الشهر الماضي إن هناك قنوات اتصال مباشرة ورسمية بين إيران ومصر، وعبر عن أمله في حدوث انفتاح جاد في العلاقات بين البلدين.
وكانت وسائل إعلام رسمية إيرانية نقلت الشهر الماضي عن المرشد الإيراني علي خامنئي قوله، خلال لقائه مع سلطان عُمان هيثم بن طارق آل سعيد، إن طهران ترحب بتحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر.
وظلت العلاقات مشحونة بين القاهرة وطهران في أغلب الأحيان خلال العقود الماضية، على الرغم من أن البلدين حافظا على الاتصالات الدبلوماسية.
فقد توترت العلاقات بين القاهرة وطهران منذ انطلاق الثورة الإيرانية عام 1979، عندما قبل الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات استضافة شاه إيران رضا شاه بهلوي، في مصر، رغم مطالبة طهران بعدم استقباله، ومنذ ذلك مرت العلاقات بين البلدين بمحطات مختلفة، وشهدت محاولات متكررة للتقارب.
مخاوف إسرائيل وأمريكا
وحذر زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، من التقارب بين مصر وإيران، وقال على حسابه على تويتر، إن "التقارب بين مصر وإيران يتعارض مع المصالح الإسرائيلية والإقليمية".
ذات الخوف ينتاب المسؤولين الإسرائيليين عند الحديث عن أي تقارب خليجي إسرائيلي.
وقال رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي الأسبق، تامير باردو، إن تقارب إيران مع دول المنطقة، خاصة مصر والسعودية، يهدد مكانة إسرائيل كقوة شرق أوسطية تسعى جميع الدول المجاورة للوصول إليها.
أما الولايات المتحدة فقررت الانتظار حتى ترى إلى أي مدى سيصل التقارب الإيراني الخليجي وتبعاته على العلاقات معها ومع إسرائيل.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال لقاء جمعه مع وزراء خليجيين في الرياض قبل نحو أسبوعين، أن بلاده لا تزال ملتزمة تجاه شركائها في منطقة الخليج.
وقال "بلينكن"، في مستهلّ الاجتماع بشأن الشراكة الاستراتيجية بين الخليج وواشنطن، إن "الولايات المتحدة موجودة في هذه المنطقة لتقول إننا لا نزال منخرطين بعمق في الشراكة معكم جميعا".
وأشار إلى أن دول "مجلس التعاون الخليجي هي جوهر رؤيتنا لشرق أوسط أكثر استقرارًا وأمانًا وازدهارًا".
وجاءت زيارة "بلينكن" على خلفية تقارب تاريخي بين السعودية ودولتين عدوتين للولايات المتحدة هما إيران وسوريا مما أطلق تغييرا في الوضع الجيوسياسي في المنطقة.
الاتفاق النووي الإيراني
وأبرمت إيران عام 2015 مع قوى كبرى، هي: الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، ألمانيا، اتفاقا بشأن برنامجها النووي، أتاح رفع عقوبات عنها لقاء خفض أنشطتها وضمان سلمية برنامجها.
إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018، وأعادت فرض عقوبات على إيران التي ردت بالتراجع تدريجيا عن معظم التزاماتها.
ومنذ نيسان/أبريل 2021، تخوض إيران والدول التي لا تزال أطرافا في الاتفاق مباحثات متقطعة تهدف لإحياء الاتفاق، شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وعلى الرغم من تحقيق تقدم في هذه المباحثات، فإنها لم تبلغ مرحلة التفاهم لإعادة تفعيل الاتفاق.
في الأيام الأخيرة، نفى الإيرانيون والأمريكيون صحة تقارير إعلامية أشارت إلى قرب توصل البلدين إلى اتفاق مؤقت يحل محل الاتفاق النووي.
وفي قطر التي كانت المحطة الأولى في هذه الجولة، أجرى عبد اللهيان مباحثات مع مسؤولين قطريين وأوروبيين بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وخلال هذه الزيارة، التقى نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات بشأن الملف النووي إنريكي مورا.
وكتب باقري في تغريدة على موقع تويتر: "عقدت لقاء جديا وبناء مع إنريكي مورا في الدوحة. ناقشنا وتبادلنا الآراء بشأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك المفاوضات بشأن رفع العقوبات".
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو لوكالة الأنباء الفرنسية، إن التكتل "يبقي القنوات الدبلوماسية مفتوحة، بما في ذلك هذا الاجتماع في الدوحة، لمناقشة كافة المسائل ذات الأهمية مع إيران".
وأفادت وكالة الأنباء القطرية، بأن أمير عبد اللهيان بحث "آخر مستجدات الاتفاق النووي" مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني.