اعتبر خبراء أن اجتماع وفد من طالبان، مع مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، الشهر الماضي، في طهران، عبارة عن محاولة من قبل النظام الإيراني لزيادة نفوذه في المفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والحفاظ على نفوذه في السياسة الأفغانية، وفقاً لموقع "فويس أوف أمريكا".
واستضافت إيران وفدا من طالبان بقيادة نائب زعيمها الملا بردار لمدة أسبوع، قائلة إن ذلك "جزء من سياسة طهران للتواصل مع الأطراف الأفغانية في عملية السلام الأفغانية".
وطورت إيران علاقات أوثق مع الجماعة المتمردة في السنوات الأخيرة.
وقال كامران بخاري، مدير التطوير التحليلي في مركز السياسة العالمية، إن "إيران لديها حافز كبير في تنمية العلاقات مع طالبان"، لافتا إلى أن إيران تتطلع إلى زيادة نفوذها في المفاوضات مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
وأضاف "بعد أربع سنوات من الضغط الكبير الذي عاشته إيران في ظل إدارة ترامب، جاؤوا إلى طاولة المفاوضات مع إدارة بايدن من موقف ضعف نسبي، وهذا يعني أنهم بحاجة إلى كسب النفوذ".
ولفت بخارى إلى أن إيران تسعى لزيادة نفوذها، من خلال استغلال الوضع في أفغانستان، حيث تواجه الولايات المتحدة مشاكل وتبحث عن مخرج.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه مستعد لرفع العقوبات عن إيران إذا خفضت طهران تخصيب اليورانيوم إلى المستوى المتفق عليه في المعاهدة الدولية لعام 2015، والمعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
وأفادت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية أن إدارة بايدن، تعمل ليس فقط على معالجة برامج إيران النووية والصاروخية، ولكن أيضًا أنشطتها الإقليمية.
وقالت إيران إنها ستمتثل لخطة العمل الشاملة المشتركة بمجرد أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات عنها، ورفضت إجراء محادثات بشأن قضايا أمنية أوسع.
وانسحب ترامب من الاتفاق في مايو/آيار عام 2018، متهما إياها بالفشل في وقف برنامج إيران الصاروخي ونفوذها في المنطقة.
واتهم المسؤولون الأمريكيون والأفغان، إيران بتزويد طالبان بالمال والأسلحة والمتفجرات، وهو ما نفته إيران.
طالبان مختلفة
وقال أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن "النظام الإيراني يلتقي مع طالبان منذ عدة سنوات، لكنهم أصبحوا أكثر علنية"، مضيفا "ما فعلوه هذه المرة هو القيام بذلك علنا، اعترافا بحقيقة أن طالبان معترف بها دوليا الآن كلاعب".
بينما قال المسؤولون الإيرانيون "جماعة طالبان هذه مختلفة تماما عن التسعينيات"، قال فاتانكا إن "طهران لم تقنع الشعب الإيراني بعد بأنها تتعامل مع مجموعة أكثر تطورا مما كانت عليه قبل 20 عاما".
خلال الحرب الأهلية في أفغانستان، في التسعينيات، كان النظام الشيعي في إيران عدوا قويا لطالبان السنية المتطرفة، خاصة بعد أن قتلت طالبان تسعة دبلوماسيين إيرانيين في مزار شريف عام 1998، وقد رعت إيران القوات الأفغانية التي تقاتل ضد طالبان، ودعمت النظام السياسي الجديد بعد سقوط طالبان عام 2001.
وقال فاتانكا إن "الإيرانيين لا يريدون التخلف عن الركب لأن قوى إقليمية ودولية أخرى تعمل على تطوير العلاقات مع طالبان".
وأضاف "لذا فإن الإيرانيين لا يريدون استبعادهم من هذه المحادثة".
وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت حركة طالبان رحلاتها إلى دول المنطقة، وبالإضافة إلى إيران، حيث زارت وفودهم باكستان وروسيا وتركمانستان، للحصول بعلى دعم لتنفيذ اتفاق الولايات المتحدة وطالبان، الموقع في فبراير 2020.
ونص الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان على أن الولايات المتحدة ستسحب جميع قواتها من أفغانستان بحلول الأول من مايو/ أيار فقط إذا استوفت طالبان شروط قطع العلاقات مع القاعدة، والتوصل إلى اتفاق بشأن تقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية، وتقليل العنف في أفغانستان.
وقالت الإدارة الأمريكية الجديدة إنها تراجع الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، لمعرفة ما إذا كانت طالبان قد استوفت الشروط المنصوص عليها في الاتفاقية، لكن طالبان قالت إنها تتوقع من الإدارة الأمريكية الجديدة أن تحترم التزامات ترامب الأفغانية.
وألقت الحكومة الأفغانية باللوم على طالبان في زيادة مستوى العنف في البلاد وتعثر المحادثات بين الأفغان.
لم يتم الإبلاغ عن أي تقدم في الجولة الثانية من مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان التي بدأت في 5 كانون الثاني/ يناير في الدوحة.
واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن طالبان "جزء من الواقع" في أفغانستان، إذ أبلغ وفد طالبان أن إيران مستعدة للتوسط في محادثات السلام المتوقفة.
مستقبل أفغانستان
قال كولين كلارك، وهو زميل في مركز صوفان، المتخصص بإجراء أبحاث أمنية عالمية، إن "الولايات المتحدة ستنسحب، ودول المنطقة تستعد لما سيحدث بعد ذلك".
وأضاف كلارك أنه "من خلال إقامة علاقات أوثق مع طالبان ، فإن النظام الإيراني يبحث عن طرق مختلفة لممارسة نفوذه، وأن يكون له دور أكبر في سياسة أفغانستان".
كانت إيران لاعبا رئيسيا في الصراع المستمر منذ عقود في أفغانستان، حيث تشترك الدولتان في حدود طويلة، حوالي 920 كيلومترا، كما حوالي 3 ملايين أفغاني يعيشون في إيران.
وأشاد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، في تغريدة بتاريخ 27 كانون الثاني / يناير، بعد لقائه وفد طالبان مشيدا بجهود طالبان لـ "تصميمهم" في معركتهم ضد الولايات المتحدة.
وردا على تغريدة شمخاني، قال رئيس الأركان العامة الأفغاني الجنرال محمد ياسين ضياء، في إشارة إلى تصاعد العنف في الأشهر الأخيرة، "إن جماعة طالبان تقاتل ضد شعب أفغانستان، وليس ضد الولايات المتحدة".
وقال نجيب آزاد المحلل السياسي المقيم في كابول لموقع "فويس أوف أمريكا"، إن "تصريحات شماخاني تظهر أنه لا يوجد إجماع إقليمي حول عملية السلام الأفغانية، ومن المحتمل أن تخرب عملية السلام".
وأضاف أن "الإدارة الأمريكية الجديدة يجب أن تولي اهتماما جادا للديناميكيات الإقليمية للصراع في أفغانستان".
إيران انسايدر – (ترجمة فتحية عبدلله)