كشفت مصادر دبلوماسية عربية، أن لبنان سيشهد في المرحلة المقبلة حركة دبلوماسية مكثفة تجاهه، خصوصاً عربية، معتبرة أن "زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت تأتي في السياق الدبلوماسي، لكن المختلف عن الحراك العربي".
وأضافت المصادر لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن "الجهود العربية لمساعدة لبنان على الخروج من محنته، بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالمواصفات العربية المعلنة والواضحة للجميع، لم تتوقف"، مشيرة إلى أن "بعضها يبقى بعيداً من الضوء، منعاً للتشويش ودخول بعض المغرضين الذين لا يريدون الخير للبنان على الخط، أو البعض الذي يعمل لأجنداته ومشاريعه الخاصة لاستلحاق لبنان وإبعاده عن محيطه العربي ومداه الدولي الأوسع".
ولا تنفي المصادر ذاتها، أن "الحركة والاتصالات الدبلوماسية العربية المكثفة، القائمة والمنتظرة، تجاه لبنان، تعكس تبايناً عربياً شبه جامع بين السعودية وقطر ومصر، من دون أن تغيب واشنطن عن هذا الجو، مع مبادرات وتحركات أخرى مهتمة بالوضع اللبناني".
ولا تجد حرجاً بالإشارة في هذا السياق، إلى "المقاربة الفرنسية، حالياً، للاستحقاق الرئاسي اللبناني من زاوية معينة، لا تتناسب مع المواصفات التي أبلغتها الدول العربية المعنية للجانب الفرنسي بكل وضوح".
ولفتت المصادر إلى أن "الحراك العربي والإقليمي بشأن الاستحقاق الرئاسي، قائم ومستمر". مشيرة إلى أن "التحرك العربي الدبلوماسي سيتكثف"، موضحةً أن "الزيارة الثانية المنتظرة خلال الأيام القليلة المقبلة لوزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي، تأتي في إطار مواصلة المسعى القطري على هذا الصعيد، علماً أن الزيارة الأولى قبل أسابيع حملت صفة المستَمِع".
وأكدت المصادر الدبلوماسية عينها، أن "هناك تواصلاً وتنسيقاً عربياً مشتركاً حول الشأن اللبناني، خصوصاً الرئاسي في المرحلة الراهنة. وإن كانت بعض التحركات علنية، لكن هناك جهود لأطراف عربية أساسية تتم في الكواليس، وذلك في إطار التنسيق المشار إليه".
وأضافت أن "العرب لن يتخلّوا عن لبنان ولن يتركوه فريسة لهذا أو ذاك"، مع التأكيد أن "هذا لا يعني بأي شكل، أنه ليس على اللبنانيين المخلصين لوطنهم أن يتحمّلوا مسؤولياتهم، ليخرجوا من مرحلة الفراغ والتعطيل والانهيار إلى انتظام مؤسساتهم والبدء بنهوض بلدهم من الأزمة، وخريطة الطريق باتت واضحة أمامهم".
وبفعل تعقد الحسابات، السياسية والطائفية في لبنان، فإن اختيار رئيس للبلاد، أو حتى تشكيل حكومة أو تكليفها، يستغرق في العادة أشهرا عديدة، وفي العام 2016، وبعد أكثر من عامين من الشغور في سدة الرئاسة، جاء انتخاب ميشيل عون، رئيسا للبلاد بعد 46 جلسة برلمانية بموجب تسوية سياسية بين الفرقاء السياسيين.
غير أن الفراغ السياسي القائم في لبنان حاليا، يبدو مختلفا، في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تعاني منها البلاد، وأدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وكذلك في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، تبدو عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في ملفات ملحة، أهمها القيام بإصلاحات، يضعها المجتمع الدولي شرطا لدعم لبنان.
وكان الرئيس السابق ميشيل عون، وفي رفض منه لقيام حكومة ميقاتي بصلاحيات الرئيس، قد وقع قبل مغادرته سدة الرئاسة، مرسوما يعتبر حكومة ميقاتي مستقيلة، وقد نفى ميقاتي من جانبه الخميس 10 تشرين الثاني/نوفمبر، ما يقال عن سعي الحكومة، للقيام بدور الرئيس، إلا أن الخطوة التي اتخذها عون، وصفت من قبل العديد من القانونيين اللبنانيين، بأنها غير دستورية وأنها لاقيمة لها.
ويعتبر مراقبون، أن الفراغ الرئاسي والحكومي في لبنان، يؤدي بدوره إلى استمرار التأزم الاقتصادي والاجتماعي، ويرون أنه يؤدي بشكل أساسي، إلى تأجيل كل الحلول المطروحة، لمعالجة الأزمة الاقتصادية، لحين انتخاب الرئيس، وتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يؤدي من وجهة نظرهم، إلى استمرار معاناة اللبنانيين، من أزمات متصاعدة، من سعر الصرف، إلى أسعار المحروقات والمواد الغذائية، وشح الأدوية وغير ذلك من أزمات.
ووسط كل ذلك الجدل، يرى جانب من اللبنانيين، أن انتخاب رئيس، أو تشكيل حكومة، لا يمثل تحديا للبنان، وأن التحدي الحقيقي يتعلق بإصلاح جدي في مجال التشريعات وتطبيقها، ويعتبر هؤلاء أن القوانين، التي تطالب بالإصلاح كثيرة في لبنان، لكنها لا تفعل، مطالبين بإلغاء نظام المحاصصة الطائفية.