كشفت وكالة أنباء النظام "سانا" عن مباحثات بين وزير التعليم العالي والبحث العلمي في "حكومة الأسد" بسام إبراهيم، ومعاون وزير الخارجية الإيرانية للشؤون القنصلية علي رضا بيكدلي، اليوم الاثنين.
وأضافت أنه تم بحث علاقات التعاون العلمي والبحثي بين نظامي سوريا وإيران، والتنسيق المستمر مع الجامعات والهيئات والمشافي الجامعية.
وبيّن "إبراهيم" أهمية دور القطاع التعليمي والصحي في تنمية العلاقات بين نظامي البلدين، مؤكداً أهمية الاتفاقيات الموقعة بين الجامعات السورية والإيرانية، وضرورة العمل على تعزيزها في مختلف المجالات.
وقدم الوزير إبراهيم لمحة عن واقع التعليم العالي في سوريا، والمشافي الجامعية التي تقدم الخدمات الطبية والعلاجية والتدريبية، مشيراً إلى استعداد الجامعات والمشافي الجامعية لتقديم الدعم وإقامة المؤتمرات العلمية المشتركة.
بدوره، أشاد "بيكدلي" بالعلاقات المتميزة بين نظامي البلدين، والتي تزداد يوماً بعد يوم في مختلف المجالات والعمل على تعزيزها، ولا سيما في المجال التعليمي، مشيراً إلى ضرورة عقد اللقاءات المستمرة لتبادل الأفكار والرؤى لتسهيل قضايا الطلاب السوريين والإيرانيين، والاستفادة من تبادل الأساتذة والطلاب وإقامة المؤتمرات.
تغلغل في قطاع التعليم
وحاولت طهران بشتى الوسائل السيطرة على قطاع التربية والتعليم في سوريا، للأهمية الكبيرة التي يتمتع بها في حياة المجتمعات حاضرًا ومستقبلًا، كون التعليم أحد أبرز الأسلحة التي تستخدمها إيران لبسط نفوذها في المنطقة، فقد أولت إيران اهتمامًا كبيرًا بتوفير الأدوات التعليمية والتربوية التي تخدم مشروعها في إعادة تشكيل المجتمع السوري ككل، وركزت على الشريحة العمرية الخاصة بالأطفال والشباب كونها أساس المجتمع وحاضره ومستقبله.
ومنح بشار الأسد إيران تسهيلات كبيرة في بناء الثانويات الشرعية والمدارس الخاصة بالشيعة، فأصدر مرسومًا في 2014 سمح من خلاله بتعليم المذهب الشيعي في المدارس السورية إلى جانب المذهب السني، إضافة إلى افتتاح أول مدرسة شيعية عامة في البلد في سبتمبر/أيلول 2014 "مدرسة الرسول الأعظم" على أطراف مدينة جبلة ثم بلغت هذه المدارس في السنوات السابقة ما يقارب الـ40 مدرسة منتشرة في دمشق.
وعمدت إيران إلى افتتاح المدارس وتعيين كوادر تعليمية إيرانية، إضافة إلى استقطاب الطلاب السوريين عن طريق تقديم الحوافز المادية لهم، مستغلة الحالة المادية الصعبة التي يعيشونها، فتم افتتاح ثلاث مدارس في مدينة البوكمال ومدرسة في دير الزور، ضمت هذه المدارس الأطفال من الفئة العمرية التي تتراوح بين 8 و15 سنة، وتقدم المدرسة نحو 20 دولارًا للطالب المنتسب إليها.
واجتهدت إيران في نشر اللغة الفارسية عن طريق المدارس والمراكز التعليمية التي تنشرها في مختلف المناطق السورية، وتركزت جهودها على المناطق الساحلية لأن هذه المناطق لم تشهد حركة نزوح كبيرة، وتتميز بوجود شريحة كبيرة من المواليين للنظام، سعيًا منها لتعزيز الولاء لإيران والشيعة في المنطقة، وعمل القائمون على هذه المراكز على استقطاب السوريين عن طريق تقديم مساعدات مالية وسلل إغاثية للمنتسبين إليها.
