استهجن ناشطون عراقيون، تصريحات معاون زعيم "حركة النجباء" يوسف الناصري، التي دعا فيها لجعل "الحشد الشعبي" الجيش الأول في العراق، واصفا الجيش العراقي بـ"المرتزق".
ووصف الناصري الجيش العراقي في حديث تلفزيوني بث يوم الأربعاء بـ"المرتزق" وطالب بحله، وإسناد مهامه إلى "الحشد الشعبي".
وقال الناصري "أطالب بحل الجيش العراقي، وإعادة هيكلة القوات الأمنية، واعتبار الحشد الشعبي هو الجيش الأول، وليس الرديف، وتحويله إلى وزارة لحماية أمن العراق ومستقبله".
وأضاف "لسنا بحاجة إلى من يعطى الأموال ليكون جنديا في الجيش، وعندما تحصل حادثة يلقي بملابسه ويهرب، فهذا جيش مرتزق وليس وطنيا".
غضب شعبي
وعجت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بردود الفعل الغاضبة من تصريح معاون زعيم "حركة النجباء"، المنضوية تحت لواء "الحشد الشعبي"، وطالب المستخدمون بمحاسبته، معتبرين أن تصريحاته مهينة للجيش العراقي.
وقال الإعلامي حسام الطائي "معاون رئيس حركة النجباء الشيخ يوسف الناصري: الجيش العراقي مرتزق وليس أصيل ونطالب بحله وإسناد مهامه إلى الحشد الشعبي. ألا يعتبر هذا التصريح إهانة لمؤسسة عريقة مثل الجيش العراقي ويجب أن يحاسبه عليه قانونيا".
بدوره، قال يحيى رسول "إن الجيش العراقي الذي حقق النصر على داعش وفرض الأمن والاستقرار في بلدنا بالاشتراك مع إخوانه من الشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة والصنوف الأخرى، أسمى من أن يتم التجاوز عليه، سنحاسب وبشدة كل من يتطاول على جيش البطولات ولن نسمح بالتقليل من شأنه ومن تضحيات مقاتليه".
رد الحشد
ونتيجة للغضب الشعبي، أصدرت مديرية الإعلام في "الحشد الشعبي" بيانا، رفضت فيه الإساءة للقوات الأمنية و"الجيش العراقي"، داعية، وسائل الإعلام، إلى عدم استضافة أي شخص تحت صفة قيادي في "الحشد" أو التحدث باسمه بصفة قيادي.
الناصري يعاود الرد
وبعد الهجوم الذي تعرض له القيادي في "حركة النجباء" يوسف الناصري، أصدر بيانا بشأن تصريحاته، اتهم فيه من أسماهم، "جيوش السفارة الأميركية"، بتنظيم حملة ضده، كذلك نكر علاقته بحركة النجباء أو الحشد الشعبي أو أي فصيل آخر.
ردود سياسية
بدوره، اعتبر رئيس "تيار الحكمة" في العراق، عمار الحكيم، أن التطاول على "الجيش العراقي" أو الانتقاص منه؛ يمثل تطاولا على العراق.
وقال الحكيم، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)؛ "نقف وقفة الإجلال والإكبار لجيشنا الباسل الذي يمثل كل العراقيين بكل انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية والعرقية من دون تمييز".
وأضاف الحكيم أن المساس بهذا "الجيش المغوار أو التطاول عليه أو الانتقاص من تضحياته الجسام؛ يمثل تطاولا على العراق".
من جانبه، دعا رئيس الوزراء العراقي الأسبق، والنائب الحالي في البرلمان إياد علاوي، إلى حماية المؤسسة العسكرية من ما أسماهم "بعض الجهلة الذين لا يمتلكون الوعي السياسي والأمني اللازم".
وشدد على ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بـ"وضع حد لأي تطاول على جيشنا الباسل وبطولاته وتضحياته؛ مع الحشد المقاتل والشرطة الوطنية".
دمج الحشد بالجيش
وأعلن رئيس هيئة "الحشد الشعبي" في العراق فالح الفياض، يوم الثلاثاء 30 تموز الماضي، عن إغلاق المكاتب التابعة للحشد ومديرية التعبئة في كافة المحافظات العراقية، معربا عن ترحيبه بمرسوم رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بدمج الحشد مع الجيش العراقي.
وقال إن "القرار منصف وداعم لميليشيا الحشد".
وأضاف أنه بعد الهيكلة سيكون هناك إغلاق للمكاتب التابعة للحشد ومديرية التعبئة.
وأشار رئيس هيئة ميليشيات الحشد إلى أنه تمت إزالة الجزء الأكبر للمسميات التي تعمل باسم الحشد، كما أكد على أنه سيتم دمج الحشدين العشائري والشعبي باسم واحد؛ للتجانس أو التوحيد بأمر ديواني، حسب قوله.
وأوضح الفياض أنه سيتم منح سكن لجميع عناصر الحشد ثم استكمال إحصاء المناصب العسكرية، ومنح الرتب وحملها بصفة ضابط للمستحقين منهم.
