وضع موقع "بلومبيرغ" خيارات عدة أمام المملكة العربية السعودية للرد على الهجوم الواسع الذي استهدف منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو فجر يوم السبت، في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة "وول ستريت جورنال" أن واشنطن أبلغت الرياض أن إيران هي مصدر قصف المنشآت بالسعودية.
وتساءل الموقع عن خيارات الرياض للرد على الهجوم الذي تبنته ميليشيا الحوثي، وتتهم الولايات المتحدة ومصادر غربية إيران بالوقوف ورائه.
وأورد الموقع في تقرير للكاتبة زينب فتاح، أربعة خيارات أمام الرياض، للرد على الهجوم الذي حملت الولايات المتحدة إيران المسؤولية عنه، دون أن تقدم أدلة على ذلك، بينما نفت إيران تلك الادعاءات بشكل قاطع.
تدخل واسع باليمن
وتتوقع الكاتبة أن تعمد السعودية إلى توسيع وجودها العسكري في اليمن في حال ثبتت مسؤولية الحوثيين عن الهجوم الذي يعتبر الأكبر منذ بداية الحرب التي تخوضها المملكة في اليمن منذ خمس سنوات.
وأشارت الكاتبة إلى أن الحرب المدمرة التي تشنها السعودية على اليمن منذ 2015 اقتصرت في أغلبها على الغارات الجوية دون وجود حقيقي لقواتها على الأرض، الأمر الذي أعاق قدراتها في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية وأثر سلبا في قدرتها على إصابة الأهداف الميدانية بدقة.
وقالت إنه رغم أن السعودية لم تحمل بعد أية جهة المسؤولية عن الهجوم الذي تعرضت له منشآتها السبت، فإن مقاتلاتها قصفت مواقع لمليشيا الحوثيين في محافظتي صعدة والجوف شمال اليمن بعد ساعات قليلة من الضربة التي تعرضت لها، في إشارة إلى أن السعودية قد تنحو في ردها إلى توسيع عملياتها العسكرية في اليمن لردع الحوثيين.
عمليات سرية
ورجح ريان بوهل، محلل شؤون الشرق الأوسط في ستراتفور، أن تلجأ السعودية إلى خيار العمليات السرية والحرب الإلكترونية على المدى القصير للرد على الهجمات التي استهدفتها وفقا للموقع.
وهو ما ذهب إليه أيضا فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، الذي قال "إن الولايات المتحدة والسعودية تحاولان منذ مدة طويلة النيل من برامج الأمن والاستخبارات والصواريخ الإيرانية، دون أي مؤشرات توحي بفعالية تلك التكتيكات في الحد من قدرات إيران".
مفاوضات مع الحوثيين
وبحسب الكاتبة، فإن التوصل إلى اتفاق مع ميليشيا الحوثي ينهي الحرب التي بات تحقيق أهدافها أمرا صعب المنال، هو الخيار الأفضل لولي العهد السعودي محمد بن سلمان على المدى البعيد.
ونقل الموقع عن بيتر ساليسبري، المستشار بمجموعة الأزمات الدولية، عدم استبعاده أن تؤدي المفاوضات مع الحوثيين إلى ظهور خلافات بينهم وبين الراعي الإيراني.
وقال ساليسبري "إن الحوثيين ليسوا وكيلا إيرانيا خالصا وما زالوا يتبعون أجندة متجذرة في المجتمع المحلي"، حسب قوله.
وأشارت الكاتبة إلى أن الإدارة الأميركية تبذل مساعي للتفاوض مع الحوثيين لإنهاء الحرب التي تسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم، كما تحاول إدارة ترامب إقناع السعودية بالتفاوض مع قادة الحوثيين للتوصل لاتفاق سلام يضع حدا للحرب، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.
مواجهة مفتوحة
واستبعد ريان بوهل محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز ستراتفور أن تلجأ السعودية للدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة مع إيران ردا على استهداف منشآتها النفطية.
وقال إنه رغم أن الجزم باستحالة مواجهة عسكرية بين السعودية وإيران غير ممكن، فإن من المستبعد أن تكون المواجهة العسكرية خيار الرياض المفضل، حيث قد تقود أي مواجهة غير محسوبة بين الطرفين إلى إشعال حرب في المنطقة تستخدم خلالها إيران أذرعها في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
ونقل الموقع تصريحات للسناتور الأميركي ليندسي غراهام، قال فيها إن على الولايات المتحدة توجيه ضربات لمنشآت نفط إيرانية في حال واصل النظام الإيراني أعماله الاستفزازية.
وختمت الكاتبة بأن خيار توجيه ضربة عسكرية قد لا يجد أذنا مصغية من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي لا يرغب في الانجرار إلى أزمات جديدة في الشرق الأوسط.
مصدر القصف
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن واشنطن أبلغت الرياض أن المعلومات الاستخباراتية تفيد بأن إيران كانت مصدر الهجوم على أرامكو.
