يكتنف الغموض مصير الاتفاق النووي قبيل وصول رئيس الموساد الإسرائيلي إلى واشنطن حاملا معه مطالب خاصة بشأن الاتفاق الوشيك حول النووي الإيراني، فيما شدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الاثنين، على ارتباط إحياء الاتفاق بشأن برنامج بلاده النووي، بإقفال الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف المواقع الإيرانية المشتبه بأنها شهدت أنشطة غير مصرّح عنها، مع بلوغ التفاوض بين طهران والقوى الكبرى" مراحل حاسمة".
وتثير قضية العثور سابقا على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع لم تصرّح طهران بأنها شهدت أنشطة كهذه، توترا بين إيران من جهة، والقوى الغربية والوكالة التابعة للأمم المتحدة.
وفي حين تزعم إيران هذا الملف "سياسيا"، تدعوها دول غربية وفي مقدمها الولايات المتحدة إلى التعاون مع الوكالة لوضع حد لهذه الشكوك.
وشدد الرئيس الإيراني على أن إحياء الاتفاق مع القوى الكبرى بشأن برنامج بلاده النووي يبقى "بلا جدوى" ما لم يتم إنهاء 3 نقاط رئيسية، وتضمنت النقاط الـ 3 حصول طهران على "ضمانات موثقة"، و"التحقق من إلغاء العقوبات الأمريكية"، و"إغلاق ملف المواقع غير المعلنة"، الذي تحقق به الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال "رئيسي"، في تصريحات جديدة، "في قضية مفاوضات فيينا، مسألة الضمانات هي إحدى المسائل الجوهرية. كل قضايا الضمانات يجب أن يتم حلّها".
وخلال التصريحات، ردّ الرئيس الإيراني على التهديدات الإسرائيلية التي تكثفت أخيراً مع تسريب أنباء عن قرب التوصل إلى تفاهم يعيد إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن للالتزام بالاتفاق الذي انسحب منه سلفه دونالد ترامب عام 2018.
وقال "إن تهديدات وإجراءات الكيان الصهيوني لن تجدي نفعاً في وقف مسيرتنا، وهو يدرك أنه عاجز عن مواجهتنا، وإن هذه التهديدات تعبّر عن خوف الكيان المحتل، وإننا ننصحه بعدم شنّ أي اعتداء، لأنه قد لا يبقى أيّ وجود له".
وتابع: "الكيان يعرف جيداً أنه ليس بإمكانه مهاجمة إيران، والتهديدات الصهیونیة لإيقاف برنامجنا النووي السلمي لم ولن تنجح".
وأردف: "التقنية النووية حقّ إيران المسلمة، ولا يمكن لأحد منعها من هذا الحق، وأكدنا أنه لا مكان للأسلحة النووية في عقيدتنا"، حسب تعبيره.
وتثير قضية العثور في مراحل سابقة على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع لم تصرّح الجمهورية الإسلامية بأنها شهدت أنشطة كهذه، توترا بين طهران من جهة، والقوى الغربية والوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة.
ويثير تمسك إيران بغلق هذا الملف دون أن تقدم تفسيرا مقنعا عن اثار اليورانيوم التي عثر عليها في إحدى المنشآت النووية، شكوكا حول إخفائها شيئا ما ويؤكد أن ما تخفيه بدرجة من الخطورة بما يجعلها مستعدة للتضحية بكل الخطوات التي قطعتها من أجل رفع العقوبات عنها.
وجاءت تصريحات إبراهيم رئيسي بينما بدأت إيران تخصيب اليورانيوم باستخدام واحدة من ثلاث مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتطورة (آي.آر-6) التي ركبتها طهران في الآونة الأخيرة في محطة التخصيب تحت الأرض في نطنز، وفقا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الدول الأعضاء.
وقال التقرير السري، إن طهران تستخدم سلسلة تضم ما يصل إلى 174 جهاز لتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء تصل إلى خمسة بالمئة، مضيفا أنه من بين سلسلتي أجهزة 'آي.آر-6' الأخريين في المحطة تحت الأرض، كانت إحداهما تخضع للتخميل وهي عملية تسبق التخصيب والأخرى لم تُغذ بعد بالمادة النووية.
وتأتي تصريحاته كذلك بينما تدرس طهران الردّ الأميركي على مقترحات تقدمّت بها الجمهورية الإسلامية تعقيبا على مسودة "نهائية" عرضها الاتحاد الأوروبي بهدف انجاز مباحثات غير مباشرة بين الطرفين بدأت العام الماضي، هدفها إحياء اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن في 2018.
وقال الرئيس الإيراني "في قضية المفاوضات، مسألة الضمانات (في إشارة لقضية المواقع غير المعلنة) هي إحدى المسائل الجوهرية. كل قضايا الضمانات يجب أن يتم حلّها"، مضيفا "من دون حلّ قضايا الضمانات، الحديث عن الاتفاق هو بلا جدوى".
وكررت إيران على مدى الأشهر الماضية، طلبها إنهاء قضية هذه المواقع. وفي يونيو/حزيران أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية قرارا يدين إيران لعدم تعاونها مع المدير العام للوكالة رافايل غروسي في القضية.
وأثارت الخطوة انتقادات لاذعة من طهران التي تعتبرها إجراء "سياسيا"، وقامت ردا على ذلك بوقف العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة الدولية في بعض منشآتها.
وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجا عن معظم التزاماتها.
وبدأت طهران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في أبريل/نيسان 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو/حزيران من العام ذاته.
وبعد استئنافها في نوفمبر/تشرين الثاني علّقت مجددا منذ منتصف مارس/آذار مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل انجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو/حزيران، لم تفضِ إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من أغسطس/اب، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية "نهائية". وقدمت طهران بداية مقترحاتها على هذا النص، وردّت عليها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وأكدت طهران أنها تقوم بدراسة هذا الردّ قبل إبداء رأيها إلى الاتحاد الأوروبي.
إيران إنسايدر