ضربت أربعة انفجارات مقرات ومستودعات سلاح لـ"الحشد الشعبي" في العراق، خلال الشهرين الماضيين، كان آخرها استهداف مخزن سلاح في قاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين (وسط العراق)، تتشارك فيه مليشيات "كتائب حزب الله" و"جند الإمام".
وضرب انفجار مخزن سلاح لميليشيا "حزب الله"، أبرز فصائل "الحشد الشعبي" المدعوم من إيران، في قاعدة بلد الجوية.
وقالت مصادر إعلامية محلية أن الانفجار نجم عنه مقتل وجرح عدد من عناصر ميليشيا "حزب الله".
وأضافت أن عددا من الصواريخ استهدفت مخازن الأسلحة، في الوقت الذي ترجح فيه مصادر أن الاستهداف ناجم عن طائرة مسيرة.
انفجار بغداد
قالت السلطات العراقية، يوم الاثنين 12 آب/أغسطس، إن حريقا كبيرا اندلع في مخزن أسلحة يديره فصيل عراقي مسلح بميليشيات "الحشد الشعبي"، مما تسبب في وقوع انفجارات سمع دويها في أنحاء من العاصمة بغداد، وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة 29 آخرين.
ويقع المخزن -الذي يديره فصيل مسلح تحت قيادة ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران- داخل مقر للشرطة الاتحادية في الضواحي الجنوبية لبغداد.
وقال مصدر أمني، إن صواريخ قصيرة المدى وصواريخ كاتيوشا كانت موجودة بالمخزن.
وقال قاسم العتابي، وهو متحدث باسم مديرية الصحة بالمنطقة، إن الحريق تسبب في إطلاق بعض الصواريخ التي سقطت في أحياء على بعد كيلومترات وأصابت 14 شخصا معظمهم أطفال.
انفجاران سابقان
وشهد كل من معسكر أشرف (شرق بغداد) الذي توجد فيه ميليشيا "بدر"، ومعسكر "الشهداء" في قضاء آمرلي بمحافظة صلاح الدين، والذي توجد فيه ميليشيا "كتائب حزب الله العراق"، شهدا وقوع انفجارات قالت مصادر إنها ناجمة عن قصف جوي من طيران مجهول وأوقع قتلى وجرحى بينهم خبير إيراني يدعى "أبو الفضل سرابيان" أعلنت طهران تشييعه يوم 26 تموز الماضي وقالت أنه قتل في معسكر الشهداء في آمرلي بالعراق يوم 19 تموز.
وفي الروايتين السابقتين، قالت قيادة ميليشيات "الحشد الشعبي" إن الانفجارات ناجمة عن انفجار مستودعات أسلحة، في محاولة لنفي القصف عليها.
اتهامات لأمريكا
وحمّلت فصائل "الحشد الشعبي" المدعومة من إيران، يوم الأربعاء 21 آب/أغسطس، الولايات المتحدة مسؤولية استهداف مقراتها التي شهدت أربعة منها مؤخرا انفجارات كبيرة لفها الغموض، وأكدت وجود معلومات وخرائط وتسجيلات عن جميع أنواع الطائرات الأميركية ومواعيد إقلاعها وهبوطها وعدد ساعات طيرانها في العراق.
وقال الحشد الشعبي -في بيان مذيل بتوقيع نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس- "نعلن أن المسؤول الأول والأخير عما حدث هو القوات الأميركية، وسنحمّلها مسؤولية ما يحدث اعتبارا من هذا اليوم".
وهدد بأنه أمام هذه التطورات ليس لديه "أي خيار سوى الدفاع عن النفس وعن مقراتنا بأسلحتنا الموجودة حاليا واستخدام أسلحة أكثر تطورا"، مؤكدا أنه انتظر فترة "لحين إكمال جميع تحقيقاتنا بدقة حول الموضوع".
وقدم الحشد الشعبي في بيانه بعض التفاصيل المتعلقة باستهداف مقراته خلال الفترات الأخيرة. وقال إن بحوزته معلومات دقيقة ومؤكدة تفيد بأن الأميركيين قاموا خلال العام الجاري بإدخال أربع طائرات مسيرة إسرائيلية عن طريق أذربيجان لتعمل ضمن أسطول القوات الأميركية على تنفيذ طلعات جوية تستهدف مقرات عسكرية عراقية.
