كشف تقرير نشره "معهد واشنطن"، أمس الأربعاء، أن نظام الأسد فشل في استعادة السيادة الكاملة على سوريا، حيث تنازل عن السيطرة على حدوده ومجاله الجوي لجهات أجنبية، لافتاً إلى أن الأسد استسلم بشكل أساسي لوجود محدود، ولكنه دائم على المدى الطويل.
وأشار التقرير، الذي ترجمه إيران إنسايدر، إلى أن الوضع على الحدود السورية لم يتغير طوال العامين الماضيين، فما زالت الأجندة الغربية تستبعد أي حل دولي، حيث تعارض روسيا وشركاؤها في "عملية أستانا"، إيران وتركيا، أي جهود رسمية لتقسيم البلاد أو ترسيخ وجود كيان كردي منفصل في الشمال.
علاوة على ذلك، فإن المشاكل التي أعقبت تقسيم السودان، قد أعطت صانعي السياسة الغربيين شكوكًا جدية حول جدوى مثل هذا الحل لسوريا.
ومع ذلك، لم تمنع أي من هذه الاحتمالات الدولية المجهضة القوى الخارجية من تقسيم البلاد بشكل غير رسمي إلى مناطق نفوذ متعددة والسيطرة من جانب واحد على معظم حدودها، وبالتالي حرمان نظام الأسد من أداة رئيسية للسيادة.
الحدود تحكي قصة السيادة الحقيقية
وأكد التقرير استراتيجية النظام لمكافحة الثوار قد أثمرت داخل البلاد، حيث تسيطر قوات بشار الأسد الآن على ثلثي الأراضي السورية، بما في ذلك جميع المدن الرئيسية (دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودرعا ودير الزور)، بالإضافة إلى 12 مليون شخص، حيث يقدر عدد سكان سوريا المقيمين بـ17 مليون (ما زال 7 ملايين سوري يعيشون في الخارج كلاجئين)، ما يشير إلى تحول كامل عما كان عليه الوضع في ربيع 2013، عندما كانت قوات الأسد تسيطر على خُمس البلاد فقط.
ومع ذلك، فإن الحدود التي تعتبر رمز السيادة بامتياز، يسيطر جيش الأسد على 15% فقط من تلك الحدود البرية، ويتقاسم الغرب والجنوب جهات أجنبية.
وبين التقرير أن حزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى المدعومة من إيران، تسيطر حالياً على حوالي 20 بالمائة من حدود البلاد، على الرغم من أن سلطات الجمارك السورية هي المسؤولة رسمياً عن المعابر مع العراق (البوكمال) والأردن (نصيب) ولبنان (العريضة والجديدة والجزية والدبوسية)، فإن الحقيقة هي أن السيطرة الحقيقية تكمن في أماكن أخرى.
ويحتل حزب الله الحدود اللبنانية، وأقام قواعده على الجانب السوري (الزبداني والقصير)، التي يسيطر منها على منطقة القلمون الجبلية. وبالمثل، تدير الميليشيات الشيعية العراقية جانبي حدودها من البوكمال إلى التنف.
وتمتد قبضة القوات الموالية لإيران أيضًا إلى العديد من المطارات العسكرية السورية، والتي غالبًا ما تكون بمثابة أوعية للأسلحة الإيرانية الموجهة إلى حزب الله ومرتفعات الجولان، على خط المواجهة مع إسرائيل، ويكشف هذا الوضع عن اندماج سوريا الكامل في المحور الإيراني.
وبعد استعادة الجنوب السوري في حزيران/ يونيو 2018، عاد جيش الأسد إلى الحدود الأردنية، وأعاد فتح معبر نصيب وسط ضجة كبيرة، لكن حركة المرور لا تزال محدودة جدا لليوم، ووجود الجيش في محافظة درعا سطحي، ولإخماد المقاومة المتنامية في المنطقة بسرعة، اضطر النظام إلى توقيع اتفاقيات مصالحة بوساطة روسية، تاركًا الفصائل المعارضة المحلية تتمتع باستقلالية مؤقتة وحق الاحتفاظ بالأسلحة الخفيفة.
