وجهت الولايات المتحدة الأمريكية صفعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تقودها الوحدات الكردية، بعد إعلانها الانسحاب من سوريا بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لصالح تدخل الجيش التركي لتشييد "منطقة آمنة" على الحدود بين سوريا وتركيا.
وساطة إيرانية
وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن إجراءات تركيا شمال شرق سوريا مؤقتة، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف.
وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أن جاويش أوغلو أكد لظريف على احترام تركيا لوحدة الأراضي السورية، وذلك خلال تناول الوزيرين التطورات في شمال شرق سوريا.
وأكدت الخارجية الإيرانية أن ظريف أبلغ نظيره التركي معارضة طهران لأي عمل عسكري تركي في سوريا، مشددا على وجوب احترام تركيا للسيادة الوطنية السورية، وتطبيق اتفاقية أضنة كأفضل حل لكل من تركيا وسوريا لأجل إزالة مخاوفهما.
وأكد ظريف على ضرورة محاربة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا، حسبما أعلنت الخارجية الإيرانية.
وعرض جواد ظريف، يوم الاثنين، استعداد بلاده للوساطة في تخفيف التوتر شمال شرق سوريا بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية التي تقودها "الوحدات الكردية"، وضمان الأمن في المنطقة في ظل الانسحاب الأمريكي.
وقال ظريف إن "الولايات المتحدة تمثل محتلا دون صفة مناسبة لأراضي سوريا، ومن غير المجدي البحث عن إذنها أو التعويل عليها فيما يخص الأمن".
انسحاب كامل
وكشف مسؤول أميركي رفيع المستوى من وزارة الدفاع الأميركية في تصريح لقناة الحرة، يوم الاثنين، أن البنتاغون تلقى الأوامر من الإدارة الأميركية بالانسحاب الكامل من سوريا، وفقا لجدول زمني قصير".
وأكد مسؤول في البنتاغون للقناة أيضا، أن القوات الأميركية بدأت بإخلاء مواقعها وسحب آلياتها من شمال شرقي سوريا، في وقت قال مسؤول أميركي لوكالة "رويترز"؛ إن انسحاب القوات الأميركية في سوريا سيقتصر في بادئ الأمر على جزء من الأرض قرب الحدود التركية، كانت أنقرة وواشنطن قد اتفقتا على العمل معا لإقامة منطقة أمنية خاصة فيه.
وأضاف المسؤول مشترطا عدم ذكر اسمه، أن الانسحاب من المنطقة لن يشمل الكثير من القوات، بل ربما العشرات فقط، ولم يوضح ما إذا كانت القوات سترحل عن سوريا أم ستنتقل إلى مكان آخر في البلاد التي يوجد بها نحو 1000 جندي أميركي.
من جهته، دعا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرب جدا من الرئيس الأميركي، الاثنين، إلى "العودة عن قرار سحب القوات الأميركية من شمال سوريا كون هذا الخيار ينطوي على كارثة".
وقال السناتور الجمهوري في تغريدة "إذا طبقت هذه الخطة التي تمهد الطريق أمام هجوم عسكري تركي ضد الأكراد، فسأقدم مشروع قرار إلى مجلس الشيوخ يطلب أن نعود عن هذا القرار، أتوقع أن يلقى دعما واسعا من قبل الحزبين".
صبر كبير
وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخرالدين ألطون؛ إن تركيا تصرفت بصبر كبير وبالتنسيق مع الحلفاء فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب بسوريا، لكن لم يعد بإمكانها الانتظار ولو لدقيقة واحدة.
ولفت ألطون في تغريدة على تويتر، الاثنين، إلى أن "نية تركيا واضحة وصريحة وتتمثل في القضاء على الممر الإرهابي على حدودنا، ومحاربة منظمة (بي كا كا) عدوة الشعب الكردي، ومكافحة داعش ومنع استرداد قوته".
وأكد أن "سوريا ليست بحاجة إلى احتلال من قبل (بي كا كا)، بل إلى إدارة محلية"، لافتا إلى قيام إلى أن الأخير نفذ حملات تطهير عرقي في مناطق سيطرته، وقضائه على كافة أنواع المعارضة، ولا سيما الأكراد الديمقراطيين، الأمر الذي وثقته العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية.
