تتواصل ردود الفعل الدولية على هجمات 14 أيلول/سبتمبر والتي استهدفت منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية، والتي تبنتها ميليشيا الحوثي، في الوقت الذي تؤكد فيه واشنطن أن إيران هي مصدر الهجوم.
ضبط النفس
ودعا الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، إلى أكبر قدر من ضبط النفس بعد الهجوم الذي استهدف معملي أرامكو في السعودية، فجر السبت.
وقالت المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني "الهجوم بواسطة طائرات بدون طيار على منشأتين نفطيتين لأرامكو في السعودية يشكل خطرا فعليا على الأمن الإقليمي".
وأضافت "من المهم التثبت بوضوح من الوقائع وتحديد المسؤولية في هذا الهجوم المؤسف".
وتابعت "وفي الوقت ذاته، يكرر الاتحاد الأوروبي دعوته من أجل أكبر قدر ممكن من ضبط النفس وخفض حدة التوتر".
وكررت موغيريني إلى حد بعيد بيانا أصدره الاتحاد الأوروبي، أمس الأحد. وكان الاتحاد الأوروبي قد حذّر الأحد من "تهديد حقيقي للأمن الإقليمي" في الشرق الأوسط بعد الهجمات على المنشأتين النفطيتين، التي أعلنت ميليشيات الحوثي مسؤوليتها عنها.
انتهاك سافر
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أكد أن الهجمات على منشآت النفط السعودية انتهاك سافر للقانون الدولي.
بدوره، اعتبر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الهجوم "خطير وشائن".
وقال "إنه انتهاك سافر للقانون الدولي"، مضيفا أن المملكة المتحدة تقف بقوة وراء السعودية. وأضاف "الصورة ليست واضحة تماما فيما يتعلق بالمسؤول... أريد أن تتكون لدينا صورة واضحة تماماً وهو ما سيحدث قريبا".
إلى ذلك، أكد أن "هذا الهجوم خطير للغاية على السعودية والمنشآت النفطية وله تداعيات على أسواق النفط العالمية والإمدادات... إنه عمل خطير للغاية وشائن ويتعين أن يكون لدينا رد دولي واضح وموحد لأقصى حد عليه".
تصاعد التوتر
بدوره، أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الاثنين أن بلاده تعمل مع شركائها لمعرفة منفذ الهجمات على منشآت النفط السعودية، مضيفا أن الهجمات تثير خطر تصاعد الأوضاع في المنطقة.
وقال ماس في مؤتمر صحفي "نعكف حاليا مع شركائنا على تحليل الموقف لمعرفة المسؤول عن هذا الهجوم وكيف حدث".
تنديد روسي
من جانبها، دانت الخارجية الروسية، الاثنين، الاعتداء الذي استهدف منشأتي أرامكو في السعودية، يوم السبت 14 أيلول/سبتمبر، واعتبرته تطورا "مثيرا للقلق الشديد".
كما حذرت موسكو الأسرة الدولية مما وصفتها بـ"أي استنتاجات متسرعة" بعد الهجوم الذي تبناه الحوثيون.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف للصحافيين "ندعو جميع البلدان إلى الإحجام عن أي عمل أو استنتاج من شأنه التسبب بتفاقم الوضع"، حسب تعبيره.
وأضاف بيسكوف "هذا الحادث هو مسألة مؤسفة ذات عواقب مؤسفة جداً للأسواق العالمية للنفط"، مبديا أمله في أن "تتمكن السعودية من إصلاح الأضرار بأسرع وقت ممكن".
وذكر المتحدث أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيقوم بزيارة رسمية للسعودية في تشرين الأول/أكتوبر، على أن يعلن تاريخها بشكل محدد قريبا.
إدانة قطرية
دان وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، في تغريدة على حسابه الشخصي في "تويتر"، الاثنين، الهجمات التي تعرضت لها منشآت شركة "أرامكو" النفطية في السعودية قبل يومين.
وكتب الوزير القطري في التغريدة "ندين الهجمات على المرافق الحيوية والمدنية وآخرها البقيق"، مطالبا بإيقاف "الحروب والصراعات" إلى جانب "تكاتف الجهود لتحقيق الأمن الجماعي المشترك في المنطقة".
أسف عماني
وأعربت وزارة الخارجية العمانية، في بيان الاثنين، عن أسفها العميق لتعرض بعض منشآت الطاقة بالمملكة العربية السعودية في بقيق وخريص لهجمات، معتبرة ذلك تصعيدا لا طائل منه.
وذكر بيان الخارجية "كما تطلب من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن السفير مارتن غريفيثس دعوة أطراف الحرب في اليمن إلى طاولة المفاوضات للتوافق على إنهاء الصراع، كما أن سلطنة عمان تبدي استعدادها لدعم إحلال السلام في اليمن"، وفق وكالة الأنباء العمانية.
تضامن باكستاني
من جانبه، أكد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي موقف بلاده الداعم للمملكة العربية السعودية، وجدد تنديد بلاده بالهجمات التي استهدفت منشأتين نفطيتين.
وأشار قريشي خلال مداخلة هاتفية مع شبكة تلفزيون محلية اليوم الاثنين، إلى أن وفدا باكستانيا رفيعا بقيادة رئيس الوزراء عمران خان سوف يتوجه قريبا إلى السعودية للإعراب عن تضامن ودعم باكستان مع القيادة والشعب السعوديين، إضافة إلى بحث عدد من القضايا الثنائية والإقليمية، من أبرزها قضية كشمير.
