أنهى المفاوضون بشأن الاتفاق النووي الإيراني، الأسبوع الماضي، اجتماعاتهم وعادوا بشكل غير متوقع إلى بلدانهم الأصلية للتشاور، حيث توقفت المحادثات حول العديد من نقاط الخلاف المركزية.
ومن المقرر أن تعود الوفود إلى العاصمة النمساوية إلى فيينا، يوم الخميس القادم، لتنطلق الجولة السادسة من المحادثات.
ومع مغادرة المسؤولين، شدد العديد على أن الولايات المتحدة وإيران يمكن أن تتوصلا قريبا إلى أرضية مشتركة، تشق طريقا للعودة إلى الامتثال لاتفاقية 2015 التي حدت من طموحات طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات.
ولكن مازال هناك مجموعة من النقاط الخلافية بين الطرفين، أوردتها مجلة "بوليتكو". وهي: كيفية التعامل مع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة الإيرانية، والآلات المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى الخلاف حول ما إذا كان المفتشون يتمتعون بوصول كاف إلى المواقع النووية الإيرانية.
كما أن العقوبات هي نقطة خلاف أخرى طويلة الأمد، ولا تزال الولايات المتحدة وإيران غير قادرتين على الاتفاق على أي منها ستلغيها الولايات المتحدة.
وفي غضون ذلك، تريد إيران ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن الصفقة، مرة أخرى.
وقال إنريكي مورا، مسؤول الاتحاد الأوروبي المشرف على المفاوضات، للصحفيين يوم الأربعاء، إنه "متأكد من التوصل إلى اتفاق في الجولة المقبلة من المحادثات، المتوقع أن تبدأ في 10 يونيو/ حزيران".
وأضاف "آمل ألا يستغرق الأمر الكثير من الوقت للتوصل إلى اتفاق".
وشاطر نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هذا التقييم الإيجابي، وقال للإذاعة الإيرانية "IRIB"، إن "الجولة المقبلة من المحادثات في فيينا يمكن، وينبغي أن تكون، الجولة النهائية".
وكان الجو المتفائل بين الدبلوماسيين مرئيا أثناء تجاذب أطراف الحديث بشكل ودي/ أمام فندق "جراند" في فيينا قبل مغادرتهم.
ومع ذلك، كان دبلوماسيون كبار من بريطانيا وفرنسا وألمانيا أكثر حذراً، وقالوا في بيان "واصلنا إحراز تقدم، وتم الآن تجسيد أجزاء مهمة من اتفاق مستقبلي، لكن القرارات الأكثر صعوبة تنتظرنا".
وبالمثل، قال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الخميس، إن "الولايات المتحدة كانت واضحة المعالم بشأن أهدافها، وإن هناك كل التوقعات تقريبا بأنه ستكون هناك جولات لاحقة، بعد الجولة السادسة المقبلة".
إيجاد طريق للعودة
يعمل المفاوضون من الأطراف المتبقية في الاتفاق -إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا- جنبا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي كمنسق، في فيينا لمدة تسعة أسابيع لإحياء الاتفاقية الأصلية، المعروفة رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).
وتطلبت العملية من المفاوضين صياغة خطة خطوة بخطوة، توضح بالتفصيل الإجراءات المتبادلة التي تتخذها كل من طهران وواشنطن، وفي الأساس، سيتعين على إيران التراجع عن التطورات الأخيرة في البرنامج النووي -التي تحققت بعد انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة- مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية على نطاق واسع.
وأعطت الجولة الخامسة من المحادثات هذا الأسبوع مزيدا من الوضوح بشأن تلك الخطوات، ومع ذلك، لا يزال هناك عمل، لا سيما فيما يتعلق بتسلسل تلك الخطوات.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال إيران تطالب الولايات المتحدة بإلغاء جميع عقوباتها على إيران -ليس فقط تلك العقوبات التي أعاد ترامب فرضها فورا بعد الانسحاب من الصفقة- ولكن أيضا العقوبات الإضافية التي نفّذها لاحقا.