وحافظ المعارضون السابقون أيضًا على روابط قوية عبر الحدود عبر الحدود الأردنية، مما يمنحهم مصدرًا محتملاً للدعم اللوجستي في حالة نشوب صراع جديد (ودخل تهريب مربح للغاية في هذه الأثناء).
الشمال: وكلاء تركيا والقوات الروسية في عام 2013، بدأت تركيا في بناء جدار حدودي في منطقة القامشلي، معقل الأكراد السوريين، ومنذ ذلك الحين وسعت هذا الحاجز على طول الحدود الشمالية بأكملها، بهدف منع التسلل لعناصر حزب العمال الكردستاني (PKK)، وهي جماعة تعتبرها أنقرة عدوها الداخلي الرئيسي والمنظمة الأم للفصائل الكردية التي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال سوريا.
وكان الهدف الآخر لبناء الحاجز منع تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى تركيا، حيث يتم بالفعل استضافة 3.6 مليون سوري في تركيا، ولا تزال المعابر الفردية ممكنة عبر الأنفاق، لكن الشرطة التركية توقف معظم هؤلاء المهاجرين وتعيدهم إلى سوريا.
وفي الواقع، الجزء الوحيد من الحدود الشمالية الخاضعة لسيطرة الأسد هو معبر كسب شمال اللاذقية، وحتى هذا تم إغلاقه من الجانب التركي منذ عام 2012.
ومن كسب إلى أقصى الحدود الشرقية، يتم السيطرة على الحدود السورية على النحو الآتي: التركمان الموالون لتركيا يسيطرون على خربة الجوز. هيئة تحرير الشام تسيطر على المنطقة بين جسر الشغور وباب الهوى. "الجيش الوطني السوري" يسيطرون حتى نهر الفرات، الجيش الروسي وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد يسيطرون على عين العرب. الجيش الوطني السوري يسيطر على المنطقة بين تل أبيض ورأس العين، الجيش الروسي وقوات سوريا الديمقراطية (SDF) يسيطران على المنطقة من رأس العين حتى نهر دجلة.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، شنت تركيا هجومًا عبر الحدود في الشمال، ما دفع القوات الأمريكية إلى الانسحاب من معظم الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في شمال وشرق سوريا، وبعدها سيطرت روسيا على مناطق الاتصال بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا ومناصريها في الجيش الوطني السوري، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في سوتشي في نفس الشهر.
وحلت الدوريات الروسية التركية محل الدوريات الأمريكية التركية على خطوط التماس لضمان انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من منطقة الحدود التركية.
وعلى الرغم من أن قوات الأسد قد طُلب منها نشر بضع مئات من القوات على طول تلك الحدود، إلا أن وجودها رمزي، ومنذ ذلك الحين، انطلقت الدوريات الروسية باتجاه الشرق، في محاولة لإنشاء موقع في المالكية (ديريك)، والسيطرة على المعبر مع العراق في سيمالكا / بيشخابور، وهو طريق الإمداد البري الوحيد المتاح للقوات الأمريكية في شمال شرق سوريا.
وبالإضافة إلى تنازل نظام الأسد عن معظم حدوده البرية لروسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة، فقد فشل أيضًا في إعادة بسط سيطرته على سماء سوريا ومياهها الإقليمية.
وتخضع مناطقها البحرية للمراقبة من قبل قوات من القاعدة الروسية في طرطوس، ويتم التحكم في معظم مجالها الجوي من القاعدة الروسية في حميميم.
وتعتمد إيران على الأصول الجوية لموسكو للحماية من الضربات الإسرائيلية، وهي ضمانة محدودة في أحسن الأحوال، لأن روسيا لا تحمي أنشطة طهران الأكثر استفزازًا، مثل نقل الصواريخ إلى حزب الله أو تعزيز مواقعها في الجولان.
أما الولايات المتحدة فتحتفظ بممر جوي بين نهر الخابور والحدود العراقية، حيث توجد آخر قواتها البرية.
إيران انسايدر - (ترجمة هشام حسين)