وأكد الفياض أن "السلطات العراقية تحتاج إلى شهرين لإكمال عملية الدمج والتجانس، وإلغاء مكاتب ميليشيات الحشد في المحافظات"، مبينا أنه وجه رسالة أمس إلى رئيس الوزراء القائد العام للقوات العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي، بشأن تنفيذ الأمر الديواني بهذا الشأن.
وأضاف أن الهيئة أكدت في الرسالة أنها "أنجزت هيكلية منسجمة مع الأمر الديواني الذي أصدره رئيس الوزراء مطلع الشهر الحالي". كما شدد على متابعة الإجراءات لكل من يحاول انتحال صفة الحشد.
شرط الحشد
وأكدت مصادر لإيران إنسايدر، في الخامس عشر من شهر تموز الماضي، أن قيادات في "الحشد الشعبي" وافقت على مرسوم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي القاضي بدمج الحشد إلى الجيش العراقي، بشرط إبقاء تحركاته ومواقعه منفصلة عن الجيش.
وأضافت المصادر، أن قيادات الحشد تدرك أن دمجه إلى الجيش العراقي هو السبيل الوحيد لمواجهة العقوبات الأمريكية المحتملة لارتباطه الوثيق بالحرس الثوري الإيراني.
وقالت المصادر "يبدو أن تفعيل القرار الديواني لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي القاضي بدمج فصائل الحشد الشعبي إلى الجيش العراقي بات واقعا على الأرض".
وأضافت "دخل على الخط مباشرة للمرة الأولى منذ إصدار القرار نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وزار وزارة الدفاع للوقوف على آلية تطبيق القرار، وكيف سيكون وضع الفصائل ورتبها العسكرية ومواقعها".
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء الذي جمع المهندس بوزير الدفاع العراقي نجاح الشمري في مقر وزارة الدفاع الاثنين 15 تموز 2019، أظهر رغبة الحشد الشعبي في العمل باستقلال في حفظ الأمن ومحاربة داعش، ما يعني أن قوات الفصائل سترتدي زي الجيش العراق وتحصل على رتبه وامتيازاته لكنها ستحتفظ بتحركاتها ومواقعها التي ترغب في تأمينها تحت مظلة القوات المسلحة هربا من أي عقوبات أمريكية عليها".
مرسوم الدمج
وكان أصدر رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، قرارا بضم كافة تشكيلات "الحشد الشعبي" إلى القوات المسلحة العراقية، وإغلاق مقراتهم سواء داخل المدن أو خارجها، وقطع أي ارتباط لها مع أي تنظيم سياسي.
ويقضي مرسوم "عبد المهدي" بدمج الفصائل المسلحة في القوات النظامية. وأن تقطع كل الوحدات المسلحة أي ارتباط سياسي بأي تنظيم.
كما يمنع المرسوم، الفصائل المسلحة التي تختار العمل السياسي، من حمل السلاح.
ونص مرسوم القرار، الذي أصدره "عبد المهدي" على أن "تعمل جميع قوات الحشد الشعبي كجزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، وتسري عليها جميع ما يسري على القوات المسلحة عدا ما يرد به نص خاص، وتعمل هذه القوات بإمرة القائد العام للقوات المسلحة ووفق قانونها "…"؛ ويكون مسؤولا عنها رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يعينه القائد العام للقوات المسلحة".
وأضاف القرار "يتم التخلي نهائيا عن جميع المسميات التي عملت بها فصائل الحشد الشعبي في المعارك البطولية للقضاء على كيان "داعش"، وتستبدل بتسميات عسكرية، ويشمل ذلك الحشد العشائري أو أي تشكيلات أخرى محلية أو على صعيد وطني"، متابعا: "تقطع هذه الوحدات أفرادا وتشكيلات أي ارتباط سياسي أو أمري من التنظيمات السابقة المشار إليها".
كما نص القرار على إغلاق جميع المقرات التي تحمل اسم فصيل "الحشد الشعبي"، سواء في المدن أو خارجها، ومنع تواجد أي فضيل مسلح يعمل سرا أو علنا خارج هذا القرار، ويعتبر خارجا عن القانون ويلاحق بموجبه.
وحدد القرار تاريخ، 31 تموز/يوليو الجاري، موعدا نهائيا لوضع الترتيبات النهائية للانتهاء من العمل بموجب هذه الضوابط.
الحشد الشعبي
وتُعتبر ميليشيات الحشد الشعبي، إحدى أهم القوات غير النظامية التي شاركت الجيش العراقي في محاربة تنظيم "داعش"، ومتهمة بارتكاب جرائم حرب عقب دخولها "تكريت".
وفي 13 حزيران 2014؛ برزت ميليشيات الحشد الشعبي، بعد فتوى للمرجع الديني، آية الله علي السيستاني، بالجهاد الكفائي لتحرير العراق من تنظيم "داعش"، من خلال تشكيل ميليشيات من المتطوعين، فولدت ميليشيات "الحشد الشعبي"، وهي قوات شبه عسكرية تنتمي إلى المكون الشيعي في العراق.
وانتقدت المرجعية الدينية، في النجف، بما وصفته الحملة المسعورة ضد مقاتلي الحشد الشعبي.