ونوه قريشي بأن بلاده تتابع الردود الصادرة عن الولايات المتحدة وإيران بشأن الاعتداء على المنشأتين النفطيتين في السعودية، مؤكدا حرص إسلام آباد على ضمان أمن واستقرار المنطقة.
اتهام لإيران
وقالت كيلي كرافت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي، يوم الاثنين، إن المعلومات الواردة بشأن الهجمات على منشأتي نفط بالسعودية "تشير إلى أن إيران هي المسؤولة"، وإنه لا دليل على أن الهجمات جاءت من أراضي اليمن.
وفي السياق، دان وزير الطاقة الأميركي ريك بيري ما أسماه "هجوم إيران على المملكة العربية السعودية" في كلمته أمام المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
وقال بيري إن "هذا السلوك غير مقبول" وإن إيران "تتحمل المسؤولية عن هذا العمل". وأضاف "ما من شك في أنه هجوم مدبر يستهدف الاقتصاد وسوق الطاقة العالمي".
مصدر القصف
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن واشنطن أبلغت الرياض أن المعلومات الاستخباراتية تفيد بأن إيران كانت مصدر الهجوم على أرامكو.
وفي السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مسؤول أميركي رفيع، قوله إنه من المحتمل أن يكون العراق أو إيران مصدر الهجمات على السعودية.
في حين قال مسؤول بجهاز المخابرات العراقي رفيع لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن هجمات السبت الماضي تمت بواسطة طائرات مسيرة إيرانية أطلقت من جنوبي العراق.
المتحدث باسم الحكومة الإيرانية نفى الاتهامات الأميركية الموجهة لها بالمسؤولية عن الهجمات على منشآت أرامكو.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، يوم الأحد 15 أيلول/سبتمبر، إن بغداد تنفي ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام عن استخدام الأراضي العراقية لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بطائرات مسيرة.
وأشار المسؤول الأميركي الرفيع لقناة "سي إن إن" إلى أن الجانب العراقي كان واضحا بأن الهجوم على منشأتي شركة أرامكو السعودية لم يكن مصدره المجال الجوي العراقي، ملمحا إلى أن إيران قد تكون على الأرجح مصدر الهجوم.
وقال المصدر نفسه -استنادا إلى صور خاصة بالأقمار الاصطناعية اطلعت عليها شبكة "سي إن إن"- إنه من غير المحتمل أن تكون الهجمات قد تمت من اليمن.
وأضاف المسؤول أن الهجمات استهدفت 19 موقعا، وهو ما لا يمكن أن يحدث بواسطة عشر طائرات مسيرة كما يدعي الحوثيون.
وأشار المسؤول الأميركي إلى تقارير بشأن رصد الكويت طائرة مسيرة في مجالها الجوي قبل الهجوم على السعودية، مضيفا أن المعلومات الاستخباراتية السعودية أشارت إلى هجوم محتمل بصاروخ كروز، وأن الولايات المتحدة لم تتأكد بعد من هذه المعلومات.
وأضافت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن مسؤولين غربيين في المنطقة يتساءلون إن كان من سموهم المتشددين العسكريين في إيران يحاولون إخراج دبلوماسية واشنطن-طهران عن مسارها في حال كانت إيران هي من تقف وراء الهجمات.
معسكرات الحشد
وفي سياق متصل، صرح مسؤول مخابرات عراقي رفيع لموقع "ميدل إيست آي" بأن الضربات التي شلت صناعة النفط السعودية في وقت مبكر يوم السبت 14 أيلول/سبتمبر، تمت بواسطة طائرات مسيرة إيرانية أطلقت من معسكرات للحشد الشعبي في الجنوب العراقي.
وقال المسؤول العراقي إن الهجمات على منطقتي بقيق والخريص كانت ردا على الغارات الإسرائيلية بطائرات مسيرة على معسكرات للحشد ومواكبه في أغسطس/آب الماضي، التي تم تنسيقها وتمويلها من قبل السعوديين.
وأشار المصدر نفسه إلى أن ثمة سببين وراء شن هجمات السبت: الأول رسالة من إيران إلى أميركا وحلفائها بأنه ما دامت الضغوط والعقوبات مستمرة على طهران فلا أحد سينعم بالاستقرار في المنطقة.
وأما السبب الثاني المباشر –حسب المسؤول المخابراتي العراقي- فهو توجيه إيران ردا قويا على الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي انطلقت من مناطق تسيطر على وحدات حماية الشعب الكردية (شمال شرقي سوريا) على مواقع للحشد الموالي لطهران.
وذكر موقع "ميدل إيست" أن المخابرات العراقية تعتقد أن الغارات الإسرائيلية خُطط لها عندما زار وزير الدولة السعودية لشؤون الخليج تامر السبهان مواقع وحدات حماية الشعب في حزيران/يونيو الماضي.
أميركا مستعدة
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سلسلة تغريدات نشرها قبل ساعات إن بلاده على أهبة الاستعداد للرد على الهجوم الذي استهدف البنية التحتية النفطية السعودية.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حمّل إيران المسؤولية عن الهجمات على أرامكو، التي تسببت في تعطيل نصف إنتاج السعودية النفطي المقدر بعشرة ملايين برميل يوميا.
وقال ترامب "هناك سبب يدفعنا إلى الاعتقاد بأننا نعرف المرتكب، ونحن على أهبة الاستعداد للرد على أساس عملية التحقق، لكننا ننتظر من المملكة أن تخبرنا من تعتقد أنه سبب هذا الهجوم، وبأي أشكال سنمضي قدما".
المصدر: إيران إنسايدر