وتستهدف دورات اللغة الفارسية بشكل أساسي الأطفال بدءًا من عمر 8 سنوات وما فوق، لسهولة السيطرة على هذه العقول النظيفة وتغيير طريقة تفكيرها بما يتلاءم مع الخطة الإيرانية، ولم تقتصر محاولات إيران في نشر اللغة الفارسية على افتتاح المدارس، بل تعدى ذلك إلى الجامعات السورية الرسمية وبدعم من الحكومة السورية، حيث افتتح قسم اللغة الفارسية في عدة جامعات سورية، مثل جامعة تشرين وحلب والبعث، إضافة إلى جامعة دمشق، بموجب اتفاقية تعاون بين وزارتي التربية والتعليم السورية والإيرانية.
قال تقرير للمعهد الأمريكي: "ثمة تطور يشير إلى هدف إيران المتمثل بضمان وجود متعدد الأجيال في سوريا، وهو قرار نظام الأسد بفتح أقسام باللغة الفارسية في العديد من المؤسسات التعليمية، بما فيها جامعة دمشق وجامعة البعث في حمص وجامعة تشرين في اللاذقية، وتترافق الدروس التي تقدمها هذه الأقسام مع مجموعة واسعة من المحفزات لزيادة إقبال السوريين عليها، ولا يُطلب من الطلاب الالتحاق ببرامج كاملة من أجل حضور الدروس، ويمكن للشباب دون سن دخول الجامعة أن يحضروها، وقد لا تنطبق الرسوم الجامعية العادية، وتشمل الدروس رحلات إلى إيران".
ولم يقتصر التغلغل الإيراني في الجامعات السورية على نشر اللغة الفارسية، بل تعدى إلى أبعد من ذلك، فكانت تنظم زيارات للأكاديميين والمسؤولين في وزارة التعليم العالي السورية، مستغلة الوضع الأمني الصعب في سوريا، إضافة إلى تنظيمها رحلات خاصة بالأساتذة والإداريين في الجامعات، وأصبحت إيران تحيي ذكرى انتصاراتها في المسارح ودور الثقافة بالمؤسسات التعليمية وتعقد الندوات لدعاتها الشيعة في هذه الجامعات والمراكز الثقافية السورية.
ونشطت اللقاءات بين وزارة التعليم العالي في سوريا والجهات التعليمية الإيرانية، ووقعت العديد من الاتفاقيات ومسودات التعاون، ولم يتم الإفصاح عن مضمون أي منها بشكل صريح، ما يجعلها اتفاقيات "فضفاضة"، وتوفر الغطاء القانوني لأعمال إيران في هذه الجامعات وتعطيها مساحة لأكبر للتغلغل عبر المؤسسات الرسمية السورية.
ووقعت وزارة التربية والتعليم السورية عدة اتفاقيات ومذكرات تعاون مع وزارة التربية والتعليم الإيرانية بين عامي 2019 و2020 وصلت إلى ما يقارب الـ12 اتفاقية ومذكرة، وجاء في بيان عن وزارة التربية والتعليم السورية لإحدى الاتفاقيات عام 2020 "تم التوقيع والتوافق على البنود كافة بعد مناقشتها وصياغتها، بما فيها تأهيل وتطوير قدرات المدرسين والمدرسات، وتبادل الخبرات والمساهمة في ترميم المدارس، بما سينعكس إيجابًا على تطوير العملية التربوية".
وجرى توقيع الاتفاقيات دون الإفصاح التام عن البنود الخاصة بها، واقتصر تعليق النظام السوري على أن "هذه الاتفاقيات ومشاريع التعاون التي تم التوصل إليها تحمل بعدًا إستراتيجيًا" وعله قصد بذلك البعد إتمام هيمنة إيران على بلاد الشام.
إيران إنسايدر