وقال الحشد إن القوات الأميركية تسيطر على الأجواء العراقية عن طريق استغلال رخصة الاستطلاع، وتستخدم الأجواء المحلية لأغراض مدنية وعسكرية، واتهمها بالتشويش على أي طيران آخر، بما في ذلك طيران قوات الجيش، في حين تسمح لطائرات إسرائيلية وأميركية بتنفيذ الاعتداءات المتكررة.
وكشف عن أن لديهم أيضا معلومات أخرى وخرائط وتسجيلات عن جميع أنواع الطائرات الأميركية؛ "متى أقلعت ومتى هبطت وعدد ساعات طيرانها في العراق".
وأضاف البيان أن القوات الأميركية "قامت مؤخرا باستطلاع مقراتنا بدل تعقبها داعش، وجمعت المعلومات والبيانات التي تخص ألوية الهيئة ومخازن أعتدتها وأسلحتها".
وأوضح أنهم أبلغوا قيادة العمليات المشتركة "بأننا سنعتبر أي طيران أجنبي سيحلق فوق مقراتنا دون علم الحكومة العراقية طيرانا معاديا، وسنتعامل معه وفق هذا المنطلق، وسنستخدم كل أساليب الردع للحيلولة دون الاعتداء على مقراتنا".
وأكد أن عمليات الاستهداف لم تقتصر فقط على العمليات التي استهدفت مقرات الحشد الشعبي، بل هناك عمليات استهداف أخرى كانت تجري تارة "من خلال الطعن في شخصيات جهادية ووطنية من مختلف الأطياف بواسطة حملات تسقيط إعلامية مصحوبة بوضع أسماء على قائمة الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية".
بدوره، علّق زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي على بيان الحشد بتغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بقوله إن "بيان الحشد وضع النقاط فوق الحروف.. على كل من يريد استهداف أمن العراق مرة أخرى أن يحذر فالعراق لم يعد كما كان فهو يمتلك القدرة الكاملة للدفاع عن نفسه".
هجوم على الحكومة
بدوره، علّق نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي على عمليات القصف المتواصلة على مقرات ومعسكرات الحشد الشعبي، بالقول "حكومة لا تملك القدرة على الرد أو حتى تستطيع الإعلان عن حقيقة الموقف والضربات التي تتعرض لها البلاد".
وقال معلقا على الاستهداف الرابع لمعسكرات فصائل مسلحة مدعومة من إيران في العراق، "إذا كنا لغاية الساعة لا نعرف مصادر انفجارات مخازن الأسلحة لمعسكر الصقر وقاعدة بلد فهذا يعني أننا أضعف من الرد عليها".
وأضاف في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر" إن "المتصديين للعمل السياسي يعرفون ذلك، بل هم مبلغون بما حدث لكنهم يخشون التصريح والإعلان".
ووجه في تغريدته رسالة وتلميحات سياسية عن ضعف موقف القائمين على الحكومة العراقية، نتيجة الخلافات والانقسامات، بقوله "ما أضعفكم.. إن تفرقنا سبب ضعفنا وخضوعنا".
تلميحات إسرائيلية
بدوره، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مسؤولية إسرائيل عن الغارات التي شُنت مؤخرا على مواقع تابعة للحشد الشعبي في العراق.
ونقل موقع "تايمز أوف إسرائيل" عن نتنياهو قوله للصحفيين خلال زيارة إلى أوكرانيا، يوم الاثنين 19 آب، "ليس لإيران حصانة في أي مكان"، مؤكدا أن أيدي إسرائيل طويلة وستتحرك ضدها أينما تستدعي الحاجة.
وأشار إلى أن الإيرانيين يواصلون التهديد بالقضاء على إسرائيل ويبنون قواعد عسكرية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط لتحقيق هذا الهدف، معتبرا أن الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 ساعد إيران على تصعيد ما وصفه بعدوانها المتزايد، وأضاف "سنتصرف ضدهم أينما كان ذلك ضروريا، ونحن نتصرف حاليا بالفعل".