ورفضت الولايات المتحدة هذا الموقف "المتطرف" وتريد الإبقاء على بعض العقوبات، التي لا تتعلق مباشرة بخطة العمل الشاملة المشتركة، مثل تلك المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان أو الإرهاب.
هناك خلاف أيضا بين إيران والولايات المتحدة بشأن أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لطهران، والتي استخدمتها الدولة في السنوات الأخيرة لتخصيب اليورانيوم، بما يتجاوز الحدود المسموح بها في الصفقة الأصلية.
ضمان الامتثال
الوصول هو عامل معقد آخر يلوح في الأفق على المحادثات، ومنذ فبراير/ شباط، كانت إيران تحد من قدرة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراجعة منشآتها النووية.
في تقرير سري، اطلعت عليه صحيفة بوليتيكو، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي للدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تأثرت أنشطة التحقق والمراقبة التي تقوم بها الوكالة نتيجة لقرار إيران بوقف تنفيذ التزاماتها المتعلقة بالمجال النووي".
وقال التقرير، إن المفتشين أتيحت لهم إمكانية الوصول اليومي إلى محطات إيران النووية الرئيسية في نطنز وفوردو، ولم يتمكنوا من الوصول إلى البيانات والتسجيلات التي جمعتها بعض معداتهم، من بين أشياء أخرى.
وبدون الوصول الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المواقع النووية الإيرانية والإشراف على أنشطتها النووية، ستكون عملية التحقق مستحيلة.
الصواريخ والاستقرار
كما أن برنامج إيران الصاروخي ودعمها الميليشيات وتهديدها للاستقرار في المنطقة، عقبة منفصلة، حيث تصر الولايات المتحدة والدول الأوروبية على ضرورة الإشارة في الاتفاق إلى محادثات ثانية أخرى تتناول هذه القضايا، لكن من غير الواضح ما إذا كانت إيران ستقبل.
بالإضافة إلى أن إيران تريد ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من الصفقة. كما فعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018.
برنامج نووي سري
المفاوضون النوويون ليسوا الوحيدين الذين سيعودون إلى فيينا الأسبوع المقبل، ومن المقرر أن يجتمع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة، لمناقشة تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرة بشأن إيران.
وذكر التقرير الفصلي للوكالة، أن إيران أنتجت 2.4 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، وهي قريبة من درجة إنتاج الأسلحة.
ووصل مخزون إيران الإجمالي من اليورانيوم المخصب الآن إلى ما يقرب من 3.241 كيلوغرام، وهو أعلى 16 مرة مما هو مسموح به بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة.
وسيناقش المجلس أيضا تقريرا سريا ثانيا يوضح بالتفصيل وجود جزيئات يورانيوم عمرها عقود في عدة مواقع في إيران، وهي سلسلة من النتائج التي تسربت مؤخرا إلى أعين الجمهور في فبراير/ شباط.
ويقول منتقدو إيران إن الآثار قد تكون مؤشرا على أن إيران كان لديها برنامج أسلحة نووية سري في الماضي، في وقت تصر فيه على أن برنامجها النووي سلمي.
وقال التقرير الذي اطلعت عليه بوليتيكو "بعد عدة أشهر، لم تقدم إيران التفسير اللازم لوجود جزيئات المواد النووية في أي من المواقع الثلاثة التي أجرت فيها الوكالة عمليات وصول تكميلية".
وأضاف التقرير أن "الغموض يؤثر بشكل خطير على قدرة الوكالة على تقديم تأكيدات بشأن الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي".
وعلى الرغم من هذا التقييم الواقعي، قال دبلوماسيان مشاركان في المحادثات، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، لـ "بوليتيكو" إنهما لا يتوقعان أن يؤدي اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عرقلة المحادثات النووية، حيث من المرجح أن يمتنع مجلس الإدارة عن إصدار قرار ضد إيران.
إيران إنسايدر – (ترجمة فتحية عبدالله)