بدأت إيران باختيار مئات المقاتلين الموثوق بهم من بين كوادر أقوى الميليشيات الحليفة لها في العراق، وشكلت فصائل أصغر من النخبة الموالية لها بشدة، في تحول جديد يهدف إلى تقليل اعتمادها على الجماعات الكبيرة التي عملت معها لسنوات.
وذكرت وكالة "رويترز"، أنه تم تدريب المجموعات السرية الجديدة، العام الماضي، على حرب الطائرات بدون طيار، والمراقبة والدعاية عبر الإنترنت، والتواصل بشكل مباشر مع ضباط في فيلق القدس الإيراني، ذراع الحرس الثوري الإيراني، الذي يسيطر على الميليشيات المتحالفة معه في الخارج.
وكانت تلك المجموعات مسؤولة عن سلسلة من الهجمات المعقدة بشكل متزايد، ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وفقا لروايات مسؤولين أمنيين عراقيين وقادة ميليشيات ومصادر دبلوماسية وعسكرية غربية.
ويعكس هذا التكتيك رد إيران على الانتكاسات، خاصة مقتل العقل المدبر العسكري وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي كان يسيطر عن كثب على الفصائل الشيعية في العراق.
لم يكن خليفته، إسماعيل قاني، على دراية بالسياسات الداخلية العراقية/ ولم يمارس أبدا، نفس التأثير على الميليشيات مثل سليماني.
كما أُجبرت الميليشيات العراقية الكبيرة الموالية لإيران، على التراجع عن الظهور بعد أن أدى رد الفعل الشعبي العنيف إلى مظاهرات حاشدة ضخمة ضد النفوذ الإيراني في أواخر عام 2019، وتعرضت للانقسامات بعد مقتل سليماني، ما جعل السيطرة عليها أكثر صعوبة بالنسبة لإيران.
لكن التحول إلى الاعتماد على مجموعات أصغر يجلب أيضا مزايا تكتيكية، فهم أقل عرضة للاختراق، ويمكن أن يثبتوا أنهم أكثر فاعلية في استخدام أحدث التقنيات التي طورتها إيران لضرب خصومها، مثل الطائرات المسلحة بدون طيار.
وقال مسؤول أمني عراقي، إن "الفصائل الجديدة مرتبطة مباشرة بالحرس الثوري الإيراني، تأخذ أوامرها منه، وليس من أي جانب عراقي".
وتشير "رويترز" إلى أنه تم تأكيد هذه الرواية من قبل مسؤول أمني عراقي ثان، وثلاثة قادة كبار من الميليشيات الموالية لإيران، ومسؤول حكومي عراقي، ودبلوماسي غربي، ومصدر عسكري غربي.
وقال أحد قادة الميليشيات الموالية لإيران، "يبدو أن الإيرانيين شكلوا مجموعات جديدة من الأفراد، تم اختيارهم بعناية كبيرة، لتنفيذ الهجمات والحفاظ على السرية التامة، نحن لا نعرف من هم".
وقال مسؤولون أمنيون عراقيون، إن 250 مقاتلا على الأقل سافروا إلى لبنان على مدى عدة أشهر في عام 2020، حيث دربهم مستشارون من الحرس الثوري الإيراني وجماعة حزب الله اللبنانية على إطلاق طائرات مسيرة وإطلاق صواريخ، وزرع قنابل، بالإضافة إلى الترويج لأنباء الهجمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال أحد المسؤولين الأمنيين العراقيين، إن "المجموعات الجديدة تعمل في الخفاء، وقادتها غير المعروفين، يخضعون مباشرة لضباط الحرس الثوري الإيراني".
وقال مسؤولون أمنيون عراقيون، ومصادر غربية، إن الجماعات الجديدة تقف وراء الهجمات التي استهدفت القوات التي تقودها الولايات المتحدة في قاعدة عين الأسد الجوية العراقية هذا الشهر، ومطار أربيل الدولي في أبريل / نيسان، والسعودية في يناير / كانون الثاني، واستخدم في كل تلك الهجمات، طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات. .
ولم تتسبب تلك الهجمات في وقوع إصابات، لكنها أثارت قلق المسؤولين العسكريين الغربيين.
ولم يرد مسؤولون إيرانيون وممثلون عن الحكومة العراقية والميليشيات الموالية لإيران والجيش الأمريكي على طلبات للتعليق حول هذه المسألة، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها لا تستطيع التعليق.
بعد مقتل سليماني، ومع انقلاب المتظاهرين ضد الجماعات المرتبطة بإيران علنا، أصبح المسؤولون في طهران مرتابين من بعض الميليشيات التي روجوا لها وأصبحوا أقل دعما، وفقا لقادة الميليشيات.
وقال أحدهم "إنهم (إيران) يعتقدون أن التسريبات من إحدى الجماعات ساعدت في قتل سليماني، ورأوا انقسامات حول المصالح الشخصية والسلطة بينهم".
وقال آخر "اللقاءات والاتصالات بيننا وبين الإيرانيين تضاءلت، لم تعد لدينا اجتماعات منتظمة، وتوقفوا عن دعوتنا إلى إيران".
وقال المسؤولون الأمنيون العراقيون ومسؤول حكومي وقادة الميليشيات الثلاثة، إن فيلق القدس بدأ في فصل العناصر الموثوقة عن الفصائل الرئيسية، في غضون أشهر بعد مقتل سليماني.
ويعكس التحول من دعم الحركات الجماهيرية إلى الاعتماد على كوادر أصغر تخضع لرقابة أكثر إحكاما استراتيجية اتبعتها إيران من قبل، في ذروة الاحتلال الأمريكي للعراق في 2005-2007، أنشأت طهران خلايا أثبتت فعاليتها بشكل خاص في نشر قنابل متطورة لاختراقها.
وفي العام الماضي، بدأت جماعات لم تكن معروفة من قبل، بإصدار بيانات تتبنى من خلالها المسؤولية عن هجمات صاروخية وتفجير عبوات ناسفة ضد مصالح أمريكية في العراق.
وغالبا ما صنف المسؤولون الغربيون والتقارير الأكاديمية هذه الجماعات الجديدة باعتبارها واجهات لكتائب حزب الله العراقية، أو ميليشيا معروفة أخرى، لكن المصادر العراقية قالت إنهم منفصلون بالفعل ويعملون بشكل مستقل.
وقال مسؤول حكومي عراقي "في عهد قااني (خليفة سليماني)، يحاولون إنشاء مجموعات تضم بضع مئات من الرجال من هنا وهناك، من المفترض أن يكونوا موالين لفيلق القدس فقط، وهو جيل جديد".
إيران إنسايدر - (ترجمة فتحية عبدالله)