بنك أهداف
وقالت مصادر إعلامية إن إسرائيل تقف وراء عمليات قصف معسكرات الفصائل المسلحة في العراق.
وأضافت إن إسرائيل وضعت منذ تموز الماضي الخريطة الجغرافية العراقية ضمن دائرة الاستهداف؛ للقضاء على التمركز الإيراني العسكري في الداخل العراقي.
ونوهت أن إسرائيل تهدف إلى منع تخزين الأسلحة والذخيرة والصواريخ الباليستية الإيرانية في العراق حتى لا يتم نقلها برا وجوا إلى سوريا وحزب الله في لبنان.
وأشارت إلى أن الهدف الثاني من القصف هو منع نصب منصات صواريخ إيرانية في الأراضي العراقية من شأنها تهديد الأمن القومي الإسرائيلي.
بينما الهدف الثالث من الغارات الجوية الإسرائيلية، بحسب المصادر، يتضمن تدمير معامل عسكرية إيرانية لتطوير الصواريخ وإيقاف محاولات زيادة مداها وقدرتها التدميرية.
وأكدت المصادر أن إسرائيل اتخذت قرارها بتدمير المنشآت والمواقع التي تتعامل مع إيران في العراق تماما مثلما تفعل في سوريا.
رد عراقي
من جانبها، قررت الحكومة العراقية، يوم الخميس 15 آب/أغسطس، إلغاء الموافقات الخاصة بالطيران في أجواء العراق.
وقال رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، انه رفض منح الموافقات الخاصة بالطيران التي تشمل الاستطلاع المسلح والطائرات المقاتلة والمروحية والمسيرة بكل أنواعها لجميع الجهات، وحصر الموافقات بيده باعتباره القائد العام للقوات المسلحة حصرا أو من يخوله أصوليا.
ودعا جميع الجهات الالتزام التام بذلك، وأن أي حركة طيران تخالف القرار تعتبر طيرانا معاديا يتم التعامل معه فورا.
البنتاغون ينفي والتحالف يستجيب
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، يوم الأربعاء 21 آب/أغسطس، عدم صلتها بأية تفجيرات أو عمليات استهداف لمخازن السلاح والمعسكرات في العراق مؤخرا.
وكان أعلن التحالف الدولي في العراق، يوم الجمعة 16 آب/أغسطس، امتثاله لتوجيهات حكومة بغداد بمنع تسيير الطائرات ذات المهام العسكرية الخاصة بأجواء البلاد، إلا بإذن من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وامتثالا لذلك، ذكر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، أن "قياديين كبارا منه التقوا مسؤولين من وزارة الدفاع العراقية، لمناقشة توجيهات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بشأن حركة طيران التحالف".
وأضاف التحالف في بيانه، أنه "كضيف ضمن الحدود السيادية للعراق، يمتثل لجميع القوانين والتوجيهات من حكومة العراق، وسيمتثل على الفور لجميع التوجيهات الواردة من شركائنا العراقيين أثناء قيامهم بتنفيذ أمر رئيس الوزراء".
تحركات للحشد
وقالت مصادر، إن عددا من ميليشيات "الحشد الشعبي" في العراق استنفرت قواتها، وبدأت بنقل المعدات العسكرية، وإجراء عمليات التمويه في معسكراتها ومقراتها، خشية استهدافها من قبل إسرائيل، بعد الغارتين اللتين استهدفتا معسكرين للحشد خلال الأسبوعين الماضيين.
وأضافت المصادر إن الفصائل التي استنفرت قواتها هي "ميليشيا بدر، وكتائب حزب الله، وكتائب حركة النجباء، وسيد الشهداء، والإمام علي".
وأشارت إلى أن الميليشيات نقلت بعض المقرات، وموهت عددا من المواقع، وأمنت مخازن الأسلحة، في كل من الأنبار وصلاح الدين وبغداد وكربلاء.
وعممت "هيئة الحشد الشعبي" -التي يتزعمها فالح الفياض- بيانا سريا إلى وحداتها بعدم الحديث عن أي من الاستهدافات السابقة أو المستقبلية لمعسكرات الحشد عبر وسائل الإعلام.
المصدر: إيران إنسايدر