وفي السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مسؤول أميركي رفيع، قوله إنه من المحتمل أن يكون العراق أو إيران مصدر الهجمات على السعودية.
في حين قال مسؤول بجهاز المخابرات العراقي رفيع لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن هجمات السبت الماضي تمت بواسطة طائرات مسيرة إيرانية أطلقت من جنوبي العراق.
المتحدث باسم الحكومة الإيرانية نفى الاتهامات الأميركية الموجهة لها بالمسؤولية عن الهجمات على منشآت أرامكو.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، يوم الأحد 15 أيلول/سبتمبر، إن بغداد تنفي ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام عن استخدام الأراضي العراقية لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بطائرات مسيرة.
وأشار المسؤول الأميركي الرفيع لقناة "سي إن إن" إلى أن الجانب العراقي كان واضحا بأن الهجوم على منشأتي شركة أرامكو السعودية لم يكن مصدره المجال الجوي العراقي، ملمحا إلى أن إيران قد تكون على الأرجح مصدر الهجوم.
وقال المصدر نفسه -استنادا إلى صور خاصة بالأقمار الاصطناعية اطلعت عليها شبكة "سي إن إن"- إنه من غير المحتمل أن تكون الهجمات قد تمت من اليمن.
وأضاف المسؤول أن الهجمات استهدفت 19 موقعا، وهو ما لا يمكن أن يحدث بواسطة عشر طائرات مسيرة كما يدعي الحوثيون.
وأشار المسؤول الأميركي إلى تقارير بشأن رصد الكويت طائرة مسيرة في مجالها الجوي قبل الهجوم على السعودية، مضيفا أن المعلومات الاستخباراتية السعودية أشارت إلى هجوم محتمل بصاروخ كروز، وأن الولايات المتحدة لم تتأكد بعد من هذه المعلومات.
وأضافت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن مسؤولين غربيين في المنطقة يتساءلون إن كان من سموهم المتشددين العسكريين في إيران يحاولون إخراج دبلوماسية واشنطن-طهران عن مسارها في حال كانت إيران هي من تقف وراء الهجمات.
معسكرات الحشد
وفي سياق متصل، صرح مسؤول مخابرات عراقي رفيع لموقع "ميدل إيست آي" بأن الضربات التي شلت صناعة النفط السعودية في وقت مبكر يوم السبت 14 أيلول/سبتمبر، تمت بواسطة طائرات مسيرة إيرانية أطلقت من معسكرات للحشد الشعبي في الجنوب العراقي.
وقال المسؤول العراقي إن الهجمات على منطقتي بقيق والخريص كانت ردا على الغارات الإسرائيلية بطائرات مسيرة على معسكرات للحشد ومواكبه في أغسطس/آب الماضي، التي تم تنسيقها وتمويلها من قبل السعوديين.
وأشار المصدر نفسه إلى أن ثمة سببين وراء شن هجمات السبت: الأول رسالة من إيران إلى أميركا وحلفائها بأنه ما دامت الضغوط والعقوبات مستمرة على طهران فلا أحد سينعم بالاستقرار في المنطقة.
وأما السبب الثاني المباشر –حسب المسؤول المخابراتي العراقي- فهو توجيه إيران ردا قويا على الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي انطلقت من مناطق تسيطر على وحدات حماية الشعب الكردية (شمال شرقي سوريا) على مواقع للحشد الموالي لطهران.
وذكر موقع "ميدل إيست" أن المخابرات العراقية تعتقد أن الغارات الإسرائيلية خُطط لها عندما زار وزير الدولة السعودية لشؤون الخليج تامر السبهان مواقع وحدات حماية الشعب في حزيران/يونيو الماضي.
أميركا مستعدة
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سلسلة تغريدات نشرها قبل ساعات إن بلاده على أهبة الاستعداد للرد على الهجوم الذي استهدف البنية التحتية النفطية السعودية.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حمّل إيران المسؤولية عن الهجمات على أرامكو، التي تسببت في تعطيل نصف إنتاج السعودية النفطي المقدر بعشرة ملايين برميل يوميا.
وقال ترامب "هناك سبب يدفعنا إلى الاعتقاد بأننا نعرف المرتكب، ونحن على أهبة الاستعداد للرد على أساس عملية التحقق، لكننا ننتظر من المملكة أن تخبرنا من تعتقد أنه سبب هذا الهجوم، وبأي أشكال سنمضي قدما".
وفي سياق متصل، قال وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب اليوم إن الهجوم على منشآت النفط السعودية "خطير وشائن وانتهاك سافر للقانون الدولي"، لكنه أضاف أن ثمة حاجة للوقوف على جميع الحقائق بشأن المسؤول عن الهجوم قبل الرد عليه.
المصدر: بلومبيرغ + إيران إنسايدر