ويبلغ عدد عناصر ميليشيات الحشد الشعبي نحو مئة ألف مقاتل، يتوزعون على 42 ميليشيا مسلّحة، 39 منها تتلقى دعما مباشرا من إيران، والأخرى من قبل الحكومة وشخصيات ومراجع دينية في البلاد.
وبحسب رئيس لجنة الأمن والدفاع في "مجلس محافظة بغداد"، فإن عدد أعضاء "الحشد الشعبي"، الملتزمة بالنظام العسكري، بلغ نحو 118 ألف متطوع.
وتنتشر تلك الميليشيات، وفقا للضابط العراقي، في مناطق متفرقة من العراق، وتذوب في كثير من الأحيان مع قوات الجيش العراقي، وترتدي ملابسه وتستخدم أسلحته ومعداته العسكرية والعربات الخاصة به.
ومن أبرز ميليشيات الحشد الشعبي: ميليشيا منظمة بدر؛ بقيادة، "هادي العامري"، وزير النقل السابق، وميليشيا عصائب أهل الحق؛ والتي يقودها، "قيس الخزعلي"، وميليشيا "جيش المختار"؛ بقيادة، "واثق البطاط"، وميليشيا حزب الله - العراق، وميليشيا حركة النجباء، وميليشيا سرايا السلام؛ بقيادة، "مقتدى الصدر"، وميليشيا كتائب سيد الشهداء؛ أمينها العام هو، "الحاج ولاء"، ومليشيا "سرايا الجهاد والبناء"؛ أمينها العام الحالي هو، "حسن الساري"، أحد قيادات "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"، بقيادة "عمار الحكيم"، وكتائب التيار الرسالي؛ التي تأسست كجناح عسكري للتيار الرسالي العراقي، أمينها العام هو النائب الشيخ، "عدنان الشحماني".
وكذلك هناك الكثير من الفصائل الصغيرة، منها "فيلق الوعد الصادق"، و"لواء أسد الله الغالب"، و"كتائب أنصار الحجة"، و"لواء القارعة"، و"سرايا الزهراء"، و"سرايا أنصار العقيدة"، و"كتائب الغضب"، و"حركة الأبدال"، و"لواء المنتظر"، و"كتائب درع الشيعة"، و"حزب الله الثائرون".
ويتقاضى كل عنصر في "الحشد الشعبي"، راتبا شهريا بمقدار500 دولار أمريكي، تدفعها الحكومة العراقية التي اشترطت على كل فصيل، ليحظى بالدعم المالي، أن يكون بحجم لواء ويتمتع بهيكلية واضحة. كما تتلقى فصائلهم الكثير من الدعم من رجال الأعمال التبعين لإيران في العراق.
كما يستلم عناصر الحشد مرتبات شهرية وبدل طعام، أما الإجازات التي يتمتع بها العنصر؛ فتحدد حسب القطاعات العسكرية التي يتبع لها والوضع الأمني فيها.
ويتولى "أبو مهدي المهندس"، رئاسة ميليشيات الحشد الشعبي، اليد اليمنى لقائد "فيلق القدس"، "قاسم سليماني".
وليس لـ "الحشد الشعبي" زي عسكري موحد؛ بل كل ميليشيا لها زيها العسكري الخاص، وهو ما يوضح أن كل قوى تدير عملياتها وفقًا لرؤيتها الميدانية، كما ليس لها شعار موحد؛ بل كل ميليشيا ترفع شعارها الخاص بها، وإن يغلب عليها الشعارات الخاصة بـ"الطائفة الشيعية"، "يا زهراء، يا حسين، يا كرار، يا زينب"، وغيرها من الشعارات التي تعتبر رمزا لطائفة بذاتها.
وتلعب المرجعية الدينية لكل فصيل سياسي دورا في تشكيله وتمويله وأيضا مدى جاهزيته العسكرية والقتالية، فأغلب الميليشيات في الحشد تدين بالولاء للمرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي.
كما هناك ميليشيات تدين بالولاء للمرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، وهناك من يدين للمرجع الديني، "صادق الحسيني الشيرازي"، وهو ما يؤدي إلى اختلاف في الولاءات ما بين الوطنية والفارسية.
ومن الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات "الحشد الشعبي"، وصورت بالفيديو، هي إعدام طفل بالرصاص في محافظة "ديالى" العراقية، وتظهر اللقطات كيف أعدم الطفل -الذي لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره- وهو موثوق اليدين وفي مكان مجهول بعد تعذيبه والسخرية منه من قِبل عدد كبير من عناصر ميليشيات الحشد.
وحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في أحدث تقرير لها، تصاعدت انتهاكات الميليشيات المتحالفة مع قوات الأمن العراقية في المناطق التي تقطنها غالبية سنية في الشهور الأخيرة، حيث تم إجبار السكان على ترك منازلهم، أو خطفهم، أو إعدامهم ميدانيا في كثير من الأحيان.
وتصنف الولايات المتحدة بعضا من الفصائل المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي بالعراق إرهابية من بينها حركة النجباء.
المصدر: إيران إنسايدر