تسود أجواء من الارتباك الرسمي مع اقتراب وصول أول سفينة إيرانية محملة بالمشتقات النفطية، لميليشيا حزب الله اللبناني، بعدما أعلن متزعمها حسن نصر الله، في كلمته الثانية بأقل من أسبوع، عن قرب إبحار سفينة نفط إيرانية ثانية إلى لبنان خلال أيام.
وفي وقت يُدرج فيه "نصر الله" هاتين السفينتين بإطار "قافلة النفط" نحو لبنان الذي يعاني شحا بالمحروقات، وسّع إطار التحدي عبر ربطه الأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية بحصار تفرضه واشنطن على اللبنانيين، حسب زعمه.
وإذا كان إبحار السفينة الإيرانية يفاقم الاستقطاب الإقليمي، عقب ما وصف بحرب الناقلات بين إيران وإسرائيل قبالة خليج عمان، لكنه يثير داخليا جملة من التساؤلات عن كيفية تعامل لبنان الرسمي مع إعلان نصر الله، والوجهة التي سترسو بها السفينة، وحجم حمولتها وآلية تفريغها وتخزينها وتوزيعها.
وأعلنت طهران يوم الاثنين 23 أغسطس/آب الجاري عبر المتحدث باسم الحكومة الإيرانية سعيد خطيب زادة، أنها على استعداد لشحن مزيد من الوقود إلى لبنان إذا اقتضت الضرورة، مؤكدا أن بلاده تبيع نفطها ومشتقاته بناء على قراراتها واحتياجات أصدقائها.
لكن المديرية العامة للنفط بوزارة الطاقة اللبنانية، لم يصل إليها بعد طلب إذن رسمي لدخول السفينة الإيرانية، وفق ما يشير إليه مصدر رسمي لموقع "الجزيرة نت". كما أن مديرة عام النفط بالوزارة أورور فغالي، اعتبرت أن دخول السفن الإيرانية يحتاج قرارا سياسيا، وليس إداريا فحسب.
ويشير مدير عام الاستثمار السابق بوزارة الطاقة غسان بيضون إلى أن دخول باخرة نفطية يتطلب استيفاء شروط، من بينها: تقديم طلب إجازة استيراد، والحصول على موافقة المديرية العامة للمنشآت النفطية قبل إبحارها، والتصريح بالأوراق والمستندات التي تكشف مواصفات السفينة ولأي جهة تخزن حمولتها وكيفية تفريغها، وهذا ما لم يحصل مع السفينة الإيرانية.
ويتوقع بيضون أن تسعى الجهات الرسمية إلى إيجاد مخرج كإقدام وزير الطاقة على إعطاء موافقة استثنائية لها بذريعة الحاجة الماسة للمحروقات، "لكن هذه الحالة تحتاج إلى جرأة وحاضنة رسمية لما تحمله السفينة الإيرانية من أبعاد سياسية، داخليا وإقليميا".
وترجح المصادر أن تتجاوز حمولة السفينة الأولى 2 مليون لتر من المحروقات، وأنها ستعبر قناة السويس مباشرة نحو المتوسط، وليس عبر طريق آخر.
ويرى وزير العدل اللبناني الأسبق إبراهيم النجار، أن الدولة اللبنانية وحدها تملك حق استيراد النفط وغيره من المواد، مذكرا أن مصافي النفط تعود ملكيتها للدولة، وبالتالي لا يمكن استجرار أي شيء إليها من دون موافقة شرعية، وليس عبر حزب لبناني.
وقال النجار لموقع الجزيرة نت، إنه منذ إعلان استقدام السفينة الإيرانية، فتح نصر الله مسار تحدي الشرعية اللبنانية، وأن دخولها من دون ترخيص يشكل تجاوزا صريحا للقانون، مما يعرض لبنان لعقوبات أممية ويكرس عزلته العربية.
والمستغرب -وفق الوزير السابق- عدم إعلان موقف رسمي، حتى أن اجتماع بعبدا الأخير الذي ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون للبحث بأزمة المحروقات "لم يأتِ على ذكر السفينة الإيرانية، ولم يتخذ موقفا، رغم حساسية الحدث".
إيران إنسايدر