أظهرت نتائج أولية غير رسمية للانتخابات النيابية في لبنان، حصلت عليها الأناضول، تراجع "حزب الله" وحلفائه (التيار الوطني الحر) بعد فقدانهم الأغلبية في البرلمان.
ووفق مراقبين، تلقى "حزب الله" (مقرب من إيران) وحلفاؤه "ضربة سياسية"، بخسارة عدد من المقاعد في الساحة المسيحية والدرزية، لصالح قوى أخرى متنوعة بعضها قريب من الرياض، وأخرى تمثل الانتفاضة الشعبية.
وفي انتخابات 2018، استحوذ الحزب وحلفاؤه على 71 مقعدا من أصل 128، فيما تشير النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات الأخيرة إلى فقدانه 10 مقاعد منها، في انتظار الإعلان الرسمي.
والأحد، جرت الانتخابات داخل البلاد بعد اقتراع المغتربين اللبنانيين في 58 بلدا قبل ذلك، حيث تنافست فيها 103 قوائم انتخابية تضم 718 مرشحا موزعين على 15 دائرة انتخابية.
وتتزامن الانتخابات مع أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة يعاني منها لبنان منذ أكثر من عامين، أدت إلى انهيار قياسي بقيمة الليرة مقابل الدولار، فضلا عن شح الوقود والأدوية وارتفاع أسعار الأغذية.
تصويت عقابي
المحلل السياسي طوني بولس، قال إن "القراءة الأولية تعطي انطباعا بوجود تغير كبير في مزاج الشارع اللبناني الذي عاقب حزب الله وحليفه تيار رئيس البلاد ميشال عون (التيار الوطني الحر) على أدائهما السياسي، من خلال التصويت ضدهما".
وأضاف بولس للأناضول، أن "النتائج الأولية تعكس تغيرا في التوازنات السياسية، حيث أصبحت الكتلة البرلمانية الأكبر مسيحيا هي (القوات اللبنانية/ قريبة من الرياض)، وهي من الكتل المعروفة بمناهضتها لحزب الله".
ووفق النتائج الأولية، يحتمل فوز "القوات اللبنانية" بـ 20 مقعدا متقدمة بـ5 مقاعد عن الانتخابات الماضية، مقابل تراجع التيار "الوطني الحر" من 25 إلى 16 مقعدا.
ويتشكل البرلمان من 128 مقعدا، تتوزع على 28 للسُنة و28 للشيعة و8 للدروز و34 للموارنة و14 للأرثوذكس و8 للكاثوليك و5 للأرمن ومقعدان للعلويين ومقعد واحد لأقليات الطائفة المسيحية.
أغلبية البرلمان
وأوضح المتحدث، أن خسارة "حزب الله" وحلفائه الأغلبية النيابية "مؤشر كبير على تراجع إمكانيته في السيطرة على البرلمان وعلى الحكومة ومؤسسات الدولة".
واعتبر أن الحزب "فشل بأن يكون لديه كتلة نيابية درزية حليفة له، وقد انعكس ذلك بشكل واضح بعدما خسر أحد أهم حلفائه الدروز رئيس (الحزب الديمقراطي) طلال أرسلان مقعده في البرلمان".
وأردف: "كما أنه لأول مرة منذ 1992، يتمكن أحد المرشحين المعارضين للجماعة من الفوز بمقعد مسيحي في دائرة الجنوب الثالثة (ذات النفوذ القوي لحزب الله) وذلك على حساب حليفها حزب (السوري القومي الاجتماعي)".
ولطالما اتهمت قوى سياسية لبنانية وعواصم إقليمية وغربية، إيران بالسيطرة على مؤسسات لبنان ومنها البرلمان عبر حليفتها "حزب الله"، وهو ما تنفي طهران والجماعة صحته.
إضعاف "حزب الله"
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي حسام مطر (مقرب من حزب الله)، أن "نتائج الانتخابات تعكس التشظي الذي حل بالواقع اللبناني في السنوات الأخيرة، بحيث لم يعد البرلمان منقسما بين كتلتين صلبتين (8 آذار، و14 آذار) بعد وصول عدد ملحوظ من المستقلين والمنتمين للحراك (الشعبي)".
وكان الصراع السياسي بلبنان محصور بين تحالف "8 آذار" (حليف طهران ودمشق) وتحالف "14 آذار" (قريب من واشنطن والرياض)، قبل أن تتصاعد موجة المرشحين المستقلين في السنوات الماضية، لا سيما بعد الحراك الشعبي في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وأضاف "مطر" للأناضول، أن "النتائج أظهرت أيضا بأن التركيز على إضعاف حلفاء حزب الله قد نجح مسيحيا إلى حد ما، فيما حافظ الحزب على حضور مقبول لدى السُنة، كما حافظ على دعم شبه كامل داخل بيئته الشيعية".
برلمان منقسم
وذكر المتحدث، أن "هذا البرلمان الجديد المشتت والمنقسم بشدة سيشهد كباشا محتدما ما سيعيق القدرة على تشكيل حكومة سريعا، كما سيجعل إدارة الانهيار الاقتصادي في البلاد أكثر صعوبة".
واستطرد: "من دون جهد دولي وإقليمي لرعاية شكل من التسوية السياسية، فإن الأمور متجهة إلى توترات كبيرة لا يمكن التكهن بنتائجها".
الأصداء الخارجية
بدوره، قال المحلل السياسي توفيق شومان: "أصبح من الصعوبة أن يكون لأي فريق سياسي الغالبية المطلقة في البرلمان".
وذكر "شومان" للأناضول: "من الواضح أن التيار الوطني الحر، يمكن إدخاله في خانة الخاسرين ولم يعد يملك الكتلة النيابية المسيحية الأكبر".
وعن الأصداء الخارجية لهذه النتائج، أفاد المتحدث، بأن "المجتمع الدولي سيتعاطى بواقعية مع تلك النتائج، ومع أحجام الكتل البرلمانية واتجاهاتها السياسية".
ووفق متابعين، تعد الانتخابات "مصيرية"، كونها تأتي بعد احتجاجات شعبية عارمة اندلعت أواخر 2019، وفي ظل أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، كما تسبق الانتخابات الرئاسية المزمعة في أكتوبر المقبل.
وسيكون المجلس النيابي الجديد أمام محطات مفصلية بتاريخ البلاد، أبرزها، استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، واتفاق استدانة من صندوق النقد الدولي، وإنجاز خطة للتعافي الاقتصادي.
الأناضول