بدأ "حـزب الله" اللبناني المدعوم من إيران، بفتح سلسلة متاجر تتوفر فيها سلع من سوريا والعراق وإيران، بأسعار مخفضة.
ويستلزم التسوق في هذه المتاجر التي حملت اسم "سجاد"، الحصول على بطاقة تموينية خاصة يمنحها حزب الله في مناطق نفوذه خارج إطار الدولة اللبنانية.
ومن خلال رصد زبائن هذه المتاجر، تبين أن غالبيتهم من الطائفة الشيعية، ما يثير العديد من التساؤلات. وهناك شبهات بقيام حزب الله بتهريب بعض المواد الغذائية مثل السكر والطحين إلى سوريا، ما يتسبب في حرمان اللبنانيين من هذه المواد الأولية التي يعرضها أصلا في متاجره.
استعداد للانهيار
مصدر لبناني مطلع قال لوكالة "الأناضول" التركية، إن "حزب الله" اتخذ عدة إجراءات لدعم حاضنته الشعبية استعدادا لأي انهيار إضافي في اقتصاد البلاد، في وقت رأت مسؤولة حكومية بارزة أن ذلك يعد جزءا من التضامن الاجتماعي في ظل الأزمة التي تشهدها البلاد.
وأضاف المصدر مفضلا عدم نشر اسمه لاعتبارات أمنية، أن أبرز تلك الإجراءات التي اتخذها الحزب هي تأمين المواد الغذائية بأسعار مخفّضة بواسطة عدد من المتاجر، وقد يصل الأمر لاحقاً إلى تأمين الدواء والمواد البترولية من إيران في حال انقطاع تلك المواد.
تقويض مفهوم الدولة
الصحافي منير ربيع حذر من مخاطر هذا المشروع في بلد يزداد فيه غياب الدولة يوما بعد يوم، وأوضح أن "قول حزب الله لأنصاره بأنه لا داعي لانتظار أي دعم من الدولة أو الجمعيات، أمر خطير". فهذا يعني "أنه لا وجود للدولة أساسا" وأن "الحزب يقوض مفهوم الدولة في عقول الناس".
ويضيف منير ربيع، لقناة "فرانس 24"، أن هذه المبادرة دليل على "رغبة حزب الله لضمان نوع من الاستقرار لدى المجموعة الشيعية ومنع أي حركة احتجاج أو ثورة".
ويتابع "حزب الله دائما يسعى لتفادي أي غضب يكون سببه الجوع"، مؤكدا أن الحزب "يعمل على المدى الطويل إذ إنه يعلم بأن تجاوز الأزمة الحالية لن يكون قريبا".
ويرى منير ربيع بأن "حزب الله يعمل على ضمان برنامج شامل للمساعدات الاجتماعية في المستقبل، مركزا على تطوير الرعاية الصحية".
وحسب الصحافي فإن حزب الله يعتبر نفسه "ضحية مؤامرة دبرتها الولايات المتحدة لأجل التخلص منه"، وبالتالي "رده هو أن أتباعه لن يتعرضوا للجوع إذ لديه دوائر تزويد خاصة تمر عبر إيران وسوريا والعراق".
ولا يختلف آدم (اسم مستعار) عن منير ربيع، فهذا المصور الفوتوغرافي البالغ 40 عاما والقاطن بقرية سنية في جنوب لبنان يعتبر أن "حزب الله يسعى للسيطرة على قاعدته الشعبية بشتى الوسائل".
ويضيف "بطاقة السجاد تعكس الجانب المؤسساتي للحزب، فرسالته أنه قادر على استخلاف الدولة وهو حقيقة أخذ مكانها. فلبنان اليوم مجرد مقاطعة ضمن دولة حزب الله".
ويختم آدم بالقول إن "حزب الله يسعى لفرض نفسه لدى الشارع الشيعي ملجأ وحيدا أمام الأزمة، وذلك من خلال سلسة متاجره وأسعارها المخفضة".
انهيار لبنان
وانهارت العملة اللبنانية مع نفاد الدولار في البلاد، وعدم وجود أي خطة إنقاذ للدولة في الأفق، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400%.
وعكست مشاهد تداولها ناشطون الأسبوع الجاري، حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، فبات الناس يتشاجرون ويضربون بعضهم في سبيل تحصيل عبوة من الزيت المدعوم.
وأسفر شجار حول مساعدات غذائية هذا الأسبوع عن مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين.
معركة اقتصادية
ووفقا لمصادر لبنانية، من شأن خطة حزب الله أن تساعد على حماية مجتمعاته، ليس فقط الأعضاء ولكن أيضا السكان الشيعة في المناطق التي لدى الحزب نفوذ فيها، من أسوأ ما يمكن أن ينتج عن الأزمة، ويقول المحللون إن الخطة يمكن أن تساعد على احتواء أي اضطراب في قاعدة حزب الله الأساسية.
وبيّن أحد المصادر، وهو مسؤول كبير، لوكالة "رويترز"، أن "الاستعدادات بدأت للمرحلة المقبلة، إنها بالفعل خطة معركة اقتصادية".
وقالت المصادر، إن "بطاقة حزب الله التموينية الجديدة تساعد بالفعل مئات الأشخاص على شراء السلع الأساسية بالليرة اللبنانية، وهي عبارة عن مواد إيرانية ولبنانية وسورية بسعر أرخص إلى حد كبير وبخصم يصل إلى 40٪ بدعم من الحزب".
ويمكن استخدام البطاقة، التي تحمل اسم إمام شيعي، في تعاونيات بعضها جديد في ضواحي بيروت الجنوبية وأجزاء من جنوب لبنان حيث نفوذ حزب الله.
ولم تتطرق المصادر إلى تفاصيل الميزانية أو المستفيدين.
ويحصل حزب الله اللبناني على الدعم من إيران، ويصفه منتقدوه بأنه خلق في لبنان "دولة داخل دولة"، وأصبح الحزب أكثر انخراطا في شؤون الدولة اللبنانية في السنوات الأخيرة.
وشددت واشنطن، التي تعتبر حزب الله منظمة إرهابية، العقوبات لخنق مصادر تمويله، بما في ذلك ما تقدره بمئات الملايين من الدولارات من طهران كل عام.
والتمويل الإيراني يجعل حزب الله في وضع أفضل من العديد من الأحزاب المتنوعة في البلاد، بما في ذلك أولئك الذين يعارضون ترسانته.
وبينما يعمل حزب الله على توزيع البطاقات التموينية، فإن الدولة، التي تئن تحت سياط الفساد والهدر والديون منذ عقود، تحدثت عن فكرة مثل هذه البطاقة للفقراء اللبنانيين لمدة عام تقريبا دون أن تتحرك.
إيران إنسايدر – (ريتا مارالله)