دعا عضو في البرلمان الإيراني محمود صادقي، يوم السبت، وزير الاستخبارات الإيرانية محمود علوي، إلى المثول أمام البرلمان، والإجابة عن تصريحات رجل الأعمال مازيار إبراهيمي، حول انتزاع الاعترافات منه بالقوة بشأن قضية اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين.
ونشر صادقي وهو برلماني إصلاحي بارز، صورة من "مسودة الأسئلة" على حسابه في "تويتر"، مطالبا وزير الاستخبارات الإيراني بالإجابة عن سبب الإفراج عن إبراهيمي بعد بث اعترافاته في الإذاعة والتلفزيون.
وسأل صادقي، وزير الاستخبارات محمود علوي عن صحة تصريحات إبراهيمي حول "انتزاع اعترافاته تحت التعذيب".
تصريحات إبراهيمي
وكشف رجل الأعمال الإيراني مزيار إبراهيمي أنه كان اعتقل وعُذب من قبل وزارة الاستخبارات الإيرانية عام 2012 ليعترف تحت التهديد بالتورط في تدمير مصنع صواريخ للحرس الثوري الإيراني واغتيال علماء نوويين إيرانيين لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، وعن تفاصيل القضية، وكيفية نجاته من الإعدام والعشرات مثله بأعجوبة، من الاتهام والإفراج عنه لاحقا، بعد تبين أن الاعترافات ملفقة من طرف أجنحة فاسدة في الاستخبارات تريد تضخيم عملها.
وتحدث مازيار إبراهيمي -الذي يعيش منذ أشهر في ألمانيا- في وثائقي نشرته قناة "بي بي سي"، عن قضيته وكيفية نجاته من حبل المشنقة نتيجة لتضارب في تقارير لأجهزة الاستخبارات الإيرانية.
وكان إبراهيمي ظهر في اعترافات تلفزيونية على شاشة القناة الإيرانية الأولى عام 2012، مع 12 شخصا آخر تحدثوا عن تجنيدهم من قبل إسرائيل لاغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، ما أدى إلى إصدار عقوبة الإعدام ضدهم.
تدريبات في إسرائيل
وقال ابراهيمي والآخرون خلال الاعترافات إنهم تلقوا تدريبات في إسرائيل قبل العودة إلى إيران واغتالوا وفقا لخطط معقدة العلماء النوويين.
وكشف أن السيناريو كان مكتوباً من قبل عناصر وزارة الاستخبارات وقد تم إجبارهم على قراءة ما هو مدون حرفياً.
وكان مازيار إبراهيمي يهتز خلال المقابلة بشكل واضح بعد كل هذه السنوات، ويقول إنه وافق على الإدلاء بالاعترافات القسرية بعد تعذيبه دون توقف لمدة 40 يوما وليلة.
تعذيب لـ7 أشهر
يقول إبراهيمي "كان المحققون يجلدون قدمي بسلك كهرباء غليظ. وقد كسروا قدمي. واستمر الضرب 7 أشهر".
وقبل اعتقاله من قبل وزارة الاستخبارات، كان إبراهيمي رجل أعمال ناجح يملك ويدير شركات بينها شركة متخصصة في إعداد استوديوهات التلفزيون، وسافر كثيرا في الخارج لهذا الغرض. ويعتقد أن أحد منافسيه اتهمه كذبا بالتجسس لصالح جهة أجنبية.
ومن ثم تم اعتقاله مع أكثر من 100 شخص متهمين بالتجسس، وتم اتهامه لاحقا بالتورط في اغتيال أربعة علماء نوويين إيرانيين ما بين عامي 2010 و2012، حيث كانت أجهزة الاستخبارات الإيرانية في عهد حكومة محمود أحمدي نجاد، تتعرض لضغوط سياسية هائلة للعثور على الفاعلين.
