قال "رئيس ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، إنه ليس مع فكرة دمج ميليشيات "الحشد الشعبي" مع الجيش العراقي والشرطة، مضيفا أن الحشد "الضمان وصمام أمان العراق"، وذلك في أول رد سياسي على مرسوم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بشأن اندماج كافة الفصائل في القوات المُسلحة الرسمية.
وقال المالكي، "الحشد لم ينته دوره ولم تنتف الحاجة منه"، داعيا إلى تكريمه لما قاموا به وحققوه".
ويريد المالكي بقاء ميليشيات الحشد الشعبي كجهاز مستقل عن الحكومة والجيش والشرطة العراقية، وهذا ما تسعى إليه إيران في العراق.
مرسوم عراقي
وكان أصدر رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، قرارا بضم كافة تشكيلات "الحشد الشعبي" إلى القوات المسلحة العراقية، وإغلاق مقراتهم سواء داخل المدن أو خارجها، وقطع أي ارتباط لها مع أي تنظيم سياسي.
ويقضي مرسوم "عبد المهدي" بدمج الفصائل المسلحة في القوات النظامية. وأن تقطع كل الوحدات المسلحة أي ارتباط سياسي بأي تنظيم.
كما يمنع المرسوم، الفصائل المسلحة التي تختار العمل السياسي، من حمل السلاح.
ونص مرسوم القرار، الذي أصدره "عبد المهدي" على أن "تعمل جميع قوات الحشد الشعبي كجزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، وتسري عليها جميع ما يسري على القوات المسلحة عدا ما يرد به نص خاص، وتعمل هذه القوات بإمرة القائد العام للقوات المسلحة ووفق قانونها "…"؛ ويكون مسؤولا عنها رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يعينه القائد العام للقوات المسلحة".
وأضاف القرار "يتم التخلي نهائيا عن جميع المسميات التي عملت بها فصائل الحشد الشعبي في المعارك البطولية للقضاء على كيان "داعش"، وتستبدل بتسميات عسكرية، ويشمل ذلك الحشد العشائري أو أي تشكيلات أخرى محلية أو على صعيد وطني"، متابعا: "تقطع هذه الوحدات أفرادا وتشكيلات أي ارتباط سياسي أو أمري من التنظيمات السابقة المشار إليها".
كما نص القرار على إغلاق جميع المقرات التي تحمل اسم فصيل "الحشد الشعبي"، سواء في المدن أو خارجها، ومنع تواجد أي فضيل مسلح يعمل سرا أو علنا خارج هذا القرار، ويعتبر خارجا عن القانون ويلاحق بموجبه.
وحدد القرار تاريخ، 31 تموز/يوليو الجاري، موعدا نهائيا لوضع الترتيبات النهائية للانتهاء من العمل بموجب هذه الضوابط.
ضغط أمريكي
وكان وزير الخارجية الأميركية، "مايك بومبيو"، نقل إلى بغداد مؤخرا تحذيرا، بعد أن رصدت واشنطن نشر الفصائل العراقية المدعومة إيرانيا صواريخ قرب قواعدها العسكرية.
وطالب، حكومة بغداد، بكبح جماح الفصائل الشيعية المدعومة إيرانيا؛ التي تعزز نفوذها في البلاد وتشكل جزءا من الأجهزة الأمنية للدولة، وهدد بأنه، إذا لم تتمكن الحكومة من تحقيق ذلك فإن الولايات المتحدة سترد بالقوة.
الحشد الشعبي
وتُعتبر ميليشيات الحشد الشعبي، إحدى أهم القوات غير النظامية التي شاركت الجيش العراقي في محاربة تنظيم "داعش"، ومتهمة بارتكاب جرائم حرب عقب دخولها "تكريت".
وفي 13 حزيران/يونيو 2014؛ برزت ميليشيات الحشد الشعبي، بعد فتوى للمرجع الديني، آية الله علي السيستاني، بالجهاد الكفائي لتحرير العراق من تنظيم "داعش"، من خلال تشكيل ميليشيات من المتطوعين، فولدت ميليشيات "الحشد الشعبي"، وهي قوات شبه عسكرية تنتمي إلى المكون الشيعي في العراق.
وانتقدت المرجعية الدينية، في النجف، بما وصفته الحملة المسعورة ضد مقاتلي الحشد الشعبي.
ويبلغ عدد عناصر ميليشيات الحشد الشعبي نحو مئة ألف مقاتل، يتوزعون على 42 ميليشيا مسلّحة، 39 منها تتلقى دعما مباشرا من إيران، والأخرى من قبل الحكومة وشخصيات ومراجع دينية في البلاد.
