استعرض "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" تقييما تفصيليا للصواريخ الإيرانية، والطريقة والأغراض التي تنتشر من أجلها، مبينا أن أنظمة الصواريخ الباليستية الإيرانية، المكملة بصواريخ كروز والطائرات بدون طيار، مخصصة ليس فقط من أجل الردع، بل لخوض المعارك.
وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من أن القضايا النووية هي محور التركيز الحصري للمفاوضات في فيينا بشأن استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، لكن القوى الغربية حريصة على الانخراط في محادثات متابعة للتصدي للصواريخ الإيرانية وأنشطتها في المنطقة.
وبالاعتماد على المصادر المفتوحة حصريا، بما في ذلك المواد باللغة الفارسية، يوضح تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن ما يقرب من 20 صاروخا باليستيا مختلفا لإيران، بالإضافة إلى صواريخ كروز والطائرات بدون طيار، تلتزم، في الوقت الحالي، بحد المدى الذي فرضته إيران على نفسها وهو 2000 كم، ولا تسعى إلى زيادته، بل تسعى إلى تحسين دقتها، وهو ما يتجلى في العديد من أنظمة الصواريخ:
صاروخ "قيام -1"، وهو نوع من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، يبلغ مداه 800 كيلو متر مع رأس حربي قابل للفصل بوزن 500 كغ بالإضافة إلى زيادة التوجيه الأرضية، وتم تهريب مجموعة صواريخ "قيام" إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين أطلقوا عليها اسم "بركان اتش 2"واستخدموها في استهداف المواقع السعودية، وتم استخدام نسخة معدلة من صواريخ "قيام"، في هجوم كانون الثاني/ يناير 2020 على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق.
أما صاروخ "عماد"، يصل متوسط مداه إلى 1800 كيلومتر، وتم تجهيزه، وفقاً لمسؤولين إيرانيين بصاروخ "MaRV" منفصل، ما يعكس جهود إيران في "تحسين دقة وقوة صواريخها متوسطة المدى".
وفيما يتعلق بصواريخ "فاتح" فهي قصيرة المدى، و تطورت في مداها من حوالي 300 كم إلى 1400 كم مزعومة، وتُظهر عائلة "فاتح" أيضا الخطوات المهمة التي حققتها إيران في مجال الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، والتي تعد مفيدة، لأن وقت التحضير لإطلاقها أقصر بكثير، ونقلت إيران التكنولوجيا لصنع بعض أنظمة "فاتح" إلى سوريا والجهات الفاعلة غير الحكومية.
وأشار التقرير إلى أن أولويات تطوير الصواريخ الإيرانية على المدى الطويل، ستركز على الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، والتي تتغلب على القيود التشغيلية والأداء لأنظمة الوقود السائل.
وفي المستقبل المنظور، من المرجح أيضا أن تواصل إيران إعطاء الأولوية لتحسين الدقة على توسيع مدى قوتها الصاروخية إلى ما بعد 2000 كيلومتر. ويأتي هذا التركيز على الدقة جنبًا إلى جنب مع التحرك نحو الوقود الصلب معا بشكل أكثر وضوحا في عائلة "فاتح" للصواريخ الباليستية قصيرة المدى.
ويتتبع التقرير أيضا تطور العقيدة الصاروخية الإيرانية، والتي تغيرت على مدار العقد الماضي من الاعتماد فقط على معاقبة المهاجمين المحتملين من خلال ضرب المدن وغيرها من الأهداف عالية القيمة، إلى إعطاء الأولوية أيضا لتحسين الدقة، من أجل حرمان الخصوم من تحقيق أغراضهم العسكرية.
وتعمل إيران على توسيع قدرتها على الهجوم في المنطقة من خلال التطوير المستمر وإدخال الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، وعلى سبيل المثال، في سبتمبر/ أيلول 2019 ، تم استخدام صاروخ "قدس 1" الذي يبلغ مداه 700 كم لضرب منشأة حقل نفط أرامكو السعودية في خريص، وأعلن المتمردون اليمنيون الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم، لكن من المحتمل أن تكون إيران قد خططت له ونفذته.
وتطور إيران أيضا مجموعة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى المضادة للسفن، حيث زودت حزب الله اللبناني بصاروخ "نصر" ويبلغ مداه 35 كيلومترا، وصاروخ "نور" بطول 120 كيلومترا، ومؤخرا زودت الحوثيين بهما.
ولفت التقرير إلى أن دعم الجهات الفاعلة الإقليمية بات ركيزة أساسية للموقف العسكري الإيراني، حيث ركز نشاط الانتشار النووي الإيراني على النظام السوري والجهات الفاعلة غير الحكومية في غزة والعراق ولبنان وسوريا واليمن.
وعلى الرغم من أن دعمها لبعض هذه الجهات الفاعلة يعود إلى أوائل الثمانينيات، إلا أنه في العقدين الماضيين فقط، بدأت طهران في تزويدهم بمزيد من أنظمة الأسلحة الاستراتيجية، بما في ذلك صواريخ المدفعية الثقيلة والصواريخ الباليستية، وكذلك تكنولوجيا الإنتاج الخاصة بهم.
ويفيد هذا الانتشار إيران بعدة طرق، كمضاعفة القوة، وامتداد لقدرات الردع الإيرانية، وكوسيلة لاختبار الأنظمة والتكتيكات الميدانية، وكوسيلة لتنفيذ الهجمات دون التورط بها بشكل مباشر.
وتستخدم إيران أربع استراتيجيات تكميلية لتزويد حلفائها من الجهات الفاعلة من غير الدول، بالطائرات دون طيار وصواريخ المدفعية والصواريخ الباليستية وهي: النقل المباشر، والتحديثات للصواريخ والصواريخ الحالية، ونقل قدرات الإنتاج، والتزويد عبر أطراف ثالثة.
وخلص التقرير إلى أن جهود انتشار الصواريخ الإيرانية لها عواقب مزعزعة للاستقرار في المنطقة، من خلال توفير مضاعفات قوية للقوة للجهات الفاعلة غير الحكومية غير الخاضعة للمساءلة في الشرق الأوسط، ويشير إلى أنها مستعدة لنقل أنظمتها العسكرية واستخدامها في القتال من قبل الحلفاء، وتظهر طهران استعدادا أكبر لتحمل المخاطر، وهو ما يشير أيضا إلى أن برنامجها الصاروخي بشكل عام له طبيعة هجومية.
إيران إنسايدر – (ترجمة فتحية عبدالله)