قبول التهمة
وقال إبراهيمي إنه كان مستعدا لقبول أي تهمة مقابل وقف التعذيب المستمر، لكن على الرغم من "اعترافه"، فقد أراد المحققون المزيد، حيث طلبوا منه أن يعترف أيضا بتدبير تفجير ضخم وقع عام 2011 لمصنع صواريخ تابع للحرس الثوري الإيراني بمنطقة ملارد، والذي قتل خلاله العشرات من خبراء الصواريخ.
وأضاف أن "المحقق الخاص بي قال إن زملاءنا في الحرس الثوري الإيراني سيطرحون عليك بعض الأسئلة، وأنت تتحدث فقط عن الانفجار، وتقول فقط ما قيل لك بالضبط".
وخلال الاستجواب، اكتشفت استخبارات الحرس الثوري أن ابراهيمي اعترف أيضا بقتل العلماء النوويين، بالإضافة إلى التفجير، عندما قدم معلومات مغلوطة، حيث قال إنه لم يصب بأذى خلال التفجير وهو على مسافة قريبة من مكان الحادث بينما قال له المحقق بغضب إنه "كيف لم يصب وقد أدى الانفجار إلى تدمير كل شيء بمدى 25 كيلومترا وقد قُتل 177 شخصا بالمصنع؟".
يقول مازيار إن "استجوابه من جانب ضابط استخبارات بعد نحو 7 أشهر من اعتقاله أول مرة هو الذي أنقذه"، ويتذكر أن الضابط استشاط غضبا لدى اكتشافه تناقضات شابت الشهادة "التي فبركتها وزارة الاستخبارات".
وفجأة توقف سيل التعذيب، بل واعتذرت وزارة الاستخبارات لمازيار وآخرين واجهوا الاتهامات نفسها. ولكن مازيار وسجناء آخرين ظلوا قيد الاعتقال لـ26 شهرا آخر ولم يُطلق سراحه إلا في 2015.
تسريبات ويكيليكس
ويقول الخبير النووي والأمني الإيراني المقيم في بون، مهدي مهدوي آزاد، إن "أجهزة الاستخبارات الإيرانية المتنافسة كانت تلفق قضايا وترغم أبرياء على الاعتراف باقتراف جرائم لم يقترفوها".
ويقول مهدي إن "السنوات القليلة الأخيرة شهدت تلفيق استخبارات الحرس الثوري الإيراني اتهامات بالتجسس لمفاوضين نوويين وعلماء بيئة، حتى أثبتت وزارة الاستخبارات في وقت لاحق أن القضايا ملفقة".
وبعد إطلاق سراحه، تقدم مازيار بشكوى ضد كل من وزارة الاستخبارات والتلفزيون الإيراني الرسمي والعديد من الصحف التي اتهمته باطلا بالتجسس لصالح إسرائيل.
ولكنه تراجع وسحب الشكوى بعد أن نصحه قاضي التحقيق بقبول التعويض، قائلا له: "قد يطعنك أحدهم في ظهرك في شارع مظلم. لا زلت شابا، فلا تغامر بحياتك".
وانتقل مازيار إلى ألمانيا قبل 6أشهر، طالبا اللجوء، لكنه حتى الآن يقول إنه لا يزال يعاني آلاما مبرحة تنتابه بين الحين والآخر، فضلا عن تحطم عموده الفقري.
إعدام أخر
ومن بين المعترفين بالتجسس لإسرائيل، واحد فقط هو الذي تلقى عقوبة الإعدام، بحسب مازيار. وأُعدم ماجد جمالي فاشي قبل شهرين من اعتقال مازيار.
وعرض تلفزيون إيران الرسمي ما قال إنه جواز سفر إسرائيلي يحمله ماجد. ويظهر من الصورة أن الوثيقة مزيفة.
ويُعتقد أن ماجد اعتقل على أثر تسريبات عن موقع ويكيليكس عام 2009 بشأن اجتماع في السفارة الأمريكية في باكو، عاصمة أذربيجان، حيث تحدث فاشي عن القمع في إيران.
المصدر: إيران إنسايدر