وبحسب رئيس لجنة الأمن والدفاع في "مجلس محافظة بغداد"، فإن عدد أعضاء "الحشد الشعبي"، الملتزمة بالنظام العسكري، بلغ نحو 118 ألف متطوع.
وتنتشر تلك الميليشيات، وفقا للضابط العراقي، في مناطق متفرقة من العراق، وتذوب في كثير من الأحيان مع قوات الجيش العراقي، وترتدي ملابسه وتستخدم أسلحته ومعداته العسكرية والعربات الخاصة به.
ومن أبرز ميليشيات الحشد الشعبي: ميليشيا منظمة بدر؛ بقيادة، "هادي العامري"، وزير النقل السابق، وميليشيا عصائب أهل الحق؛ والتي يقودها، "قيس الخزعلي"، وميليشيا "جيش المختار"؛ بقيادة، "واثق البطاط"، وميليشيا حزب الله - العراق، وميليشيا حركة النجباء، وميليشيا سرايا السلام؛ بقيادة، "مقتدى الصدر"، وميليشيا كتائب سيد الشهداء؛ أمينها العام هو، "الحاج ولاء"، ومليشيا "سرايا الجهاد والبناء"؛ أمينها العام الحالي هو، "حسن الساري"، أحد قيادات "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"، بقيادة "عمار الحكيم"، وكتائب التيار الرسالي؛ التي تأسست كجناح عسكري للتيار الرسالي العراقي، أمينها العام هو النائب الشيخ، "عدنان الشحماني".
وكذلك هناك الكثير من الفصائل الصغيرة، منها "فيلق الوعد الصادق"، و"لواء أسد الله الغالب"، و"كتائب أنصار الحجة"، و"لواء القارعة"، و"سرايا الزهراء"، و"سرايا أنصار العقيدة"، و"كتائب الغضب"، و"حركة الأبدال"، و"لواء المنتظر"، و"كتائب درع الشيعة"، و"حزب الله الثائرون".
ويتقاضى كل عنصر في "الحشد الشعبي"، راتبا شهريا بمقدار500 دولار أمريكي، تدفعها الحكومة العراقية التي اشترطت على كل فصيل، ليحظى بالدعم المالي، أن يكون بحجم لواء ويتمتع بهيكلية واضحة. كما تتلقى فصائلهم الكثير من الدعم من رجال الأعمال التبعين لإيران في العراق.
كما يستلم عناصر الحشد مرتبات شهرية وبدل طعام، أما الإجازات التي يتمتع بها العنصر؛ فتحدد حسب القطاعات العسكرية التي يتبع لها والوضع الأمني فيها.
ويتولى "أبو مهدي المهندس"، رئاسة ميليشيات الحشد الشعبي، اليد اليمنى لقائد "فيلق القدس"، "قاسم سليماني".
وليس لـ "الحشد الشعبي" زي عسكري موحد؛ بل كل ميليشيا لها زيها العسكري الخاص، وهو ما يوضح أن كل قوى تدير عملياتها وفقًا لرؤيتها الميدانية، كما ليس لها شعار موحد؛ بل كل ميليشيا ترفع شعارها الخاص بها، وإن يغلب عليها الشعارات الخاصة بـ"الطائفة الشيعية"، "يا زهراء، يا حسين، يا كرار، يا زينب"، وغيرها من الشعارات التي تعتبر رمزا لطائفة بذاتها.
وتلعب المرجعية الدينية لكل فصيل سياسي دورا في تشكيله وتمويله وأيضا مدى جاهزيته العسكرية والقتالية، فأغلب الميليشيات في الحشد تدين بالولاء للمرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي.
كما هناك ميليشيات تدين بالولاء للمرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، وهناك من يدين للمرجع الديني، "صادق الحسيني الشيرازي"، وهو ما يؤدي إلى اختلاف في الولاءات ما بين الوطنية والفارسية.
ومن الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات "الحشد الشعبي"، وصورت بالفيديو، هي إعدام طفل بالرصاص في محافظة "ديالى" العراقية، وتظهر اللقطات كيف أعدم الطفل -الذي لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره- وهو موثوق اليدين وفي مكان مجهول بعد تعذيبه والسخرية منه من قِبل عدد كبير من عناصر ميليشيات الحشد.
وحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في أحدث تقرير لها، تصاعدت انتهاكات الميليشيات المتحالفة مع قوات الأمن العراقية في المناطق التي تقطنها غالبية سنية في الشهور الأخيرة، حيث تم إجبار السكان على ترك منازلهم، أو خطفهم، أو إعدامهم ميدانيا في كثير من الأحيان.
المصدر: إيران إنسايدر