وأضاف، "أود أن أذكّر من يعتقدون أن (قسد / ي ب ك / بي كا كا)، يمكن الاعتماد عليها أكثر من تركيا في محاربة داعش في المنطقة، و"قسد" ناقشت إخلاء سبيل 3200 سجين من عناصر "داعش" عقب قرار ترامب سحب جنوده".
وشدد على أن تركيا تحلت بصبر كبير فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب في سوريا، وقامت بالتنسيق مع حلفائها، لكن لم يعد بإمكانها الانتظار ولو دقيقة واحدة، فحياة الأتراك والأكراد والعرب في خطر.
وأشار ألطون إلى أن "الخدمات التي ستوفرها تركيا ستحل محل احتلال الإرهابيين، في المناطق المحررة من بي كا كا"، وأن عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات، أظهرتا أن تركيا من حيث الإدارة والأمن تمثل أفضل نموذج لكافة السوريين".
وبدأت الولايات المتحدة، صباح الاثنين، سحب قواتها من نقاطها العسكرية المؤقتة بمدينتي تل أبيض بريف الرقة، ورأس العين بريف الحسكة، المتاخمتين للحدود التركية، شمال شرقي سوريا في ظل الحديث عن عملية تركية وشيكة محتملة شرق الفرات، لتطهير المنطقة من الإرهابيين وإقامة منطقة آمنة.
حروب سخيفة
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الاثنين، إن على أوروبا وروسيا وسوريا وإيران والعراق والأكراد تسوية الوضع في سوريا.
وكتب ترمب في تغريدة على حسابه في تويتر "آن الأوان لخروج قواتنا من الحروب اللانهائية السخيفة"، في إشارة إلى سحب القوات الأميركية من سوريا.
وقال "ترامب الأكراد حاربوا إلى جانبنا، لكننا دفعنا كميات ضخمة لهم من المال والمعدات للقيام بذلك في سوريا".
وفي السياق، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الاثنين، عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية قولهم؛ إن الرئيس الأمريكي تحدث مباشرة مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن العملية العسكرية المرتقبة شرق الفرات.
وبحسب المسؤولين، فإن ما بين 100 إلى 150 من الأفراد العسكريين الأمريكيين المنتشرين في شرق الفرات سيتم سحبهم قبل أي عملية تركية، لكنهم لن يتم سحبهم بالكامل من سوريا.
بدء الانسحاب
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الاثنين، إن القوات الأمريكية بدأت عملية الانسحاب من مناطق شرق الفرات في سوريا.
وأضاف أردوغان "عملية انسحاب القوات الأمريكية شمال سوريا بدأت كما أفاد الرئيس ترامب في اتصالنا الهاتفي أمس".
وأردف الرئيس التركي "إنّ الرئيس ترامب المحترم، كان قد أمر بسحب قواته من المنطقة، إلا أنّه حصل تأخر. وعلى الرغم من ذلك واصل الطرفان التركي والأمريكي لقاءاتهما، وستتواصل هذه اللقاءات أيضا بعد الاتصال الهاتفي".
وقال أردوغان إن "بلاده عازمة على المضي قدما في تطهير حدودها من الإرهابيين، ووضع حد لتهديداتهم".
وفي رده على سؤال صحفي حول تصريحات البيت الأبيض بمسؤولية تركيا بعد الآن عن مصير عناصر تنظيم "داعش" في السجون، والادعاءات التي تقول بأن أعدادهم تصل لـ 10 آلاف، قال أردوغان: "هذه الأرقام مبالغ فيها، كما تعلمون ثمة عناصر من بلدان مختلفة مثل ألمانيا وفرنسا في السجون، تقول البلدان المذكورة إنها تريد التخلي عن المسؤولية تجاههم".
وشدد على أنهم يدرسون ماهية الخطوات اللازمة لضمان عدم فرار عناصر داعش من السجون في منطقة شرق الفرات.
ورجح الرئيس التركي أن يكون اللقاء مع نظيره الأمريكي في النصف الأول من الشهر القادم (نوفمبر/تشرين الثاني)
عبدالرحمن عمر – إيران إنسايدر